*كتب:نبهان نبهان
ياترى هل وصل أعداء سورية إلى أهدافهم بتدمير بنية المجتمع وتحويلنا بالفكر والممارسة إلى كانتونات دينية وطائفية وعرقية ومالية ؟! هل نجحوا بسرقة العقل السوري وتدمير المستقبل السوري لتحويل الدولة إلى دولة فاشلة ؟ أعجز عن الكلام عندما أرى كيف أن خيرة الكفاءات ترحل عن البلد وأعجز عن الكلام أيضاً عندما أرى أن حلم اي صبية أو شاب أصبح الهجرة والهجرة فقط وبكل الطرق الشرعية واللاشرعية للأسف وبالمقابل هناك آلاف المهندسين الشباب بلا أي عمل وينتظرون فرزهم بعد تخرجهم من سنوات بحجة التنمية الإدارية وادارة الموارد البشرية للجهات العامة !!! وهناك غيرهم وغيرهم من بقية الاختصاصات عاطلون عن العمل أو مشردون بالشوارع أو يعملون على البسطات والمحلات بانتظار نتائج المسابقات المزعومة أو التي ستجري بنفس حجة التنمية الإدارية ! في حين أن معظم الدوائر الرسمية والشركات والمؤسسات الحكومية فقدت معظم كوادرها وأصبحت تفتقر الآن إلى الموظفين وخاصة الخبرات والكوادر الفنية والاختصاصية ترى ماهو مبرر أن لايستطيع من حمل شهادة الثانوية أن يسجل تعليم مفتوح بنفس العام ولماذا رفع المعدلات الجامعية ورفع أقساط التعليم الموازي وأقساط الجامعات الخاصة ؟ .. استغرب أن ليس هناك اي رؤية بذلك بدل العمل من قبل الجهات المعنية بأن تستوعب كل شبابنا بجامعاتنا ومعاهدنا باستراتيجية واضحة وشفافة ومعلنة من خلال تكريس دور الجامعة الوطني في بناء المجتمع .. ياترى هل الدول التي تستقطب خيرة شبابنا ومن كل الاختصاصات والأعمار ( مثل ألمانيا وفرنسا وكندا واستراليا والسويد ومصر وغيرها الكثير ) هي جمعيات خيرية ؟
للأسف ان ذلك باختصار هو سرقة العقل السوري وشبابها وبالتالي تدمير المستقبل السوري ولاسيما في ظل هذه الضائقة الاقتصادية والمعيشية المذلٌة السائدة لدينا حالياً وليس هناك من يريد أن يرى ويسمع ويعي ويفهم ويفعل .. ماوصلنا اليه للأسف تم الاعداد والتأسيس له بعناية فائقة من قبل أعدائنا قبل سنوات وسنوات سبقت هذه الحرب الكونية الصهيوعالمية وقد تم الإعداد لها وتنفيذها بسلاسة عن طريق صهاينة الداخل المنتشرين في كل المفاصل والاماكن والمستويات في ظل تراخي الأجهزة المعنية في حينها وانحرافها عن دورها المحدد التي أُنشأت من أجلها فوصلنا الى ماوصلنا اليه والكل مسؤول بلا استثناء فقد أضعنا جميعاً بجهلنا وطناً كان حلماً اسمه سورية .. والآن ان محاربة الفساد ومعالجة الوضع المعيشي والضائقة الاقتصادية في ظل الحصار الاقتصادي الجائر على بلدنا ليست مجرد تصريح بزمن (كترة الحكي والضجيج الفارغ).. ولايتم ذلك باعفاء فلان أو فلان ولعبة تغيير الطرابيش وتبديل الكراسي .. ان ذلك يتم باختصار بحسن إدارة الأزمة بالقول والعمل معاً من خلال خلية أزمة تعمل على مدار الساعة ولكل حالة على حدة بعيداً عن الروتين واللجان واللجان المنبثقة والأنظمة والقوانين المختلفة والمتخلفة بالأصل .. لابد من استيعاب أن سوريا قبل 2011 هي غيرها حالياً فنحن مانزال بحالة حرب كونية وحصار اقتصادي جائر من أعدائنا وانا لا أقلل أبداً من آثارها ولكن لابد من العمل على امتصاص ما أمكن من آثار الأزمة على الوطن والمواطن وبالتأكيد أن ذلك ليست مجرد كبسة زر ..
