أكد الكاتب المختص بشؤون الغذاء والزراعة والتنمية كولن تود هانتر أن أزمة الغذاء والفقر العالمية الحالية هي صنيعة الولايات المتحدة وتهدف من خلالها إلى الحفاظ على هيمنتها في العالم.
وقال تود هانتر في مقال نشره موقع (غلوبال ريسيرتش) الكندي تحت عنوان (أزمة غذاء وفقر مصممة لضمان استمرار الهيمنة الأميركية في العالم) إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر في آذار الماضي مما سماه (إعصار الجوع) ومن انهيار نظام الغذاء العالمي في أعقاب الأزمة الأوكرانية وتعطل سلاسل الإمداد جراءها وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والأسمدة وأثر بالشكل الأكبر على الفئات الأكثر فقراً من الشعوب في العالم.
وتابع تود هانتر إن الحرب في أوكرانيا التي تغذيها واشنطن هي في الأصل صراع تجاري و جيوسياسي وصراع طاقة وتتعلق إلى حد كبير بانخراط الولايات المتحدة في حرب بالوكالة ضد روسيا وأوروبا أيضاً فهي تحاول الفصل بين هاتين القوتين وفرض عقوبات على روسيا لإلحاق الضرر بأوروبا من خلال منعها من زيادة تجارتها واستثماراتها مع الجانب الروسي وبالتالي جعلها أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة.
وأوضح الكاتب أن السياسات القائمة على الليبرالية الحديثة التي اتبعتها واشنطن منذ ثمانينات القرن الماضي أدت إلى إفراغ الاقتصاد الأمريكي وإلى ضعف القاعدة الإنتاجية لديها بشدة ولذلك فقد كانت الطريقة الوحيدة أمام الولايات المتحدة للحفاظ على هيمنتها هي محاولة تقويض الصين وروسيا وإضعاف أوروبا.
واستشهد الكاتب بتصريح للبروفيسور الاقتصادي مايكل هدسون أكد فيه هذه الفكرة مشيراً إلى أن الرئيس الاميركي جو بايدن والمحافظين الجدد يسعون منذ نحو عام إلى منع تنفيذ مشروع (نورد ستريم 2) وجميع أشكال تجارة الطاقة بين أوروبا وروسيا حتى تتمكن الولايات المتحدة من احتكارها لنفسها.
وقال تود هانتر: على الرغم من (الأجندة الخضراء) التي تقول واشنطن أنها تحاول اعتمادها حالياً إلا أنها لا تزال تعتمد على الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري لإبراز قوتها في الخارج، وحتى مع ابتعاد روسيا والصين عن الدولار الأميركي تظل السيطرة على النفط والغاز والديون المرتبطة بها وتسعيرهما بالدولار مفتاحاً لمحاولات الولايات المتحدة الاحتفاظ بالهيمنة.
ولفت الكاتب إلى أن صناع السياسة في الولايات المتحدة يدركون جيداً أن أوروبا ستتدمر بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وأن البلدان المستوردة للغذاء في الجزء الجنوبي من العالم ستعاني كثيراً بسبب ارتفاع التكاليف وأن هذه ليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها واشنطن بهندسة أزمة ضخمة للحفاظ على هيمنتها العالمية والتسبب بارتفاع أسعار السلع الأساسية للإيقاع فعليا بالبلدان الأخرى في شرك التبعية والديون.
وأوضح الكاتب أن وزير الخارجية الأميركي الاسبق هنري كيسنجر كان عام 1973 جزءاً لا يتجزأ من حملة التلاعب بالأحداث في الشرق الأوسط وساعد في خطة إحداث ارتفاعات ضخمة في أسعار النفط في (أوبك) وبالتالي زيادة أرباح شركات النفط الأنغلو أمريكية التي كانت تفرط في الاستدانة في نفط بحر الشمال كما عزز نظام البترودولار مع السعوديين وأوقع الدول الإفريقية التي اعتمدت حينها مسار التصنيع القائم على النفط في حلقة مفرغة من التبعية والديون بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط.
وأضاف “اليوم تشن الولايات المتحدة مرة أخرى حرباً على قطاعات واسعة من البشرية بهدف إفقارها وضمان استمرار اعتمادها على الولايات المتحدة والمؤسسات المالية التابعة لها كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وسيعاني مئات الملايين من الفقر والجوع بسبب سياسات واشنطن التي تنظر إليهم بازدراء وتعتبرهم مجرد أضرار جانبية في لعبتها الجيوسياسية الكبرى”.
سيرياهوم نيوز 1-سانا