القاريء للبيانات التي صدرت بالتتابع يوم الثلاثاء بإسم وزارتي الخارجية في سوريا والأردن يفهم مبكرا بان “أزمة خلافات حادة” إندلعت بين مؤسسات البلدين على نحو مفاجيء وعنوانها العريض “كيفية تصرف الأردن أمنيا في العمق السوري”.
يبدو هنا ان دمشق قررت الإعتراض على عمليات قتالية أردنية مباغتة في عمق الأراضي السورية تكررت في الأونة الأخيرة بحجة مكافحة وملاحقة محترفي عصابات تهريب المخدرات.
وفيما قالت السلطات السورية بوضوح أنها تعترض على هذه العمليات وتتمنى أن لا تساهم في التأثير سلبا على عملية”إستعادة العلاقات الأخوية” هدد بيان للخارجية الأردنية مساء الثلاثاء بإستمرار قيام المملكة بكل ما تتطلبهمن إجراءات عملية الحفاظ على الأمن الأردني.
والمعنى هنا ان الجانب الأردني رفض مضمون البيان السوري وتشدد في موقفه الأمني بان يلاحق عصابات المخدرات التي تهدد الأمن الوطني الأردني في اي موقع أو مكان ما دامت السلطات السورية لا تقوم بما ينبغي ان تقوم به.
بدأ التجاذب والخلاف ببيان صدرعن وزارة الشئون الخارجية والمغتربين في سورية وتحدث البيان عن مقتل مدنيين وأطفال ونساء في عمليات لطائرات أردنية في محيط بعض قرى محافظة السويداء وعبر البيان السوري عن امله في ان تتوقف العمليات الأردنية لأنها في العمق السوري تخالف ما أتفقت عليه لجان ثنائية أمنية بين البلدين في إجتماعات رسمية.
لافت جدا ان البيان السوري اشار للمعاناة التي نتجت عن دخول ألاف من الإرهابيين من دول مجاورة في الماضي بينها الأردن فيما ردت الخارجية الأردنية ببيان “تنابزي” تذكر فيه بان المملكة وفرت الحماية للحدود السورية وإستقلت أكثر من مليون و300 مواطن سوري فروا من المعارك الداخلية.
ينهي تنابز البيانات بسبب ملف المخدرات المتدحرج بين الأردن وسورا عمليا”شهر عسل إعلامي” متفق عليه منذ زار الوزير الأردني أيمن الصفدي دمشق قبل أكثر من عام وأرسل الأردن قوافل مساعدة لضحايا الزلزال على الساحل السوري.
لكن بيان الناطق بإسم الخارجية الأردنية سفيان القضاة تضمن “عبارات وصفت بانها خشنة” في توضيح أولوية الأردن الأمنية على الحدود مع سورية.
وإعتبر البيان أن تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود السورية إلى الأردن خطر يهدد الأمن الوطني، وأن الأردن سيستمر في التصدي لهذا الخطر ولكل من يقف وراءه.
وأعلن السفير القضاة بأن الأردن زود الحكومة السورية خلال اجتماعات اللجنة المشتركة التي كان شكلها البلدان بأسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وبأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها، والتي تقع ضمن سيطرة الحكومة السورية، إلا أن أي إجراء حقيقي لتحييد هذا الخطر لم يتخذ، لافتاً إلى أن محاولات التهريب شهدت ارتفاعاً خطيراً في عددها.
وأضاف القضاة أن عمليات تهريب المخدرات والسلاح من سوريا إلى الأردن، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة عدد من نشامى قواتنا المسلحة تمثل تهديداً مباشراً لأمن الأردن سيظل يتصدى له بكل حزم حتى دحره بالكامل.
وأكد القضاة استعداد الأردن للمضي في التنسيق مع الحكومة السورية لوقف عمليات التهريب، ومحاسبة منفذيها وداعميها، ويتوقع من الأشقاء في سوريا إجراءات وخطوات عملية وفاعلة وسريعة ومؤثرة ضدهم.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة أن الأردن الذي استضاف أكثر من مليون و ٣٠٠ ألف شقيق سوري، ووفر لهم الأمن والأمان والعيش الكريم، ويذكر العالم كله احتضان نشامى القوات المسلحة للآلاف منهم وهم يعبرون الحدود هرباً من الحرب، حريص كل الحرص على أمن سوريا وسلامة شعبها الشقيق في كل أنحاء سوريا، وخصوصاً في محافظتي السويداء ودرعا المجاورتين اللتين تجمعهما بالأردن علاقات أخوية تاريخيّة.
ورفض الناطق الرسمي أي إيحاءات بأن الحدود الأردنية كانت يوما مصدرا لتهديد أمن سوريا، أو معبرا للإرهابيين الذي كان الأردن أول من تصدى لهم، بل كان دوماً وسيبقى صمام أمان ودعم وإسناد لسوريا الشقيقة ولشعبها الكريم في درعا والسويداء المجاورتين وفي كل أنحاء سوريا.
وشدد القضاة على أن الأردن قادر على حماية حدوده وأمنه من عصابات تهريب المخدرات والسلاح وسيدحرهم وسينهي ما يمثلون من خطر بجهود بواسل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
وثمة من يتصور من المراقبين بان العلاقات الأردنية السورية التي بقيت مستقرة وفيها درجة عالية من التفهم طوال الأعوام الأربعة الماضية يبدو انها تترنح الان بسبب تداعيات وكلفة الحرب الأردنية على المخدرات السورية.
وكانت السلطات الأردنية قد أوحت عدة مرات بأن العمليات الأمنية ضد عصابات المخدرات التي لا يستطيع الجيش السوري السيطرة عليها في محيط السويداء ودرعا “متفق أو متفاهم عليها” مع الجانب السوري.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم