الدكتور خيام الزعبي
لسنا بحاجة للحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية لمعرفة أن سورية هي مفتاح الحرب والقضاء على الجماعات المسلحة، فشراسة المعركة الجارية حالياً في ادلب، وارتباك الرئيس أردوغان وأدواته تشير إلى أن الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، ومن المؤكد أننا أمام مرحلة تحمل الكثير من الانعطافات الاستراتيجية السياسية على ساحة إدلب، والسؤال الشائع الذي يتردد في العديد من الدوائر داخل سورية وخارجها، ولا يغيب عن مخيلة أحد من أبناء هذا الوطن: إلى أين تتجه الأمور في ادلب ؟
فهذا السؤال حول مستقبل مدينة ادلب السورية أصبح مطروحاً بل وحاضراً في الأجندات الراهنة ومحدداً ضمن مسارات الأحداث من حيث التخطيط وان بدت معالمه واضحة ومؤكدة للبعض (انتصارات الجيش العربي السوري) الذي حقق إنجازات كبيرة منذ بداية الأزمة لحماية سورية التي كانت تتعرض للكثير من المؤامرات واستطاع أن يحبطها جميعها.
أكد الرئيس التركي أردوغان عقد اجتماع ثلاثي وشيك لوزراء خارجية بلاده وسورية وروسيا من أجل تعزيز التواصل بعد المحادثات التي انعقدت في موسكو بين وزراء دفاع الدول وقادة الأجهزة الأمنية في الدول الثلاث الأسبوع الماضي، في المقابل، الرئيس التركي يستعجل انعقاد هذا المؤتمر لأنه يدرك تماماً أن هذا اللقاء سيكون تمهيداً للقاء القمة المنتظرة بينه وبين الرئيس الأسد في موسكو لإحياء ” اتفاق أضنة” الذي يحمي البلدين من الأعمال الارهابية، كما دعا الرئيس التركي في هذا المجال اتخاذ خطوات جادة لتطهير المناطق الحدودية السورية وفي مقدمتها منبج وتل رفعت من وحدات حماية الشعب الكردية، والعودة الأمنة للاجئين السوريين الى قراهم.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن الرئيس أردوغان يدرك جيداً أن البوابة الوحيدة التي يمكن أن تبقيه وحزبه في الحكم لولاية أخيرة والفوز في الانتخابات المقبلة هي البوابة السورية، ومن هنا لا يقيم الرئيس التركي وزناً لحلفائه في المعارضة السورية الذي دعم مشروعهم الامريكي لإسقاط النظام على مدى السنوات السابقة، وبالموازاة مع ذلك ألمحت تركيا كخطوة أولى على الانسحاب من الطريق الدولي M4 الواصل بين اللاذقية وسراقب وإعادة التموضع في مناطق الدانا وأرمناز وسلقين، وتتضمن عملية الانسحاب التركية تسليم مناطق جسر الشغور وأريحا وإدلب الى الجيش العربي السوري، وفي حال رفضت الجماعات المسلحة إخلاء مواقعها بعد انسحاب القوات التركية من المناطق المذكورة، سيتم القضاء عليها بشكل كامل من قبل الجيش السوري وحلفائه، بالتالي فإن هذه الخطوة ستضع حداً لرهانات أمريكا وستقطع أذرع الغرب وأعوانه في ادلب، وسيسقط حلم أمريكا وحلفاؤها لأنهم يدركون مكانة وأهمية ادلب وستشكل النقلة الكبيرة في القضاء على الإرهاب وتطهير جميع الأراضي السورية من براثينه وأحقاده.
لعلنا تابعنا في الأسابيع الماضية حرص الرئيس الأسد على طمأنة السوريين عامة وأبناء إدلب خاصة بأن معركة إدلب هي معركة الوطن بأكمله، وإن معركة الحسم لتحرير إدلب على الأبواب، كما بعث رسائل عديدة لتطمين أهالي ادلب بالنصر ورفع العلم السوري في كل أحياء المدينة قريباً، وإعادة الحياة الى كافة المدن واستعداد الحكومة لمعالجة المظاهر السلبية والدمار من خلال فرق جاهزة للعمل المباشر بعد طرد التنظيمات المتطرفة، ويتضح ذلك من خلال تأكيده على إنه لا خيار إلا مواصلة تنظيف المنطقة، ودفع الجماعات المسلحة للعودة إلى تركيا.
وبذلك بات تحرير المدينة أمراً واقعاً لا مفر منه، وأصبح المسلحون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام والتخلي عن القتال، أو الموت المحتوم، ونتائج هذه المعركة ستنعكس بشكل كبير على نتائج المفاوضات السياسية، وكذلك على مستقبل سورية والمنطقة ككل.
وأختم بالقول: إن أعداء سورية وأعداء السلام واهمون بأن يفكروا ولو لحظة من الوقت باستمرار الأوضاع الحالية إلى ما لا نهاية، فسورية ستعود أقوى مما كانت ولن يستطيع أحد أن يجعلها تنحني، وستتجاوز الأزمة التي تمر بها، والأكيد إن الأيام المقبلة هي التي ستحدد وجهة الحرب السورية وإحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية والذي سيكون من بوّابة معركة إدلب وشرق الفرات. وفي تقديري أن الأسابيع القادمة ستشهد تدويراً للكثير من الزوايا والقضايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم