| أحمد يوسف داود
لابدَّ لَنا الآنْ، بعدَ رَفعِ تَسعيرةِ الكهرباءِ إلى أَكثرِ من مِئةٍ في المِئةْ – على ذِمّةِ مَوقِع (الليرة اليَومْ) – مِنْ أَنْ نَتذكَّرَ الفنانَ الكبيرَ المَرحومْ نِهاد قَلعي حينَ كانَ يُمثِّلُ دَورَ المُختارِ في قَريتِهِ – إنْ لم تَخُنّي الذّاكِرَةْ!. – وكانَ يَضَعُ على رَأسِهِ (قُبَّعةً إِفرَنجيَّةً) فيها ريشةٌ مَشكولةٌ على اليَمينْ، ويَلبَس لِباساً خاصّاً (طَقْماً مَكْويّاً)، على (الموضةْ)، ويَحْمِلُ عَصاً تُناسبُ دَورَهُ كَمُختارٍ للضَّيعَةْ، بَينَما باقي أَهلِ الضّيعةِ – رِجالاً ونِساءً – يَلبَسونَ ثِياباً تَقليديّةً مِنَ الطِّرازِ القَديمْ!. وكانتْ أَحوالُهُم في غايةِ السُّوءِ كَفلّاحينَ وفلّاحاتْ، فقرّروا مُطالَبتَهُ (بالتّغْييرْ)، وحينَ سَمِعَ بذلكَ وَقفَ بَينَهمْ وَقالْ:
(مَطلبْ حَقّْ، تكرَمو، هَهْ!).. ومدَّ يَدَهُ إلى الرّيشةْ، فنقلها بِخِفّةٍ وسُرعةْ: منَ يَمينِ القُبَّعةِ إلى يَسارِها!.
وحُكومَتُنا الآنْ تَفعَلُ ما يشابِهُ ذلكْ: فمُنذُ أيّامٍ تَمَّ إِعلانُها عنْ أنّها اكتَشفَتْ (حَقلَ غازٍ مُمتازْ ).. وكانَ أولَ مافعلتْهُ هوَ أَنّها قَرّرتْ زِيادةَ سِعرِ أُسطوانةِ الغازْ الى أَكثرَ مِنْ مِئَةٍ في المِئَةْ قبلَ وَضعِ حَقلِ الغازِ قيدَ التّشغيلِ والاستِثْمارْ!. وهكذا (مالَحِقْنا نفرَحْ بالغازْ حتّى طَيَّرتْنا الحُكومَةُ بالألغازْ)!.. والآتي أدْهى وأَمَرّْ، وَفْقاً لِما عَهِدْناهُ منها!.
وَهذِهِ الحالُ تُشبِهُ حالَ زيادةِ الرّاتبِ التي أعْقبَتْها في اليَومِ التّالي زِيادةُ سِعرِ البَنزينْ للمرّةِ الثانِيَةْ في أَقلَّ من شَهرٍ واحدْ!. وما لايُمكِنُ لِمُواطِنيْ أيِّ بَلدٍ سِوانا أنْ (يَتنَعّموا!..) بمِثلِ هذهِ (العَمايِلِ) التي تَعمَلُها وزارةٌ لم تَنقطِعْ كَهرباؤهُمُ المَجّانيَّةُ – على ذِمّةِ بَعضِ مَنْ يَعيشونَ في العاصِمَةْ دِمشقْ – عنْ أماكِنِ سَكَنِ السّادةِ الوُزراءِ، ولَوْ لِيومٍ واحِدْ أو حتى لِساعةٍ واحدةْ!.
ويُراهِنُ كَثيرٌ من (أولئكَ الدَّسّاسينْ!) على أَنَّ أيّاً منَ السّادةِ جيرانِهِمُ (المُنوَّرينَ بالمُجاورَةْ) لايَدفَعونَ ليرةً واحدَةً من أَثمانِ الكَهرباءِ التي يَتنَعّمونَ بها بالمُجاوَرَةْ!.
وبالطبعِ، لابُدَّ مِنْ أنْ يَكونَ هؤلاءِ الجيرانُ من أَهلِ المَقدرةِ التِّجاريّةِ العُليا، أَوْ من ذوي المَقاماتِ الماليّةِ الهامّةِ التي تُؤهِّلُهُم لِجيرَةِ السّادةِ الوُزراءِ، وتُعفيهم – بِحُكمِ كَرامةِ هذهِ الجيرةِ من دفع ليرةٍ واحدةٍ ثَمناً لكَهربائِهِمُ التي لايَسمَحُ الإكرامُ الواجِبُ للجارِ، والجارِ الجَنبِ، والصّاحبِ بالجَنبْ… حتّى سابِعِ جارٍْ، بأَيِّ دفعٍ مَهْما يَكنْ كِبَرُ قيمَتِهِ أَوْ صِغرُها!.
ولَعلَّ هذا هوَ ماكانَ وَراءَ تَباكي السّيدِ رئيس الحكومة، في (الجَلسَةِ التّاريخيّةِ الأَخيرةِ لَهُ معَ مَجلسِ الشّعبْ) – إنْ صَحَّ مايَتمُّ تناقُلُهُ من قِبلِ أُولئك (الدَّسّاسينَ المُبغِضينَ للوَطن وللوزارةِ طبعاً)!.. فقَبّحَ اللهُ كلَّ دَسّاسٍ إنْ كانتِ الرِّوايَةُ عنِ (الكَهرَباءِ الوزاريّةِ) مَدْسوسَةً.. وإِلى أَبَدِ الآبِدينْ… آآآمينْ!.
(سيرياهوم نيوز ٣-خاص)