الرئيسية » تحت المجهر » هل حياة الفلسطينيين مهمة؟.. سؤال ما بعد إضاعة الفرصة للتضامن مع مشهد “إياد الحلاق”: كبير مستشارين في ألمانيا يستنكر الضعف في استثمار اللحظة الحقوقية.. وإعلامي يتساءل عن “التخلّف الشعبي وترتيب الأولويات”

هل حياة الفلسطينيين مهمة؟.. سؤال ما بعد إضاعة الفرصة للتضامن مع مشهد “إياد الحلاق”: كبير مستشارين في ألمانيا يستنكر الضعف في استثمار اللحظة الحقوقية.. وإعلامي يتساءل عن “التخلّف الشعبي وترتيب الأولويات”

فرح مرقه:

يستنكر أحد كبار المستشارين التربويين في ألمانيا موسى منيزل أن تبقى قضية الشاب الفلسطيني إياد الحلاق- الثلاثيني الذي كان مصاباً بالتوحد وقتله أفراد الشرطة الإسرائيلية قبل أيام- قيد دفاع من قبل مجموعات حقوقية فقط، متسائلا بحرقة “كيف لم تتحول لقضية رأي عام تظهر أيضاً أن حياة الفلسطينيين مهمة.

بالتزامن، الصحافي الأردني الناشط وذو الجماهيرية الشبابية عبد المجيد المجالي، يتساءل “كيف لم تتحول قصة الحلاق لتريند عالمي؟” حاكماً ان العرب يجهلون كيفية ترتيب قضاياهم على سلّم الأولويات.

وحلاق شاب فلسطيني في الثانية والثلاثين من عمره، كان يسير في شوارع القدس العتيقة إلى مدرسة خاصة يتعلم فيها الطبخ مع عدد من المصابين بصعوبات في التعلم، حين أمره الشرطي ان يتوقف مكانه.

صعوبة أن يدرك ما عليه ان يفعله، جعلته يكمل طريقه ليطلق باتجاهه رجال الشرطة الإسرائيلية النار، فيختبئ خلف حاوية مهملات، ورغم صراخ من يعرفونه في حينه انه مصاب بالتوحد، إلا ان الصلاحيات الكبيرة لدى رجال الشرطة، والتي اعترف بها رئيس الوزراء الإسرائيلي لاحقا بنيامين نتنياهو، جعلتهم يفضّلون إطلاق رصاصتين إلى صدره، أدت إلى وفاته.

القصة انتشرت في عدد من وسائل الاعلام الغربية في لحظة كونية تتعرى فيها ممارسات الشرطة في العالم اثر قضية جورج فلويد الذي لقي حتفه أيضا تحت ركبة رجل شرطة في الولايات المتحدة، الأمر الذي يرى فيه المستشار التربوي منيزل في حديثه مع “رأي اليوم” إشكال كبير في إدراك الدول العربية لكيفية إدارة ماكيناتها الإعلامية وروايتها للأحداث.

الشرطة الإسرائيلية، شبهتها مجلة فوربس، بنظيرتها الامريكية التي تسمح هيكلية كلتيهما بألا يتقيد رجل الأمن بأي تعليمات وأن تدخل حياة الأبرياء في الشوارع ضمن اطار مخاطرة غير مضمونة العواقب، خصوصا اذا ما كان من في الشوارع ضمن الأقليات.

وتؤشر المجلة على كون الشرطتين الإسرائيلية والأمريكية تعتمدان نظم تدريب متقاربة جدا بحيث يصبح التشابه بين جورج فلويد وإياد الحلاق شديد التبرير.

بهذا المعنى، وبعد حوار مع منيزل ذي الهوية الأردنية الألمانية المزدوجة والدارس لخفايا الصور الإعلامية وتأثيرها على حقوق الأقليات أو الفئات المضطهدة، يفصّل الرجل بأن التوقف عن إبراز مثل هذه الحالات سيزيد الوضع سوءا خصوصا في وقت يعيش فيه الفلسطينيون تحت الضغط في ملفات القدس واقتراب عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل.

