نريد أن نعيش !!!

| سعاد سليمان

إذا زرت طرطوس .. المحافظة المنسية حسب رأي أهلها .. تأكدّت مما سمعت .

فإذا دخلت إلى أي فرع من فروع المصارف ( التجارية – العقارية ) سوف تتأكد مما يقولون .

العتمة , والظلام المنتشر , الضجيج , وسببه الازدحام الشديد ..

هو العنوان  العريض الذي يقف في وجهك .. إذ لا كهرباء إلا وفق التقنين الجائر في مؤسسة يخضع عملها  بالمطلق على وجود التيار الكهربائي ..

هناك .. ترى المراجعين يتجمعون – الذين هم زبائن المصرف , والعملاء الذين يستند المصرف على أموالهم , ينتظرون عودة التيار لأنهم محتاجون , ومضطرون , وقد جاء العديد منهم من المدينة ومن القرى القريبة , والبعيدة التابعة للمحافظة .

وترى الموظفين الذين ينتظرون رواتبهم بفارغ الصبر يقفون بصبر عجيب أمام الكوى الصامتة المظلمة حتى إشعار آخر يأتي بعد انقطاع الكهرباء لمدة خمس ساعات ليأتيهم الفرج لمدة نصف ساعة فقط .. وأنت وحظك !!

من المشاهد العجيبة أن يقوم الموظف بعدّ الأوراق المالية ورقة , ورقة دون وجود عداد آلي , ويساعده صاحب العلاقة ..

تخيل أن تعد خمسمائة ألف ليرة سورية من العملة الورقية القديمة شبه التالفة !!!

ومن العجائب أيضا إيقاف إعطاء ورقة عبر الصراف , تقدم لك المعلومات الهامة حول رصيدك وما بقي منه !!

وحين عادت هذه الميزة الذهبية عادت بورق مبهم , فالحبر مهاجر , والمعلومات غير مفهومة .. قد تحتاج لخبير في علم الطاقة , وفك السحر !!

سؤال يحير كل من يدخل هذه الأماكن وهو :

كيف نخاف على رصيد الرمال الذهبية مثلا , ونعطيها حصصنا من الكهرباء, وننسى أن المصارف التي تحتاج للكهرباء أولا أهم لفقراء الوطن ..

الموظفون الذين لا يطلبون صدقة , ولا علاوة على راتبهم الذي لا يكفيهم لعشرة أيام منه !!

هم الذين يعيشون وأولادهم على الخبز , والزعتر , وإذا قبضوا رواتبهم كان الغداء مجدرة !!

هل تعيشون في عالمكم الخاص الافتراضي ؟؟

ما نرجوه أن تنزلوا من بروجكم العاجية , وأن تزوروا هذه الأماكن في ساعات ما قبل الظهر حيث الدوام الرسمي , وبعد الظهر حيث تروا نوافذ الصرافة التي قتلها الفقر الكهربائي وتعيش في ثبات !!

قد تشعرون بمدى الظلم الذي يتعرض له ابن طرطوس , وابن ريفها الذي يجبر على تحمل المشاق للوصول إليها في ساعات الدوام , وفي كل الأوقات , وحيث يستطيع الوصول عبر مواصلات جاحدة , ولا نتيجة ترجى ..

لا نريد كرماً حات

مياً , ولا علاوة , نريد أن نعيش !!

(سيرياهوم نيوز ٣-خاص)