آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » وجها لوجه بين التفكير والتكفير 

وجها لوجه بين التفكير والتكفير 

 

 

سمير حماد

 

لا اعتقد ان احدا في بلادنا او دول الجوار ، فاجأه نجاح الثورة و سقوط النظام الفاسد ، بل ربما تفاجأ الجميع بالطريقة التي سقط بها…وهي طريقة تليق بنظام مجرم مستبد، ارهق البلد بظلمه وجرائمه وتخريبه حد الدمار والإبادة لشعب هو من اعرق شعوب الدنيا ، وارض من اعرق واجمل بلدان الارض ..

هل أربك نجاح ثورة التغيير في بلادنا جموع النخب و المثقفين عموما ياترى ؟ وهل أدرك المثقف الآن , انه كان يعيش في كهوف نظام وحشي , نشأ وتربى في أحضانه , وأن كل ماكان متوفرا له من مساحة للحركة والحرية , كان هبة منه , ولهذا فهو لم يكن بحاجة لقمعه ( إلا ما ندر) , لأنه أفلح في تدجينه واستخدامه كبوق له ..؟؟

لكن, و بعد هذا الحراك التغييري المذهل , وان كان منتظرا من زمن طال ، بات المثقف عاريا , أمام السلطة والمجتمع , وعليه الٱن أن يواجه الواقع المختلف بجرأة وثبات ، مظهرا دون تلكؤ او تباطؤ موقفه بلا مواربة او التواء …..

في الماضي كان أمام نظام فاسد , لكنه كان يدّعي العلمانية , والمدنية , والدفاع عن المثقف والثقافة وحقوق الانسان، بطلانا وخداعا …..

اما الآن , فالمثقف يجد نفسه , وجهاً لوجه , في حلبة الصراع , بين التفكير والتكفير (الحرية والشريعة او الاصولية ) …

وجد المثقف نفسه , الآن , أمام سلطة مرتبكة مربكة , لايهمها سوى مصلحتها ، مدعية انها مصلحة الوطن , وموقفُها يختلفت بين حين وآخر , وبين وقت وآخر , فهي منحازة , باتجاه التفكير حينا , والتكفير حينا آخر ….

وهذا المثقف في كلا الحالين يجد نفسه تابعا لها , تستدعيه متى تشاء , ليخوض معاركها، مستخدمة منصة الحوار السريع …..نيابة عنها …وهو يدري انها مستعدة للتخلّى عنه , عندما يتعارض موقفه مع مصالحها …هكذا يجد ، هذا المثقف، نفسه في حقل الغام , لايقدرعلى السير فيه دون دليل , وعليه دائما ، ان يحاول المغامرة , لتجاوز حقول الألغام المزروعة ……

هل يستطيع امام هذه التيارات المختلفة بل المتناقضة , أن يجد مكاناً لثقافته؟ وهل سيكون قادرا أن يؤسس لبديل ثقافيّ , في ظل جوع أبديّ للحريّة الفكرية , والسياسية والفنية والثقافية ..؟ أسئلة تطرح نفسها على المثقفين الآن ، في وقت تجتاج فيه المنطقة او البلد افكار التقسيم الذي لا يقود الا الى مزيد من الفوضى والدمار والتبعية لقوى خارجية متصهينة لم يٌعرف عنها محبة هذا البلد او العمل لحمايته ، بل لابتزازه واستغلال موارده وموقعه الاستراتيجي خدمة لمصالحها الخاصة .

هل سيفلح المثقف في إنجاز مهمته , التي تتمثّل بالدفع بالأسئلة حول الواقع , من الغرف المظلمة , باتجاه الفضاء العام ؟ أوالدفع بالأسئلة الخجولة من بطون الكتب , باتجاه الساحات والندوات والحوارات ؟؟؟ أوباتجاه الإعلام إن توفّر مكتوبا, أو مرئياً أو مسموعاً .؟ هل يشير الواقع إلى هذا يا تُرى ؟

ثقتنا كبيرة بارباب الفكر والقلم وبالمبدعين على اختلاف مواهبهم وبقدرتهم على زرع بذور الحرية والديموقراطية في العقول والقلوب ..فسوريتنا الغالية تستحق ان نقف جميعا للدفاع عنها موحدة علمانية قوية صامدة في وجه كل من يحاول المس بوحدتها او شعبها العظيم …

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سوريا خلال قرن : دروس التاريخ ومسارات التحول

  م.حسان نديم حسن شهدت سوريا خلال السنوات المئة الأخيرة تحولات كبرى رسمت مسارها السياسي والاجتماعي والاقتصادي و شكلت معالم هويتها وسط عواصف السياسة وتقلبات ...