تصعيد المقاومة الاسلامية من عملياتها النوعية ضد قوات الاحتلال داخل العمق الإسرائيلي، فرض موجة عالية من القلق لدى قيادات العدو السياسية والعسكرية، وانعكس مزيدا من النزوح عند من تبقى من المستوطنين في مستعمرات الشمال. وقد تعمدت المقاومة في العمليات الأخيرة، استخدام صواريخ برؤوس تفجيرية كبيرة، احدثت الى جانب الاضرار الكبيرة والاصابات، تدميرا ضخما وذعرا، خصوصا بعدما سرب مستوطنون صورا تظهر لحظة سقوط الصواريخ في اكثر من مستوطنة وموقع.ومع أن جيش الاحتلال يواصل الغارات القاسية ضد مناطق مدنية ونقاط للمقاومة، فان نتائج عمليات الايام القليلة الماضية والحجم الكبير في الاصابات بين الجنود، فرضت على الرقابة العسكرية السماح لوسائل الاعلام بنشر معطيات خلافا للسابق، وكذلك بسبب بث المقاومة الاسلامية المشاهد الحية لعمليات القصف التي استهدفت مواقع تجمع الجنود ومنصات الرادار الخاصة ومواقع الاحتلال. وهو ما فعلته امس، بعدما ردت المقاومة على اعتداءات العدو على بلدتي الخيام وكفركلا واستشهاد أحد المدنيين، وقصفت قاعدة بيت هلل بصواريخ فلق. كما استهدفت فريقاً فنياً للعدو الإسرائيلي أثناء قيامه بصيانة التجهيزات التجسسية في ثكنة راميم.
وفي جانب العدو، كان البارز ما سربته وسائل الاعلام عن تقديرات «مقلقة» للمؤسسة الأمنية تفيد بأن حزب الله «متجه إلي مواجهة أوسع بكثير، ربما في الأيام المقبلة ، على خلفية تأخير الصفقة في الجنوب ، والرد الإسرائيلي ضد إيران». ويتحدثون في اسرائيل بأن حزب الله يدعم المفاوض الفلسطيني في هذه المرحلة من الاتصالات حول الهدنة وتبادل الأسرى، ويعطي إشارات الى أنه لن يقف متفرجا في حال إعتدى العدو على ايران.
لكن، وبمعزل عن الوقائع الميدانية، فإن قوات الاحتلال نفذت إجراءات في المنطقة الشمالية خشية تصعيد كبير من جانب المقاومة في لبنان، ولجات إلى
سلسلة من التدابير العسكرية والأمنية، مع نشر تعزيزات عسكرية والقيام بتمارين كبيرة للجبهة الداخلية، حيث يواجه سكان المستعمرات غير المخلاة خطر النزوح أو التصرف وفق قواعد الحرب. وهو ما فرض على العدو إجراءات تستند أساساً إلى قرار بعدم توسيع دائرة الإخلاء القسري لمستعمرات تبعد عن حدود لبنان بعمق يتراوح بين 15 و20 كلم، وذلك منعاً للفوضى القائمة أصلاً في مناطق الوسط نتيجة نزوح أكثر من ربع مليون إسرائيلي من مناطق الشمال والجنوب. وذكرت قناة «كان» العبرية ليل أول من أمس أن مستوطنين ممن تبقّوا في مستوطنات الشمال، حزموا أمتعتهم وغادروا بعد هجوم المقاومة على بلدة عرب العرامشة.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى اجتماع عُقد بين ممثلي قيادة الجبهة الداخلية وكبار مسؤولي البلديات في الشمال. ونُقل عن الضباط قولهم إن «من المتوقع أن تبدأ الحرب بعد عطلة الفصح». وبحسب إعلام العدو، فإن قائد فرقة الجليل العميد شاي كلابر، وقائد القوة (146) العميد يسرائيل شومر، أبلغا رؤساء السلطات «التزامنا بأن نكون هنا حتى يتغير الواقع».