وبرأيي المتواضع أن محاربة الفساد ومعالجة الوضع المعيشي تبدأ بتغيير بنيوي وجذري لبيئة العمل الإدارية السائدة لدينا من خلال ثلاثية الاصلاح ( الإرادة والإدارة والقانون ) والتي تبدأ بتحليل اسباب مااوصلنا الى هنا بجرأة وشفافية بعيداً عن التخفي خلف شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد ودفش المشاكل الى الامام من خلال فريق عمل منتمٍ أولاً ويتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة ثانياً .. يضع برنامج عمل متكامل للمعالجة محدد الأهداف ومحدد المدة ومبرمج المراحل تحت مظلة القانون على الجميع فلايبنى الوطن بالتمنيات فقط .. ولابد من إعادة النظر بالبنية الإنتاجية باستثمار ثرواتنا ومواردنا ( المتوفرة حالياً أو التي يمكن توفيرها ) ولاسيما الزراعية فلابد من التركيز على تصنيع الزراعة وليس تصنيع السيارات والكماليات ( التي نستورد مستلزماتها بالعملة الصعبة ) والتأكيد على تصنيع بدائل الطاقة ونحن بلد يحظى طوال العام بالهواء والشمس وقد تأخرنا كثيراً بذلك ولابد من وضع برنامج مدروس وممنهج لانشاء المصانع بحسب الصناعات اللازمة والضرورية لتحسين المعيشة وخلق فرص عمل تستوعب شبابنا وكفاءاتنا من خلال خريطة اقتصادية مدروسة وليست عشوائية بحسب المصالح ولون العيون .. قد يقول البعض أن معظم ثرواتنا النفطية والغاز أصبحت خارج حدود سيطرة الدولة من جهات متعددة وهذا صحيح ولكن بالمقابل ونحن بحالة حرب لابد من التركيز على حسن استثمار الثروات المتوفرة لدينا مهما كانت قليلة أو التي يمكن توفيرها من خلال الأصدقاء بعلاقات يجب أن تكون متكافئة ونديّة وسوريا تاريخياً لم تقصر أبداً بواجبها الإنساني والدولي والوطني تجاه كل الاصدقاء والاشقاء بدم شهدائنا .. كذلك لا ادري كيف ولماذا يضطر كبار الصناعيين الشرفاء الباقيين بالبلد إلى الهجرة بدلاً من العمل على استقطابهم واستقطاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال والمستثمرين السوريين بالخارج وتشجيعهم على العودة للبلد من خلال قرارات جريئة وتسهيلات موضوعية وليست تطفيشية تربط الموافقات بمشاركة بعض أصحاب القرار وبالتأكيد ليس كل من ترك البلد هو خائن وليس كل من بقي بالبلد هو وطني وشريف واسألوا أمراء الحرب الجدد ماذا فعلوا لأجل الوطن ومن أين ثرواتهم ..!
ورغم الأسى والوجع والإحباط أتمنى أن لا نيأس وفاءً لدم شهدائنا وجرحانا وصمود شرفاء الوطن الذين تحملوا شظف العيش بالقول والعمل والموقف .. فالبلد وبالرغم من سرقة العقل السوري ومن كل ماجرى لاتزال تذخر بالكفاءات ( خارج وداخل الوطن ) من ذوي الانتماء والكفاءة والخبرة والنزاهة ولعلّه الأمل القريب القادم من بعيد لتبقى سورية أم النور سورية الحضارة والإنسان ومع وجعك ياوطني بيخلص الحكي …….
(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب27-9-2021)