عملياً، قتل حلاق في القدس في مثل هذه الصورة كان يتوقع مقابله من الأردنيين والفلسطينيين تحركات واسعة من تلك التي يمكنها تغيير الوقائع على الأرض، خصوصا في الوقت الذي تغالي فيه الحكومة الإسرائيلية في ملف الضم، وتظهر فيه عمان استياءها من الإجراءات الإسرائيلية في القدس، بالتزامن مع نشاط الجماعات الحقوقية الإسرائيلية لصالح إياد الحلاق كأحد مرضى التوحد قبل أي شيء اخر.

هنا افتقر الأردنيون والفلسطينيون على حد سواء لأسس البناء في الصورة الإعلامية وفي دعم المطالبات المشروعة، حيث اختفت قصة إياد الحلاق عن معظم المواقع الإعلامية من الجانبين ولم يشهد أي تحرك واضح في الدبلوماسية ولا الشارع، ولا حتى وسائل التواصل الاجتماعي التي يرى المجالي ان عدم وصول قضية الحلاق لان تكون “تريند” معناه غيابها عن رادارات المتواصلين. المجالي اضاف لـ “رأي اليوم”: مؤسف ومؤلم كل هذا.. نتعاطف مع فلويد وننسى ابن جلدتنا!.

“حياة الفلسطينيين مهمة”، وسم لاقى انتشارا محدودا بالمقارنة مع غيره في هذه المرحلة، رغم انه كان أساسا لعدة قصص عن حلاق ومعاناة الفلسطينيين التقطتها وسائل الاعلام الغربية على سبيل التعاطف، ولكنها سرعان ما تلاشت مع فقدان التحرك العربي والفلسطيني للزخم المطلوب في مثل هذه القضايا.

هنا تبرز إشكالية حقيقية عنوانها “الصورة الإعلامية” التي يريد الفلسطينيون ومعهم الأردنيون بالضرورة ايصالها للعالم حول القضية الفلسطينية، وما قد يظهره ذلك من معضلات حقوقية تواجه قيام دولة واحدة، يطلق عليها رئيس مجلس الملك في الأردن فيصل الفايز لقب “عنصرية ومتشددة”.

التبرير المحتمل لغياب قضية الشاب الثلاثيني عن الاعلام قد تكون “اعتياد قتل الفلسطينيين” ووجود العديد من القصص المشابهة، وهي جمل استمعت اليها فعلا “رأي اليوم” وتابعت رواجها وهنا حتما تتعاظم ازمة الصورة والقضية معا.

قضية الحلاق، كان يمكنها ان تشكل أساسا صلبا في دبلوماسية الفلسطينيين والاردنيين وفي تحركات شعبية تدعمهما، في لحظة يواجه الطرفان معا العد التنازلي لزلزال ضم أجزاء من الضفة والاغوار، إلا انها مجددا لحظة لم يتم التقاطها، رغم ما يمكن ان تضيفه من زخم لأي تحرك تزامنا مع اشتعال الولايات المتحدة في قضية مشابهة.

إلى جانب ذلك، إضاعة لحظة كهذه تعني ببساطة إضاعة اخضاع الشرطة الإسرائيلية للمساءلة وهو مطلب فلسطيني تاريخي بعد الكثير من الحوادث التي شابهت ظروفها سابقا ظروف حادثة إياد الحلاق.

(سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 17/6/2020)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مراكز الدراسات الإسرائيلية: عقبة نتنياهو أم ضعف واشنطن؟

  رأي رندة حيدر   منذ السابع من أكتوبر، شهدت العلاقات الإسرائيلية-الأميركية تطورات وتغيرات متلاحقة. وبعد التأييد المطلق لإسرائيل في حربها، وتقديم مظلة فولاذية من ...