تحقيق – سمر رقية:
عين بلوزة.. نبع ماء أثري عمره مئات السنين، يعتبر الشريان الرئيسي لقرية بلوزة بريف طرطوس والقرى المجاورة (الكردية _ جليتي _ تالين _ وقسم كبير من قريتي العصيبة والعنينيزة)، فهو الراوي لعطشهم، فضلاً عن صفائه ونقائه وعذوبته وهذا ما يفسر تزاحم سكان القرى المذكورة أمامه لنقل حاجتهم من مياهه، علماً أن تلك القرى تروى من مشروع مياه خط جر القدموس، الذي لا يكفي حاجة المواطنين لأسباب عدة أهمها مياه المشروع المستجرة لا تضخ إلا كل خمسة عشر يوماً مرة ما يدفع الكثير من الأهالي لشراء المياه صيفاً شتاء.
مؤخراً هذا النبع الأثري تعرض للانهدام الأمر الذي أدى إلى تخوف الأهالي من أن يتطور لانهدام كبير قد يؤدي لضياع مياه النبع.
مطالب لم يسمع صداها..
أهالي القرى المستفيدة من النبع المذكور خاطبوا وراجعوا الجهات المعنية عن طريق مجلس بلدة تالين، حيث قامت اللجنة التنموية بمدينة بانياس في حزيران العام الماضي برئاسة عضو المكتب التنفيذي القاضي حسان ناعوس ومدير الموارد المائية المهندس عيسى حمدان، بزيارة النبع ومعاينته والكشف عليه، حينها وعدت اللجنة بالإسراع في إصلاحه ورصد المبالغ اللازمة لذلك، وأبدى الأهالي استعدادهم للمشاركة في عملية الإصلاح والترميم، ولكن العائق الآخر الذي اعترض اهتمامهم واستعدادهم الصفة الأثرية للنبع.
علماً أن الموافقات بأعمال الإصلاح والترميم موجودة ومسطرة بكتب ذات تواريخ وأرقام في أدراج بلدة تالين والجهات المعنية…
طريق النبع ضيق ومحفر..
“الثورة” قامت بزيارة الموقع ومعاينته، برفقة رئيس بلدة تالين ومختار قرية بلوزة، حيث تبين مدى الضرر الذي لحق بالنبع كما وصفه الأهالي لجهة الانهدام وتعرضه لضرر كبير قد يؤدي إلى خروجه عن الخدمة وحرمان آلاف المواطنين من تأمين حاجاتهم منه.
اللافت هنا جمال الطبيعة حيث يوجد خلف النبع شير صخري مرتفع وضخم بطرفه الأيمن شق كبير يفصل صخرتين كبيرتين عن الشير الرئيسي، إضافة إلى عذوبة ماء النبع وتزاحم الأهالي لملء أوانيهم منه، والمثير للتساؤل ضيق الطريق المؤدية للنبع ووجود حفر كثيرة وكبيرة فيه بحيث من الصعوبة جداً ومن الخطورة أيضاً تلاقي سيارتين معاً بوقت واحد، وبحاجة فورية للتوسيع والصيانة.
بانتظار الإعانة الموعودة…
رئيس مجلس بلدة تالين المهندس جواد علي أكد قيامه العام الماضي بدراسة وكشف تقديري للمرة الأولى بقيمة 600 ألف ليرة، بعد فترة قصيرة أعدنا الكشف وتم تعديله ليصبح مليوناً و800 ألف ليرة، وبسبب الارتفاعات المستمرة لأسعار مواد البناء تم تعديل الكشف للمرة الثالثة ليصبح قيمته أكثر من مليوني ليرة، وقمنا بطلب إعانة من المحافظة من الشهر السابع العام الماضي ووعدنا خيراً، صرفت الإعانات ولم يصل منها شيء لبلدتنا.
وأشار رئيس البلدية إلى أن هذا العام أيضاً قامت البلدية بمخاطبة الآثار للإشراف على العمل حين توفر الإعانات والمبلغ المرصود، وحتى هذا التاريخ نحن بانتظار الإعانة الموعودة وكلنا أمل أن تنال بلدتنا إعاناتها بأقرب وقت للمباشرة بصيانة النبع المذكور.
المعالجة الفورية…
مختار قرية بلوزة عبد الحليم محمد أكد ما قاله رئيس البلدة، وضرورة الإسراع بتوزيع الإعانات والمباشرة بأعمال الترميم والصيانة لأن أمطارنا في فصل الشتاء غزيرة وتساعد في زيادة حجم الانهيار في حال لم يعالج، وأضاف: نحن من خلال منبركم نطالب بالمعالجة الفورية لكل السلبيات المذكورة، لأن قيمة النبع والحاجة الماسة له لا تبرر التأخير في تنفيذ أعمال الصيانة والترميم إذا كانت النوايا صادقة والوعود جادة.
عضو المكتب التنفيذي ورئيس اللجنة التنموية بمدينة بانياس القاضي حسان ناعوس أكد كل ما أشار له رئيس البلدة ومختار القرية، وأوضح أنه تمت إحالة الأمر لمديرية الآثار للمعالجة، وتم إعداد دراسة تختلف كلياً عن الدراسة المعدة من قبل بلدة تالين كما تم التوجه بالتدقيق بالدراسة، وموضحاً أن الأمر بكلتا حالتيه يحتاج إلى تخصيص مبلغ مالي لأجل المعالجة ويبقى الأمر لمجلس بلدة تالين في تحديد أولوياته في العمل في حال رصد المبلغ المخصص لهذه الغاية.
الآثار مستعدة للتعاون..
مدير الآثار بطرطوس مروان حسن أكد أن نبع بلوزة من العيون المائية التراثية الهامة التي يجب الحفاظ عليها كقيمة تراثية، وبناء عليه وبالتنسيق مع بلدة تالين تم تنفيذ فاتورة حماية وصيانة أولية للعين بتمويل من مجلس البلدة بقيمة 400 ألف ليرة العام الماضي تضمن صبة إسمنتية على ظهر العين لحمايتها وتنظيف قناة النبع الرئيسية وتركيب باب حديدي لمدخل القناة وأعمال أخرى.
خطر على السلامة…
وأضاف: ذلك الانهيار الجزئي الذي أصاب النبع مؤخراً، سبب أضراراً جزئية على العين ومحيطها ما قد يشكل خطراً على السلامة العامة، لذا قامت شعبة آثار بانياس بالكشف على الموقع وإعداد دراسة مكملة لحماية النبع بقيمة تقديرية حوالي أربعة ملايين ليرة.
وتابع حسن: بدورها قامت آثار طرطوس بإرسال الدراسة وقيمة التكلفة إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف لتصديقها واعتمادها وبعد الموافقة تم إحالتها لمحافظة طرطوس، لبيان إمكانية رصد الاعتماد اللازم لتنفيذها بسبب عدم توفر الاعتماد اللازم بمديرية الآثار، وللعلم المديرية مستعدة للتعاون مع مجلس بلدة تالين والأهالي للقيام بإجراءات الترميم والصيانة والحماية من خلال المتابعة والإشراف على وضع الشروط المناسبة بما يحافظ على قيمة النبع التاريخية والتراثية
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة