| مهند الحسني
انتهت مشاركتنا في بطولة أمم آسيا لكرة السلة لكن الحديث عنها لم ينته بعد، فقد أرخت هذه المشاركة بظلالها السلبية تاركة خلفها الكثير من الاستياء والوجوم لدى عشاق اللعبة، بعدما تلاشى الحلم الذي طالما أتحفونا به بتحقيق نتائج جيدة ومنافسة قوية لمنتخبنا، واصطدمنا بواقع سلوي مرير إثر خروجنا المأساوي بثلاث خسارات مؤلمة كانت كافية لإطفاء وهج تفاؤلنا الذي اتسع قبل البطولة بعدما شطح البعض بتطلعاته وبأن منتخبنا سيكون بمنزلة الحصان الأسود في البطولة، لتقع سلتنا في مطب لا يحمد عقباه، أضافت إلى سجلها خيبة جديدة بعدما خيّب منتخبنا آمال عشاقه ومحبيه بهذا الخروج المخزي والأداء المتواضع والنتائج الرقمية المتواضعة.
لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن هذه النتائج قد تركت غصة في القلب وفي النفس حسرة، وكان لهذه النتائج قول الفصل في توديع الحلم وتشييع أطياف الأماني بتلاشي حلم تسجيل حضور طيب ونتائج توازي طموحنا.
فالمتأمل في واقع سلتنا يدرك أن هناك بداية إشكالية، وخللاً في البناء الهرمي لكرة السلة السورية وأن الحلول لا يمكن أن تتم بيوم وليلة.
حقيقة
ندرك تماماً أن حال منتخبنا الوطني بكرة السلة، لن يكون أفضل في المرحلة القادمة، بعد سلسلة من الخسارات المؤلمة والقاسية، ونعرف مسبقاً أنه لن يكون فارس البطولة الآسيوية الحالية، وإن حصل ذلك فسيكون على جناح المصادفة أو الطفرة، وفوزنا الوحيد على منتخب كازاخستان الذي يلعب في هذه البطولة وسط غياب أفضل نجومه لا يعني أننا أصبحنا على الصراط المستقيم، لأن بناء المنتخبات الوطنية لا يكون بالأمنيات فقط ولا بالتصفيق والحماسة، أو العزف على وتر المشاعر الملتهبة، وإنما بالعمل الصحيح والمدروس والتنفيذ الدقيق على أرض الواقع.
واقع مرير
يقول المثل الشعبي (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان) هذا المثل زرعه في أذهاننا آباؤنا، وفيه اختصار لكثير من الحكم والنصح لأن يكون شعاراً لمرحلة كاملة، وإذا أردنا أن نطبق هذا القول على اتحاد السلة الحالي في إعداد منتخباته الوطنية، فإننا نمنحه علامة الصفر من دون تردد أو خجل، وما يحز في النفس أن كل التحذيرات والتنبيهات التي أشار إليها رجال الإعلام الوطني وخبراء اللعبة، لم تلق آذاناً مصغية عند أصحاب القرار في اتحاد السلة، فكان ما كان، وأصبح الكابوس الذي كنا نخشاه واقعاً، واستيقظنا على واقع مرير، وفشل كبير في تقديم منتخب يليق باسم سورية وسمعتها السلوية.
وإذا كانت محطات التقييم متدرجة، فإن أعلى مراحل عمل الاتحادات هو منتخباتها الوطنية، فالمنتخب يعد حصيلة إستراتيجية، ورؤية فنية بعيدة، فإن اتحاد السلة ينال علامة الصفر، ليس بسبب سوء النتائج فقط لأن الرياضة تتساوى فيها احتمالات الفوز والخسارة، لكن أن يكون الأداء هزيلاً وبدائياً وغير منضبط معتمداً على المبادرات الفردية حيث ظهرت فيها السلة السورية كالقزم أمام عمالقة آسيا، إضافة إلى الأخطاء الإدارية والفنية التي طفت قبل سفر المنتخب، وخاصة ما يتعلق بغياب اللاعب المجنس أمير جبار عن أهم بطولة كنا بأمس الحاجة له فيها.
ميزان المحاسبة
يجب ألا تمر نتائجنا في بطولة آسيا مرور الكرام، وإذا أردنا التحدث عن المسؤولية المباشرة للاتحاد في هذا الفشل الذريع، فإن سوء الإعداد وتخبطه والمصالح الشخصية والمحسوبيات هي العناصر المباشرة لمعادلة الفشل التي صنعها اتحادنا عن سابق الإصرار والتصميم، وكان بإمكانه وببساطة شديدة تجاوزها.
أسئلة من دون إجابات
لن نطالب منتخبنا بتحقيق أحد المراكز الأربعة لأننا نعرف حقيقة مستوانا ونعرف البير وغطاه، فمن الطبيعي أن يخسر رجال سلتنا أمام السلة النيوزلندية واليابانية والإيرانية لأنها تتفوق علينا بكل شيء، ولكن من غير الطبيعي أن تخسر بفارق يصل إلى 61 نقطة ويظهر منتخبنا كالقط الأليف استباحت سلته جميع المنتخبات.
ومن الطبيعي أن نسعى لتعزيز الأداء الدفاعي للمنتخب في ظل غياب المواهب الهجومية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة التركيز على الجانب الدفاعي استقبال سلتنا لـ117 نقطة في مباراة اليابان.
