خالد زنكلو
كشف رئيس قسم العناية المشددة في مشفى الرازي الحكومي في حلب الدكتور راني صنونو أن حصة المشافي الحكومية والخاصة من أطباء التخدير في المدينة تعادل طبيباً واحداً فقط لكل مشفى!.
وبين صنونو، في تصريح لـ«الوطن»، أن عدد أطباء التخدير المسجلين في فرع حلب لنقابة الأطباء نحو 140 طبيباً، في حين يبلغ عدد الموجودين منهم في حلب نحو 80 طبيباً، يعمل منهم في مجال التخدير 50 طبيباً، كحد أقصى «وهو تقريباً عدد جميع المشافي الحكومية والخاصة في حلب».
وأشار إلى أن المشكلة الأساسية لواقع التخدير بحلب «هي في تحصيل أجور التخدير من المشافي الخاصة، لكونها مرتبطة بنسبة مئوية من أجور الطبيب الجراح، حيث يتم التلاعب بتسجيل الأجور وتقرير النسبة بشكل كيفي، على اعتبار أن اعتماد نظام الدفع والمحاسبة في معظم المشافي الخاصة محصور بيد الجراح الذي يوزع الحساب على المشفى والمخدر، في ظل غياب القوانين الرادعة للمشافي وللجراحين لضبط الأسعار وتسديد أجور التخدير الحقيقية».
وضرب مثالاً على ذلك بقوله: «يتقاضى الطبيب الجراح أجور عملية المرارة في المشافي الخاصة بين 300 ألف إلى مليون ليرة سورية، تبعاً لمواصفات المشفى والجراح، على حين يتقاضى الطبيب المخدر أجوراً بين 25 ألفاً إلى 120 ألف ليرة، وللمعايير ذاتها، وبنسبة تتراوح بين 5 و15 بالمئة في معظم المشافي، فيما يفترض أن تحدد النسبة بـ35 بالمئة مع أجور فني التخدير ضمناً».
وأضاف: «المشكلة هي في نظام العيادات الخاصة وتحويل المريض من عيادة الجراح، وبالتالي، يعتبر المشفى أن الجراح هو المقرر للأسعار ويكون رضاه مطلوباً ليستمر بإرسال المريض لهذا المشفى بالتحديد، وهكذا استمرت عبر السنوات فكرة تخفيض أجور الطبيب المخدر، بما أن المشفى يؤمن العمل للطبيب والمشفى بحاجة لتحصيل أكبر مبلغ مالي من الجراح لتغطية نفقاته، ولتنخفض أجور التخدير حتى وصلت لأرقام مخزية لا يمكن تصورها نسبة إلى مخاطر تخدير المريض ونوعية العمليات».
وأوضح أن المشكلة مستمرة منذ عشرات السنين «لم يقم أحد من المسؤولين خلالها بالتحرك لاتخاذ أي إجراءات لتحسين الوضع أو إيجاد الحلول، على الرغم من المساعي التي بذلها أطباء التخدير الذين رفعوا أصواتهم عالياً منذ 2006، وعلى أثرها جرى تشكيل جمعية المخدرين ثم رابطة المخدرين».
وأضاف: «الاستجابة الوحيدة التي حصلت، هي إقرار مكافآت التخدير في المشافي الحكومية، وكانت مقبولة في وقتها، مع أنها أفرغت من محتواها وهدفها المتمثل في تشجيع الأطباء المقيمين على الدخول في اختصاص التخدير، إذ جرى ربطها بالدوام والإجازات ومزاجية مديري المشافي، ومعظمهم من الجراحين».
رئيس العناية المشددة في «الرازي»، التابع لوزارة الصحة، لفت إلى أنه تم تقديم اقتراح إلى مجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء «بتعديل نظام الوحدات وتحديد سعر الوحدة برقم منطقي في المشافي، مع ارتفاع الأسعار في البلد، عدا وضع أنظمة محاسبة ومتابعة لتنفيذ هذه التعديلات ليصل لكل طبيب إلى حقه وأجوره، لكن للأسف حتى الآن لا يوجد أي توجيه أو تجاوب أو تحسن في ملف الأجور، إضافة لشركات التأمين التي تسير للأسف أيضاً على أسلوب التلاعب نفسه بالنسبة وعدم تحويل حساب الطبيب المخدر للمصارف».
ودق ناقوس الخطر بتأكيده أن أعداد اختصاصي التخدير «في تناقص مخيف، بسبب العمر والوفاة والهجرة، وفي ظل عزوف الخريجين من الأطباء في كل أنحاء القطر على الإقامة بهدف الاختصاص في مجال التخدير».
وتوقع أن يصبح الوضع «كارثياً» في المستقبل القريب «وخلال السنوات الثلاث القادمة بالتحديد، بالنسبة للتخدير في المشافي الحكومية والخاصة، لعدم وجود العدد الكافي لتغطية التخدير في كل المشافي»، كاشفاً أن عدد أطباء الدراسات العليا والمقيمين للتخدير في مشافي وزارتي التعليم العالي والصحة بحلب حالياً لا يتجاوز 5 أطباء!.
وعن نزيف أطباء التخدير المستمر إلى خارج البلاد، نوه الدكتور صنونو إلى أن الصومال واليمن والعراق تتبوأ راهناً مركز الصدارة في استقطابهم «وبأجور نحو 2500 دولار شهرياً للأولى والثانية و2000 دولار للثالثة، تليها دول الخليج العربي وبهامش أجور يتراوح بين 5000 و10000 دولار شهرياً، حسب الشهادة والبورد وسنوات الخبرة، فيما يتراوح وسطي الدخل في سورية لهؤلاء بين 800 ألف وحتى مليوني ليرة، وعدد قليل جداً منهم يصل إلى وارد جيد جداً».
وعن الحلول الواجب اتباعها من المعنيين، شدد على أنها تتركز في «وضع تسعيرة حقيقية، ومتابعة تطبيق التسعيرة، بوضع قوانين وعقوبات صارمة، كعقوبات تجاوز الفاتورة والتلاعب بالأسعار كما هي الحال في باقي القطاعات التجارية والاقتصادية، إلى جانب إيقاف المشفى الخاص عن العمل ليوم واحد أو تغريم المشفى أو الجراح بغرامات كبيرة عند كل شكوى بحقهما، والأهم عدم السماح لأي مشفى بالاستغناء عن طبيب التخدير أو استبداله بآخر في حال مطالبته بحقوقه وأجوره، أي أن يجري إقرار صياغة أو عقد بين المشافي وأطباء التخدير توثق في الصحة أو في النقابة، ويمنع صرف أي اختصاصي من دون أسباب موجبة طبية أو أدبية».
يذكر أن محافظة حلب كانت تضم قبل الحرب 104 مشاف خاصة، حصة مدينة حلب منها 81 مشفى، لا يقدم الخدمة منها حالياً سوى 46 مشفى، على حين تتوزع المشافي المتبقية الخارجة عن الخدمة إلى 14 مشفى خارجة عن الخدمة لأسباب اقتصادية و20 مشفى بسبب تعرضها للتخريب نتيجة الإرهاب، في حين خرج مشفيان عن الخدمة بقرارات إدارية من وزارة الصحة، وألغى أصحاب 3 مشاف ترخيصها من جراء تعرضها لخسائر اقتصادية ولعدم جدوى المردود في هذا النوع من الاستثمار.
سيرياهوم نيوز1-الوطن