وسيم سيف الدين
– أكد رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي اليوم الأربعاء أن الوطن في خطر، ولا شيء ينقذه سوى الوحدة والترفع عن الأنانيات والمصالح الشخصية.
وقال ميقاتي، في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت اليم ، “إننا نقف إلى جانب أهالي الضحايا في ما يطالبون به لجهة تحقيق العدالة وإظهار الحقيقة كاملة”.
وطالب ” الجميع بوجوب التعاون مع القضاء من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، وإنزال العقاب بجميع الذين كانت لهم يد في هذه الجريمة بحق الوطن والشعب”.
وتابع “في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت لا يسعني إلا أن أنحني أمام أرواح الضحايا الذين سقطوا في هذا اليوم المشؤوم من عمر الوطن”.
وتقرر أن يكون ذكرى انفجار مرفأ بيروت يوم حداد وطني، حيث عطلت الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات ونكست الأعلام بالإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، وعدلت البرامح العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع الذكرى الأليمة، تضامنا مع عائلات الضحايا .
يذكر أن انفجاراً هز مرفأ بيروت في الرابع آب/أغسطس 2020 بسبب انفجار كمية من نيترات الأمونيوم، ما أسفر عن تضرر عدد من شوارع العاصمة ومقتل أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 6 آلاف، وترك 300 ألف شخص بلا مأوى كما أدى الانفجار إلى تدمير 226 مدرسة و20 مركزاً للتدريب و32 حرماً جامعيا، ولم تكشف التحقيقات حتى اليوم كيفية حدوث الإنفجار .
ووجه المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ، القاضي طارق بيطار، في الثاني من تموز/يوليو الماضي كتاباً إلى مجلس النواب، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من الوزراء السابقين والنواب الحاليين ، وهم وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيدا للادعاء عليهم وملاحقتهم في ملف انفجار المرفأ، لكن المجلس النيابي لم يرفع الحصانات.
وطلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة، اللواء طوني صليبا، كمدع عليه، كما طلب الاذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، للإدعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته، ولم يعط المحقق العدلي أذونات الملاحقة .
من جهة ثانية هتف آلاف اللبنانيين الأربعاء مطالبين بالعدالة للضحايا ومحاسبة المسؤولين خلال إحيائهم ذكرى مرور عام على انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص وغيَّر وجه المدينة وفاقم انهياراً اقتصادياً ينهش البلاد.
وقالت ساندرا أبرص (37 عاماً) أثناء سيرها قرب المرفأ لوكالة فرانس برس “قررت المشاركة اليوم من أجل الذين تضرروا وتأذوا وماتوا”.
في الرابع من آب/أغسطس 2020، اندلع حريق في مرفأ بيروت تلاه عند الساعة السادسة وبضع دقائق (15,00 ت غ) انفجار هائل وصلت أصداؤه إلى جزيرة قبرص، وألحق دماراً ضخماً في المرفأ وأحياء في محيطه وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.
قتل الانفجار 214 شخصاً على الأقل بينهم موظفون في المرفأ وإهراءات القمح وعناصر من فوج اطفاء كانوا يحاولون إخماد الحريق، كما قضى أشخاص في منازلهم جراء الزجاج المتساقط وآخرون في سياراتهم أو في الطرق والمقاهي والمتاجر. ودفنت عائلات كثيرة مجرد أشلاء بقيت من أبنائهم.
نتج الانفجار عن كميات ضخمة من مادة نيترات الأمونيوم مخزنة منذ 2014 في العنبر رقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن موظفين ومسؤولين سياسيين وأجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزينها ولم يحركوا ساكناً.
ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلقت عند الساعة الثالثة والنصف (12,30 بتوقيت غرينتش) تظاهرات ضخمة من نقاط عدة في بيروت باتجاه المرفأ المدمر، استجابة لدعوات أطلقها أهالي الضحايا وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الطبقة الحاكمة للتظاهر رافعين شعار “العدالة الآن”.
ومن مقر فوج إطفاء بيروت، قالت وفاء كرم (37 عاماً)، شقيقة أحد عناصر فوج الإطفاء، “قتلونا ودمرونا.. نريد أن نعرف من قتل أشقاءنا ودمر حياتنا. … هذه جريمة بحق الوطن.. ونحن لن نسكت”.
وإلى جانب أهالي الضحايا، انطلقت مسيرة للمحامين بردائهم الأسود وأخرى للأطباء من مستشفى أصيب بأضرار هائلة جراء الانفجار.
والتقت المسيرات قرب المرفأ الذي ستقام بداخله وبحضور أهالي الضحايا صلوات إسلامية ومسيحية. وعند تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، أي لحظة وقوع الانفجار، ستُتلى أسماء ضحايا أكبر الانفجارات غير النووية في العالم.
هتف المتظاهرون “ثورة، ثورة” و”يسقط يسقط حكم الأزعر، نحن الشعب الخط الأحمر” ورفعوا لافتات كتب عليها “ممنوع يلي فجرونا يضلوا على الكراسي” و”المحاسبة والمحاكمة لدولة الفساد” و”نحن رهائن دولة مجرمة” و”دولتي قتلت شعبي”.
أعلنت السلطات الأربعاء يوم حداد. لكن لا مشاركة رسمية في أي من النشاطات المقررة.
وستكمل مسيرات الأربعاء طريقها إلى مجلس النواب للمطالبة برفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمثلوا أمام القضاء. وحدّد أهالي الضحايا الإثنين مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات.