وإلى جانب عمليات الإخلاء القائمة في منطقة الساحل الشمالي، لجأت قوات الاحتلال إلى إجراءات في المناطق الشرقية مثل صفد وطبريا. ونقلت وسائل إعلام العدو عن تمير إنجل، الناطق باسم بلدية صفد، أن هناك إجراءات لـ«رفع جاهزية السكان. وستطلق بلدية صفد حملة إعلامية لسكانها حول كيفية الاستعداد لحالات الطوارئ الكبيرة، التي لم يواجهها السكان سابقاً». كما وجه الحاخام يوسي كاكون نداءً للسكان للاستعداد لوضع سيُطلب منهم فيه البقاء في مناطق محميّة لفترة طويلة، كما طُلب منهم التزود بمخزون من المنتجات والأغذية لحالات الطوارئ، وتقرر إصدار منشور باسم مقر المعلومات البلدي يفصّل المواد ذات الصلة بالحرب، بما في ذلك خيارات الإقامة الطويلة بدون كهرباء وبدون ماء.
وأُعلن الليلة الماضية عن تمرين طوارئ حضري شاركت فيه جميع قوات الأمن. وتزامن ذلك مع إعلان شركة الكهرباء في كيان العدو أنها أجرت تمرين استعداد لسيناريو الأضرار التي يمكن أن تلحق بمرافق البنية التحتية الحيوية في منطقة حيفا.
إلى ذلك، تتواصل أصداء الضربة النوعية التي وجّهها حزب الله إلى جيش الاحتلال في عرب العرامشة، الأربعاء، بالتردد على مختلف المستويات في إسرائيل. وحدّث مركز الجليل الطبي في نهاريا المعلومات الواردة عن عدد الإصابات، إذ أعلن عن استقباله 19 جريحاً، أحدهم حالته حرجة جداً وغير مستقرة، فيما يصنف البقية بين إصابة خطيرة ومتوسطة وطفيفة. وفيما رأت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أن جيش الاحتلال يستعد من جديد للمعركة ضد الطائرات من دون طيار، رأت أن من المحتمل أن سلسلة النجاحات في الأيام الأخيرة في ضرب قوات الجيش الإسرائيلي بالمسيّرات تشير إلى حقيقة أن حزب الله درس أنظمة الجيش الإسرائيلي، ويتعامل معها.
صواريخ المقاومة تخلق الذعر واجراءات في مناطق صفد وطبريا تحسبا لحرب وتمارين للجبهة الداخلية
ميدانياً، نفد حزب الله، أمس، سلسلة عمليات ضد مواقع وثكنات وتجمعات جنود العدو الإسرائيلي على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، فاستهدفت فجراً قوة للعدو أثناء محاولتها سحب الآلية العسكرية التي جرى استهدافها الأربعاء في موقع المطلة، كما استهدف تحركاً لجنود العدو في موقع المالكية، وتجمّعين في حرش حانيتا وفي محيط مستعمرة حانيتا، إضافة إلى استهداف موقعَي زبدين في مزارع شبعا ورويسات العلم في تلال كفرشوبا.
وأعلن الحزب أنه «بعد رصد دقيق وترقب لحركة العدو في موقع المرج، ولدى وصول جنود العدو وآلياته إلى المقطع المحدد، استهدفهم المقاومون بالأسلحة الصاروخية وأصابوهم إصابة مباشرة وأوقعوهم بين قتيل وجريح». كذلك استهدف مبنيين يستخدمهما جنود العدو في مستعمرة يرؤون (قرية صلحا اللبنانية المحتلة)، إضافة إلى مبنى مماثل في مستعمرة المنارة.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن استخدام حزب الله صواريخ «بركان» أثبت فعاليته من حيث الأضرار المادية والتأثير النفسي، بسبب أبعاد الدمار غير العادي التي يحدثها كل صاروخ. وكشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، تحت بند «سُمح بالنشر»، أن إطلاق النار الذي نفذه حزب الله هذا الأسبوع على قاعدة ميرون ألحق أضراراً بالقاعدة، وسقطت إصابة داخلها، مشيرة إلى أن الرقابة العسكرية سمحت بنشر الخبر بعدما نشر حزب الله أمس مقطع فيديو يظهر الأضرار التي حصلت.
إلى ذلك، نعى حزب الله أمس ثلاثة من مقاوميه هم: محمد جميل الشامي من بلدة كفركلا، علي أحمد حمادة من بلدة الدوير وحسين علي هزيمة من بلدة ميس الجبل.
سيرياهوم نيوز-الأخبار اللبنانية1