باسل علي الخطيب
ليس غريباً أن أغلبنا يتوجس الشارع، فقد خبرنا جميعاً مخرجات حراك الشوارع، وان النتيجة كانت بلداً يتشظى ويضمحل…..
ورغم خطورة تلك المخرجات اعلاه، لكنها ليست الأخطر فيما خص حراك الشارع….
إن فوضوية حراك الشوارع، وعدم وجود قيادات واضحة أو موجهة للحراك، يجعل الحراك سهل الاختراق وسهل الانقياد، و بالتالي سهل التوجيه، و من ثم يمكن حرف أجندة الشارع باتجاه مسارات وظيفية تخريبية، تتجاوز كثيراً المطالب الحقيقية لأصحاب الحراك، التي تصبح لاحقاً من المنسيات، وذلك مع تدحرج الحراك الشوارعي ككرة ثلج تجتاح كل شيء في طريقها…. .
أنا أحسن الظن بالناس، و هذه المعاناة التي نعيشها يعيشها الكل، و الاحتقان عموماً قد وصل حدوده القصوى، و الضائقة تكاد تخنق الكل، و تذر البقية الباقية من هذه البلد، و لكن الشارع غول إن تم إخراجه من قمقمه، فلن يعود إلا بعد أن يلتهم الأخضر و اليابس….
دعونا نضع بعض النقاط على بعض الحروف، هذا وقت طرح الأسئلة الكبرى والأساسية، والتي كان يجب أن تطرح منذ زمن، فعلى المحك ماهو أبعد واهم من النظام والسلطة، على المحك سورية….
لماذا الشارع عندنا غير منضبط و مخرجاته دائماً كارثية، مع أن غالبية الشعب السوري عموماً شعب مثقف و واعٍ؟!!..
الأسئلة الكبرى لانحتمل إجابات مواربة…
لانحتمل تبويس اللحى….
نحن أمام لحظة الحقيقة….
سأجيب مباشرة على هذا السؤال….
يتحمل المسؤولية وبالدرجة الاولى الحزب الحاكم، أنه لم يسمح بتوفر بيئة سياسية مناسبة لحراك سياسي وطني ناجع وحقيقي، سواء كان ذلك ضمن إطاره او خارج هذا الإطار، فكانت النتيجة نقابات غير فاعلة، منظمات شعبية غير فاعلة، لايوجد مجتمع مدني، لاتوجد.أطر سياسية حقيقية أخرى تضم ايديولوجيات أو رؤى اخرى، ودعكم من كل الأحزاب الأخرى المرخصة الموجودة، فهي ليست إلا هياكل صورية……..
هل فهمتم الآن لماذا يصير الشارع عندنا كوسيلة لتحقيق المطالب، خياراً كارثياً للبلد؟؟!…
لأنه لاتوجد أطر معارضة سياسية واعية واضحة المعالم والاحداثيات، تقود الحراك وتنظمه ولاتسمح باختراقه أو إعادة توجيهه أو توظيفه…..
أنا لن افصل أكثر في الإجابة، وان كانت الإجابة تحمل الكثير من التفصيلات، ولكن هناك حسرة وحرقة كبيرة أنه لم يتم الاستفادة من تجربة السنوات السابقة أبداً، وكأن كل ذاك الدم والخراب لم يكن كافياً كمعلم…..
ذات اللغة، ذات الاسلوب، ذات التعالي، ذات التعجرف، ذات الذهنية، ذات العقلية……
سورية كبيرة جداً أن تغطيها ايديولوجبة واحدة أو فكر واحد، سورية ساحة فكرية ثقافية واسعة قادرة أن تستوعب طيف واسع من الرؤى المختلفة، وذلك ضمن إطار وطني جامع بعيداً عن الطائفية أو الإثنية…..
قديماً قيل اجعل اصدقائك قربك وخصومك اقرب، ولكن (اقرب) لايعني أن يكونوا في حضنك، يكفي أن يكونوا معك في نفس البلد، وعلى مرأى عينك….
(سيرياهوم نيوز ٤-الكاتب)