محمود الصالح
أقام المرصد العمالي في الاتحاد العام لنقابات العمال ورشة عمل حوارية بعنوان «إدارة عملية التنمية الاقتصادية في سورية في ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية» شارك فيها نخبة من المفكرين والأكاديميين الاقتصاديين والقانونيين والإداريين.
رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أكد أن الاقتصاد السوري لم يكن في يوم من الأيام بعيداً عن التحديات، وهذا حال أي اقتصاد في العالم، ولكن تبقى لسورية خصوصيتها في مواجهة الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار رئيس الاتحاد إلى أنه في عام 2000 أطلق مشروع التطوير والتحديث وأعطى القطاع الخاص مساحة أوسع وحررت الكثير من القطاعات، ووصف القادري الخطة الخمسية إنها كانت متسرعة لأنها كانت تحتاج إلى ثلاثة أضعاف مدتها الزمنية المقررة، وأثبتت الأيام صوابية رؤية الاتحاد العام لنقابات العمال في هذا الاتجاه، وكنا ندعو دائماً إلى تحقيق التكامل بين أطراف العملية الاقتصادية والإنتاجية في البلاد.
وختم القادري كلمته بأنه اليوم هناك جدل واسع في سورية لما بعد الحرب، هل نريد العودة بسورية كما كانت عليه قبل الحرب؟ أم إننا يجب أن نعمل على وضع رؤية جديدة، ورغم أن الحرب لم تنته حتى الآن وهناك جزء من الأرض السورية مازال محتلاً وكذلك إمكانيات سورية اليوم ليست كما كانت قبل الحرب، فلا يمكن أن نتحدث عن تنمية من دون أن يكون هناك إنتاج.
مدير المرصد العمالي جمعة حجازي طرح الكثير من الأسئلة لتحقيق التفاعل بين الحضور منها، حول دور الدولة في المرحلة القادمة: هل نحن قادرون على القيام بخطوات عابرة أم جوهرية؟ وهل الهدف هو تحقيق النمو الاقتصادي على حساب الأمن الاجتماعي؟ وهل لدينا القدرة على إدارة حالة الندرة، وإدارة نموذج خدمات على قدر هذه الموارد؟ وأضاف حجازي: تتم الآن المقارنة بين الرعاية الاجتماعية ونماذجها المختلفة، فهل لدينا الامكانيات للقيام بذلك؟ وهل يمكن بناء التشاركية مع القطاع الخاص من أجل عدم وقوع الطبقات الهشة والفقيرة في المزيد من حالة العوز؟ وهل نمتلك القدرة على إدارة مفهوم جديد عن التنمية أم إننا ندير الأمور يوماً بيوم؟
الوزير السابق إسماعيل إسماعيل طلب عدم الحديث عن الأخطاء السابقة وإن كانت حقيقية، وطلب أن يتم التركيز على وضع إستراتيجية وتحديد ماذا سنفعل في القطاعين العام والخاص، ودعا إلى ضرورة أن يكون للدولة دور اقتصادي في القطاع السيادي العام مثل الكهرباء والنفط، واستشهد بما قامت به الحكومة الفرنسية في مجال الكهرباء في السنوات الأخيرة،
ولا يبرر إسماعيل استمرار الدولة في بيع الخضار والجلديات لأنها لم تحقق أي رعاية اجتماعية، حيث فشلت «السورية للتجارة» في توفير الرعاية الاجتماعية سوى بالنسبة للمواد التي كانت تقدمها، ولفت إلى أنه منذ عام 2014 وحتى الآن لم تصدر ميزانيتها ومع ذلك تقدم لها الحكومة بين فترة وأخرى المليارات من الخزينة.
ويرى إسماعيل أن المشكلة أن القانون كشبكة العنكبوت لا تقع فيه إلا الحشرات الضعيفة، وذكر أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في الأزمة وخلالها في الناتج الاقتصادي 65 بالمئة، واستذكر قانون حماية المستهلك الذي وصفه بأنه شكل كارثة اقتصادية لأنه حصر الاستيراد بيد قلة من التجار للمواد الأساسية.
الباحث ليان مسعد قال: في سورية منذ عام 1946 لم نطرح السؤال الصحيح، وهو من هي سورية؟ ومن هم السوريون؟ وما هي سورية التي نريدها؟ وما النموذج الاقتصادي المتوخى النابع من المصلحة السورية العليا؟
ويرى مسعد أننا عاجزون عن إقامة ليبرالية اجتماعية صحيحة، ولا يرى الليبرالية حالة سيئة وإنما هي جيدة للتنمية، ولكن شرط ألا تكون متوحشة كما هي في الدول العربية والإسلامية. وقال: على الدولة أن توفر الحد الأدنى من الرعاية الصحية والتعليمية، وعلينا أن نسعى بعد انتهاء الحرب إلى إقامة جبهة سياسية ديمقراطية وطنية عريضة لتطبيق ما سينتج عن مثل هذه الورشات.
الباحث أيهم أسد قال: هناك مجموعة من النقاط يجب العمل عليها وهي تحديد النموذج التنموي، ووضع إستراتيجية واضحة في الإصلاح الاقتصادي، والعمل على تحقيق توازي مسارات الإصلاح، وإعادة النظر في منظومة الدعم بالنسبة للأشخاص وليس المواد، وتطبيق الشفافية المالية أمام الرأي العام، والإسراع في الانتقال اللامركزية الإدارية، وضبط الفساد المالي والإداري.
الباحث أيهم ديوب قال: ليس هناك نقص في موارد الدولة وإنما هناك مشكلة في إدارتها، كذلك توجد مشكلة صعبة هي «الإسهال» في التفكير و«الإمساك» في التعبير، وإذا كان الفكر سيالاً فإن القلم مقيد، ويعتقد أن إدارة التنمية في الرؤية السابقة غير مجدية وحتى الآن لا نرى أثراً لخطة سورية 2020-2030 التي أعلنت في عام 2018. ويرى أن مشروع الإصلاح الإداري كان رائعاً عند طرحه لكن المشكلة في التطبيق نتيجة عدم وجود أشخاص في الحكومة قادرين على تنفيذ السياسات الجيدة، اليوم 90 بالمئة من أبناء الشعب السوري لا يعرفون سورية أين هي ذاهبة في عملية التنمية.
الإعلامي طالب قاضي أمين تحدى الإعلام الحكومي بأن ينقل ما دار في هذه الورشة بشفافية، وتساءل: هل ستكون هذه الورشة قادرة على لجم صاحب القرار في الإصلاح الإداري، ويرى أن الحكومة تسمع وتعرف كل شيء لكنها لا تنفذ، واليوم الفساد ينخر في البلاد والإعلام يبيض صفحات الفساد، وذكر أن هناك ازدياداً كبيراً في عدد المتسولين و«النباشين» في القمامة فلقد وصلت الأمور إلى حالة الكارثة، وطالب اتحاد العمال بالعودة إلى دوره الأساسي ليكون شريكاً في إدارة الدولة وصنع القرار.
سيرياهوم نيوز1-الوطن