ومن الطبيعي أن نستعين بمدرب أجنبي عالي المستوى في ظل ظروف مدربينا الوطنيين الحالية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة المنتخب مع المدرب الوطني أقل سوءاً من المدرب الأجنبي الذي يتقاضى ما هب ودب من أموال نحن بأمس الحاجة إليها في مفاصل رياضتنا بشكل عام، فخسرنا في عهد المدرب الأجنبي بفوارق رقمية لم نخسرها في عهد أي مدرب وطني.
ومن الطبيعي التعاقد مع لاعب مجنس لستر عوراتنا الهجومية، ولكن من غير الطبيعي أن نسعى لعدم تأمين الأجواء المريحة لهذا اللاعب ونخسر جهوده في أهم بطولة قارية.
ومن الطبيعي أن يصبح منتخبنا في ظل الإعداد المتواضع مثقبة ومقطعة لكثرة ما استقبله من نقاط، ولكن من غير الطبيعي ألا يتجاوز مجموع نقاطنا 77 نقطةً، ومن الطبيعي أن يتم الاستغناء عن مدرب وطني كان لوجوده أهمية كبيرة، لكنه من غير الطبيعي أن يشطب اسمه ويزج بدلاً عنه أسماء أشخاص لا يمتون للمنتخب بصلة والغاية من وجودهم السفر والسياحة وشم الهوا.
من الطبيعي أن ننادي بإصلاح كرة السلة السورية من جذورها، ومن غير الطبيعي أن تكون المناداة بالإصلاح لتصفية حسابات شخصية أو تحقيق آمال وردية وإبعاد أفضل الخبرات الفنية.
والطبيعي أن يتم إعداد المنتخب وتأمين كل المناخات التحضيرية له، لكن من غير الطبيعي أن يكون التفرد بعمل المنتخبات محصوراً بشخصية رئيس الاتحاد ويعلم الأعضاء أخبار المنتخب من وسائل الإعلام.
الطبيعي أن يصرف الكثير من الأموال على تحضير منتخباتنا الوطنية، ومن غير الطبيعي أن تصرف في غير مكانها من دون أن تكون هناك فائدة فنية.
برسم رئيس الاتحاد الرياضي العام
ليست هي المرة الأولى التي نتوجه بها لكم عبر سطور «الوطن» وذلك لإيماننا العميق بأنكم كنتم ومازلتم على قدر كبير من الأمل والسعي لتطوير مستوى السلة السورية، ونعرف أن الدعم الذي تلقته السلة السورية في عهدكم لم تشهده منذ نشأتها، لكن وبعد سلسلة من الخسارات القاسية والمؤلمة التي آلمتنا كثيراً آن الأوان لاتخاذ قرارات جريئة وصحيحة بحق اتحاد السلة التي يتحمل كامل المسؤولية في هذا الفشل الآسيوي، فالقيادة الرياضية وفرت كل ما يلزم باستثناء لبن العصفور، ابتداء من المعسكرات الخارجية، ومروراً بالمدربين الأجانب وانتهاء بالمكافآت المالية الكبيرة، ومع ذلك لم يكن حصاد القائمين على اتحاد السلة مثمراً ولم يكن موازياً لحجم هذا العطاء المقدم، لذلك وجبت المحاسبة، وأرجو ألا يتغنى البعض بالفوز على منتخب كازاخستان الذي شارك بالصف الثاني من لاعبيه.
ونعرف مقدار اهتمامكم بمصلحة الرياضة السورية بشكل عام، وكرة السلة بشكل خاص، ونعرف مسبقاً احترامكم للقرارات الفنية المتعلقة باتحادات الألعاب، لكننا في الوقت نفسه ندرك كل الإدراك حرصكم الكبير على عدم هدر أموال المنظمة على أن تصرف وتوظف بالمكان المخصص لها بعيداً عن الإسراف والهدر، مضى أكثر من عام على تولي اتحاد السلة، وهي مدة كافية لبيان قدراته الفنية، وظهور لمساته الواضحة على أداء المنتخب الذي مازال خطه البياني يسير بالمقلوب، فأصبح منتخبنا في عهده كالقط الأليف الذي تستبيح سلته كل المنتخبات من كل حدب وصوب، فالخسارات كثرت، وبأرقام فلكية، وأداء بدا باهتاً وعقيماً حتى وصلنا إلى طريق مسدود، والتغيير بات مطلباً ملحاً.
وكلنا أمل أستاذ فراس في أن تكون كلماتنا هذه موضع اهتمامكم وتقديركم، وما نتمناه أن تتم معالجة أوضاع المنتخب وأن يكون هناك تغيير جذري في مفاصل الاتحاد، وهناك خبرات سلوية قابعة في زوايا مهملة وهي قادرة على العطاء والتطوير لو توافر لها نصف الدعم الذي تلقاه هذا الاتحاد الذي غنج بكل أنواع الدلال من دون أي محاسبة.
ننتظر تحركاً قوياً بعد هذه النتائج وتغييرات كبيرة قادمة، وغير ذلك لا يسعنا إلا أن نطبق المثل الشعبي القائل (فالج لا تعالج).
لغة الأرقام
مني منتخبنا في لقائه الافتتاحي بالبطولة بخسارة قاسية أمام إيران بفارق ١٣ نقطة ٨٠-٦٧، وخسر مباراته الثانية أمام اليابان بفارق كبير من النقاط وصل إلى ٦١ نقطة وبواقع ١١٧- ٥٦، وتمكن من الفوز في ختام مبارياته بالدور الأول على منتخب كازاخستان بفارق عشر نقاط ٧٧-٦٧، وخسر في لقاء الدور ربع النهائي أمام منتخب نيوزيلندا بفارق 39 نقطة 97-58.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن