نشر الكاتب عبد الله مراد أوغلو مقالا في صحيفة “يني شفق” التركية بعنوان “النموذج الكوري الأنسب لأوكرانيا” تناول فيه الرغبة الأمريكية في تحويل الصراع الأوكراني إلى النموذج الكوري.
جاء في المقال:
بالنظر إلى المعلومات الواردة في وسائل الإعلام الأمريكية، تستعد إدارة الرئيس بايدن لتحويل الحرب في أوكرانيا إلى صراع مجمّد قد يستمر لسنوات أو ربما حتى عقود، على غرار الوضع في شبه الجزيرة الكورية، حيث بدأت الحرب الأهلية التي قسمت البلاد إلى “شمالية” و”جنوبية” في عام 1950، وأسفرت عن وقف لإطلاق النار تم توقيعه عام 1953. وعلى الرغم من مرور 70 عاما، لم يتم التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب أخيرا.
في الواقع أن “النموذج الكوري” المتصور لأوكرانيا هو “الحل المفضل” وليس “المفروض” من قبل الولايات المتحدة، التي لم تتخذ موقفا لصالح نهاية هذه الحرب. فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من أوقفتا محاولات جلب كييف وموسكو إلى طاولة المفاوضات، وأدارت الولايات المتحدة ظهرها مؤخرا لمحاولات الصين. تلك التطورات تعزز القناعة بأن الولايات المتحدة تشن “حربا بالوكالة” مطولة مع روسيا في أوكرانيا، أي أن الولايات المتحدة تأمل باختصار في أن تصبح أوكرانيا “أفغانستان ثانية” لروسيا.
وبحسب التقارير التي أشرت إليها في وسائل الإعلام الأمريكية، فإن إدارة بايدن تناقش خيارات حول مكان رسم الخطوط لنزاع مجمد يتفق الطرفان على عدم تجاوزه، فيما أشارت الدراسات إلى أن فكرة تجميد الحرب قد تكون “النتيجة طويلة الأمد المقبولة سياسيا”. وتم التأكيد على أن الولايات المتحدة ستواصل إرسال أسلحة أكثر فعالية، بما في ذلك طائرات حربية من طراز “إف-16” إلى كييف. في واقع الأمر، وفي بيان أدلى به يوم أمس جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن، أعلن أنه سيتم تسليم طائرات حربية متقدمة، بما في ذلك طائرات “إف-16” إلى أوكرانيا.
وبينما تقيّم الولايات المتحدة الوضع بأن أوكرانيا لن تكون قادرة على استعادة المناطق المفقودة بالوسائل العسكرية، فإنها تأمل في أن الحرب التي ستنتشر على مدى سنوات عديدة ستضعف روسيا وستدفع بوتين للاستسلام.
بالطبع فـ “الأمل” ليس استراتيجية، حيث أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة ليس الفوز بأوكرانيا، وإنما إضعاف روسيا قدر الإمكان. ولنتذكر جميعا كيف دعت فرنسا وألمانيا وإيطاليا موسكو وكييف للتفاوض على وقف إطلاق النار، في الوقت الذي عطل فيه جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون “سياسة أوكرانيا” الأوروبية.
لقد نشر رئيس “مجلس شيكاغو للشؤون الدولية”، إيفو دالدر، والذي كان سفيرا للولايات المتحدة لدى “الناتو” أثناء رئاسة باراك أوباما، مقالا في صحيفة “بوليتيكو” بعنوان “لا يمكن أن ينتهي الصراع حتى تصبح أوكرانيا جزءا من الغرب”، قال فيه إن “فشل بوتين الاستراتيجي لن يكتمل إلا عندما يدرك أنه خسر أوكرانيا بشكل دائم ماديا واقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا”. وتحقيق هذا الفشل يجب أن يكون الهدف النهائي ليس فقط لأوكرانيا، ولكن للغرب أيضا.
ووفقا لدالدر، فإن هزيمة بوتين العسكرية في أوكرانيا واندماجها في الغرب ستجلب الوعي بالفشل الاستراتيجي لروسيا. وتجدر الإشارة إلى أن دالدر أعرب عن آراء نخبة السياسة الخارجية المتشددة المناهضة لروسيا.
ستعقد قمة “الناتو” في العاصمة الليتوانية فيلنوس في الفترة من 11-12 يوليو المقبل، وتمت دعوة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لحضور القمة، كما أنه من المتوقع أن تناقش القمة عضوية أوكرانيا في “الناتو”. ومع ذلك، ففي هذه المرحلة، لا يبدو من الممكن لدولة في حالة حرب وحدود متنازع عليها أن تقبل في الحلف، الذي يتعهد في مادته الخامسة بتقديم المساعدة للدول الأعضاء في حالة الهجوم المسلح عليها. من المعروف كذلك أن عددا من الأعضاء الأوروبيين في “الناتو”، بما في ذلك ألمانيا، لا يفضلون عضوية أوكرانيا في “الناتو”.
لقد أقر دالدر بأن عضوية أوكرانيا في “الناتو” لن تتم في أي وقت قريب، “ومع ذلك، من المهم أن ترسل دول (الناتو)- بشكل فردي وجماعي- رسالة إلى أوكرانيا بأنها لا تقدر فقط رغبتها في الانضمام إلى الحلف، وإنما تعتزم القيام بذلك بمجرد أن تسمح الظروف بذلك”. ووفقا لدالدر، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية ودول “الناتو” توضيح التزامها بأمن أوكرانيا، وأنها ستسعى في إطار الترتيبات المؤقتة حتى العضوية الكاملة، كما فعلت مع فنلندا والسويد.
وأنهى دالدر مقالته بأن “الجدل حول عضوية (الناتو) يهدد بإخفاء حقيقة أكبر، وهي أن أمن أوكرانيا يكمن في الغرب، ولا يمكن أن ينتهي الصراع حتى تصبح أوكرانيا جزءا من الغرب. السؤال الحقيقي ليس إذا ما كانت أوكرانيا ستصبح جزءا من الغرب، وإنما كيف ومتى”.
سيرباهوم نيوز 4_راي اليوم