آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » خواطر مغترب

خواطر مغترب

د. سليمان الصدي

ما لمس الحب شيئاً إلا وجعله مقدساً -كما قال مولانا الرومي- لقد جُبِلتِ من الحبّ يا شام، وحبّك يسكن كريات دمي الحمر، فيجعلها خضراً، أحاورك لتسمعي ما يوجع قلبي، وما يجعله يرتجف حزناً، فكلما أزِفَ موعد سفري عذّبني ألم الفراق، مع أنك تسكنين قلبي، فلا أراك بعيني؛ لأن العين قد تجد أجمل، إني أراك بقلبي، ولا تتشابه القلوب.أتردد في العودة إلى موطن غربتي، أتألم في عشقي، فلو أن نسائمك قابلة للعناق، لو أن ترابك قابل ليكون زاداً لكياني يكفيني قوت يومي، إنني ممتلئ بك لحماً ودماً، روحاً وعقلاً، فلا حقيقة في حياتي سواك.كم يؤلمني أن أعاتبك، أن أزعجك، أقسو عليك، لربما كنتِ نائمة، كم أرغب في مداعبة خصلات شعرك، كيف سأداعبك، وأراقبك في غربتي؟

 لن أكون متماهياً في ترابك، وشوارعك، ونسائمك في غربتي، لن أعاتبك كما يفعل الحبيب مع حبيبته، لن أغضب متألماً لواقع حالك.هل يغضب ويعاتب سوى العاشق، إنهم يمرون بي ولا يعرفون أنني شجرة عمرها آلاف السنين، يمرون بي ولا يعرفون أن جذوري منغرسة في أعماق ترابك، تعانقه، كما يفعل العاشقان، فمهما كان سيفك حاداً، ومهما حدث فلن يخفف ذلك من قناعتي أنني بحبك أبقى على قيد الحياة، أخشى أن تحتاجي إلى قطرة دم مني، ولن أكون قريبا منك، أخاف أن تعطشي ولا أستطيع أن أُمطرك من ماء عشقي، أخاف أن يهاجمك البرد وأنا ارتدي معطفي بعيداً عنك.لا أريد أن تكون سيوف الغاصبين مسلطة على عنقك، صوتك ياشام يؤلمني كلما أزف موعد سفري. من دونك يا شام أيُّ إيقاع ضجيج، أي فرح جنون، أي كلام هذيان.لي حبيبة تعيش بين ذراعيك، أوصيتها بك، أوصيتها أن تمسح برفق جراحك ببلسم الحب الذي زوّدتها به، أن تجدل ضفائرك الشمسية.

إنها المرة العاشرة التي يرفضون فيها مغادرتي على الحدود لأن جواز سفري يرشح دماً وألما وعشقاً. أغادرك وأنا أعاهدهم أنني سأعود إليك قبل أن ينتهي موسم الياسمين هل سيسمحون لي بالعبور؟ يا شام أوصيك بحبيبتي، لولا وجودك لما كان شعر ولا نثر، لن أودّعك لأن الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينه، أما الذي أحبك بروحه وقلبه فلا ينفصل عنك، فانتظريني أيتها المجدلية.

(سيرياهوم نيوز27-9-2021) 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أُهلِكْنا في العَذابِ مَرّتَينْ..!!

    أحمد يوسف داود   أًخيراً بِتُّ أَعتقٍدُ أَنّهُ صارَ علَينا أَنْ نَتنَبّهَ إلى أَعمارِنا المَهدورَةْ، وأًنْ نَدفِنَها بِلا أَدعِيَةٍ وَلا أَذانٍ ولا صَلَواتْ!. ...