– “لماذا قتلوا؟” –
وأكدت مصادر قضائية لوكالة فرانس برس أن الجزء الأكبر من التحقيق انتهى.
وبعد نحو خمسة أشهر على تسلمه الملف إثر تنحي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن بيطار الشهر الماضي عزمه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب كمدعى عليه، ووجّه كتاباً الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة نواب شغلوا مناصب وزارية، كما طلب الإذن بملاحقة قادة أجهزة أمنية وادعى على قائد الجيش السابق.
لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف اليوم عائقاً أمامه.
وأظهرت تقارير أولية أعدها جهاز أمني مباشرة بعد الانفجار أن أطنان نيترات الأمونيوم كانت مخزنة إلى جانب مواد قابلة للاشتعال والانفجار، مثل براميل من مادة الميثانول والزيوت وأطنان من المفرقعات النارية.
وقال جفري شرتوني (32 عاماً)، أحد موظفي إهراءات بيروت المدمرة والذي فقد عدداً من زملائه، لفرانس برس “لا زلت أتذكر كل ما رأيته في ذلك اليوم.. نسأل أنفسنا كل يوم لماذا قتلوا؟ وما زلنا ننتظر أن يحاسب المسؤولون الذين يسرقون البلد منذ سنوات”.
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الثلاثاء السلطات بانتهاك الحق بالحياة وجرم الإهمال بعدما أظهرت في تحقيق خاص تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة قضية شحنة نيترات الأمونيوم. كذلك اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات بعرقلة مجرى التحقيق “بوقاحة”.
– انهيار –
عمّقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس كورونا قبلها الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019 وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.
وتزامناً مع احياء ذكرى الانفجار، عقدت الدول المانحة عبر تقنية الفيديو بدعوة من فرنسا وبرعاية الأمم المتحدة، مؤتمرها الثالث منذ الانفجار لدعم حاجات اللبنانيين وعد خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمساعدات جديدة للشعب اللبناني بقيمة مئة مليون يورو.
واعتبر ماكرون أن المسؤولين اللبنانيين “مدينون للشعب بالحقيقة” معتبراً أنهم يراهنون على “اهتراء” الوضع أكثر وهذا “خطأ تاريخي وأخلاقي”.
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء تقديم “حوالى مئة مليون دولار من المساعدة الإنسانية الجديدة” للبنان، داعيا المسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى “إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد”.
ومنذ انفجار المرفأ، يقدّم المجتمع الدولي مساعدات إنسانية مباشرة الى اللبنانيين من دون المرور بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد والهدر، فيما يشترط تشكيل حكومة تقوم بإصلاحات جذرية لتقديم دعم مادي يساعد على اخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.
لكن رغم الأزمات المتلاحقة والضغوط الدولية، فشل المسؤولون اللبنانيون بالتوصل إلى اتفاق يتيح تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة دياب إثر الانفجار والتي ما زالت تقوم بمهام تصريف الأعمال.
من جهته أعلن الجيش اللبناني، الأربعاء، توقيف عدد من الشبان أثناء توجههم للمشاركة في إحياء الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، وبحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر.
وقال الجيش في بيان، إن وحداته المنتشرة بمختلف المناطق اللبنانية أوقفت عددا من الشبان المتوجهين للمشاركة في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ وبحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر.
ولم يذكر البيان، تفاصيل أكثر عن أماكن التوقيف أو الجهات التي ينتمي إليها الموقوفون.
وأحيا اللبنانيون الأربعاء، ذكرى مرور عام على انفجار المرفأ في 4 أغسطس/ آب 2020، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 7 آلاف بجروح، فضلا عن أضرار مادية هائلة.
وفي بيان منفصل، دعت قوى الأمن الداخلي (الشرطة)، المشاركين في إحياء ذكرى الانفجار إلى “الإبقاء على السلمية وعدم الانجرار إلى الأعمال التخريبية”.
ويعاني لبنان، من خلافات سياسية حالت دون تشكيل حكومة جديدة، تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار المرفأ.
كما يعيش البلد منذ نحو عامين أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي، وانهيار للعملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود.
من جانبه أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء على أن أيادي مصر ممدودة إلى المجتمع الدولى للتكاتف وتسخير كافة الإمكانيات لدعم لبنان، وبناء مستقبل أفضل لشعبه.
وقال السيسي إن “لبنان الذي كان دائما منارة للثقافة والفن والفكر، ورافدا مهما من روافد الإبداع العربي، ما زال قادرا بعزيمة أبنائه على النهوض من الكبوة الحالية، والعودة مجدداً ليكون مزدهراً وفريداً كما نحب أن نراه”.
جاء ذلك خلال مشاركة السيسي صباح اليوم عبر تقنية الفيديو كونفرانس في المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبنانى والذي يعقد بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويأتي المؤتمر في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس 2020 ، بسبب انفجار كمية من نترات الأمونيوم، ما أسفر عن تضرر عدد من شوارع العاصمة ومقتل أكثر من 200 شخص وجرح أكثر من 6 آلاف، وترك 300 ألف شخص بلا مأوى. كما أدى الانفجار إلى تدمير 226 مدرسة و20 مركزاً للتدريب و32 حرماً جامعيا، ولم تكشف التحقيقات حتى اليوم كيفية حدوث الإنفجار .
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم