آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » نجاح العطار : من داخله قد يؤتى الإنسان

نجاح العطار : من داخله قد يؤتى الإنسان

الدكتورة نجاح العطار الأديبة والمفكرة والمبدعة والإنسانية قبل أن تكون المسؤولة وزيرة ونائبا لرئيس الجمهورية هي صوت ونبض وفعل الحراك الثقافي السوري الذي أفرد جناحيه ليكون شجرة وارفة يفيء إليها المبدعون العرب .
في جعبتها الإبداعية عشرات الكتاب الفكرية والنقدية وآلاف المقالات التي مازالت خضراء ندية.
نذرت حياتها للعمل والوطن وكانت الثمار فعلا ثقافيا يعرفه الجميع نما وكبر ومازال ينمو لأن جذوره قوية بتراث عريق تعانق معاصرة وحداثة ..نوافذه للشمس والحياة …فعله للوطن والأمة.
العطار في كتابه الجديد الذي صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب وحمل عنوان : أوراق شخصية في بريطانيا والوطن .
هذا الكتاب على الرغم من أنه معنون بأوراق شخصية لكنه صفحات من تاريخ العمل وألهم الوطني والقومي.
تاريخ من تأسيس الأسرة التي هي ركن من أركان ثبات المجتمع وتطوره ووعيه وقدرته على المواجهة.
الدفء الإنساني والوطني الذي يطالعك منذ الإهداء إلى آخر صفحة من الكتاب يختزل قارورة عطر الإنجاز..الدرب لم يكن معبدا طويل طويل ولكن الهمة كبيرة والمدى واسع بلا حدود ..
والوطن ينتظر من ينجز ولم يطل الانتظار..من دمشق إلى بريطانيا إلى الولايات المتحدة وعودة إلى الوطن في الكتاب يفوح عطر العمل ..يطل الوطن بهيا شامخا ..إرادة النصر ..تقول العطار في تقديم الكتاب :

ما أحببت يوماً أن أكتب شيئاً عن حياتي الخاصة، ولا أنشر من ذكريات ماضي، ولكن إلحاح ابني وابنتي علي، وبعد أن عثرا على بعض أوراقي كان شبه ملزم لي كي أنشر بعضها.

ابنتي تقول لي: أعتقد أنه ينبغي أن يعرف تلاميذ اليوم أنك لم تصلي إلى أعلى السلم دون أن تكوني مؤهلة لذلك بما تحملينه من أفكار ومن إمكانيات ومن عقائد يرتسم فيها حب الوطن والإيمان به والحرص على السعي لكل ما يرتقي به ويسمو.

لقد بذلت الكثير من الجهد ومن غيرما كلل في العمل الدؤوب أداء لما آمنت أنه الرسالة، وحين بلغت هذا الوضع الذي أنت فيه، فقد كان ذلك عن جدارة واستحقاق.. كان بالطبع أمراً رائعاً أن يدعمك الرئيس الراحل الكبير ويعينك وزيرة للثقافة أولاً، وأن يتابع دعمك الرئيس الفريد والمتفرد بشار الأسد فيعينك نائباً له، ويحيطك أيضاً بالرعاية وتكملين الدرب معه بالعمل المنتج والنهج السليم.

واستجبت وبالحدود الدنيا وتوقفت كذلك عند أوراق لزوجي سبق أن قرأتها حين تعرفت عليه، ووجدت أنها في رحاب البلاغة جديرة أيضاً أن تنشر ذات يوم، ووجدت فيها مصداقية ما كان يقوله له أستاذه الشاعر المغفور له محمد البزم من أنه يباهي به كل أصحاب المستوى في اللغة والأدب من أساتذة اليوم في ذلك الحين.

أذكر أني قرأتها بإعجاب، ودهشت أن يكون كتبها في ذلك العمر المبكر وهو على مشارف دراسة الطب، وحين انتقل إلى جوار ربه رجعت إلى هذه الأوراق ووجدت أنها جديرة بالاهتمام الحقيقي وألا تظل غياهب النسيان.

ومن أجواء الكتاب: المناضل الجاد أو المواطن الواعي هو ذلك الذي يحمل إيماناً بأمته يجعله جديراً بالانتماء إليها، وإيماناً بعدالة قضيته يجعله قادراً على التضحية بحياته في سبيلها، وعلى النضال الطويل دونما تعب أو ملل لأجلها.

وشدّ ما يبئسني أن أجد أقل الناس عملاً لقضية الأمة أكثرهم وساوس وأشدهم سوداوية في تقدير المعطيات الجديدة لواقعها، وأنشطهم في رصد الأوهام وتقبلها.

من داخله قد يؤتى الإنسان، ومن أجهزة الدعاية المضادة أحياناً، وإلا فلماذا – كما قال مسؤول كبير – تذيع علينا إسرائيل بالعربية؟ ومن أين لصوت أمريكا ولندن هذا الاهتمام “بتتبع” أنبائنا، و”التعليق” عليها، بصيغة الدس أحياناً وصيغ التخويف أو التهديد الصريح أحياناً أخرى؟

أنا أعتقد أن جزءاً أساسياً من نضالنا الفكري، في هذه الأيام، يحسن توجيهه إلى محاربة هذه العقليات الجزعة التي تحسب أن النصر ثمرة خوخ ناضجة لا تحتاج إلا إلى يد كسول تمتد لقطافها، كما يحسن توجيهه للتوعية، ولخلق المناعة الذاتية ضد كل هذه السموم التي توسوس بها الإذاعات.

رؤانا يجب أن تبقى مستقبلية، مستمدة من إنساننا العربي الذي نؤمن بإمكاناته وطاقاته وعظمته، ومستمدة من شباب على خط النار يتحدون العدو والطبيعة القاسية، ويواجهون الحديد والنار والموت، ولا يمارسون ما يمارسه بعضنا أحياناً من وراء مكاتبهم المدفّأة، من ثرثرة وجزع وعطالة عن العمل المفيد المنتج.

غير أنه من العلامات الطيبة أن الجزعين – ولو عن رغبة في التسريع – هم أنفسهم غير قانعين بجزعهم، وأنهم لا يشكلون في حياتنا سوى ظاهرة عابرة لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات أو أمة من الأمم…

أنا لا أدينهم، ولكنني أعاتبهم، وما أتمناه هو أن يفتحوا قلوبهم للحياة وللشمس)يقع الكتاب في ٢٣٦ صفحة من القطع الكبير وهو حقيقة سفر إبداعي قبل أن يكون أوراقا شخصية وحكاية نضال من أجل الوطن قبل أن يكون ذا صبغة شخصية ..الكتاب وثيقة عمل مبدع تتخذ من أسلوب المذكرات الكثير واللغة الشاعرية تجعلك تحلق بعيدا ..وترى الوطن عاليا بهيا …تؤمن بالقادم وما يضحي به شبابنا .. إنهم يقهرون الموت بالموت ليبقى الوطن ولتبقى الرسالة أن نفتح بيوتنا للشمس والحياة لا نريد الموت للموت إنما لتوهب لنا الحياة .
قبس من شعلة الثقافة والعطاء وما أحوجنا إلى المزيد منها لتكون صمام الأمان.. ألم تقل الدكتورة العطار: من داخله قد يؤتى الإنسان.. إننا نريد بناء الوعي والمعرفة وتحصين الأوطان.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عروض فنية ومسرحية تداوي تروما الحرب: «حكاية بشنطة» تُعيد البسمة إلى النازحين الصغار

رنا علوش     بالتعاون مع مسرح «نور» في نيويورك، أطلقت مؤسسة «فضاء» المعنية بأرشفة المسرح في لبنان والعالم العربي أخيراً حملة «حكاية بشنطة»، التي ...