| محمد زريق
لا يمكن اختصار سيرة العمل الحزبي للرئيس الصيني شي جين بينغ ولا أفكاره التغييرية في الإدارة والحكم بمجلد أو اثنين. لذا جاء هذا المجلد الرابع كمتمم لما سبقه، إلا أن الأفكار التي يطرحها هذا المجلد تختلف عمّا سبقه نظراً للظروف والأحداث التي يغطيها هذا المجلد.
صدر المجلد الرابع من كتاب “شي جين بينغ: حوكمة الصين” في العام 2022 عن مطبعة اللغات الأجنبية. أعدّت إدارة الدعاية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والمكتب الإعلامي لمجلس الدولة المجلد الرابع من كتاب “شي جين بينغ: حوكمة الصين” بمساعدة من معهد أبحاث تاريخ وآداب الحزب التابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجموعة الصين للنشر الدولي.
يهدف هذا الكتاب إلى مساعدة الجمهور والمسؤولين الحكوميين في فهم وتطبيق فكر شي جين بينغ حول “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد”، لقيادتهم بالمضي قدمًا في وحدة وعزم أكبر في رحلة جديدة في العصر الجديد.
يهدف هذا المجلد إلى تعريف العالم بالتفكير الحالي للرئيس شي، وإلقاء الضوء على إنجازات الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني وآفاقهم المستقبلية، ووصف نهج الصين في التنمية ونظريتها للحوكمة.
تمّ جمع 106 من خطب شي جين بينغ ورسالتين ومذكرة واحدة في الفترة من 3 شباط / فبراير 2020 إلى 10 أيار / مايو 2022، بالإضافة إلى 45 صورة تم التقاطها منذ كانون الثاني / يناير 2020. المقالات الموجودة في كل جزء من الأجزاء الـ21 مرتبة ترتيبًا زمنيًا عكسيًا. تحتوي المقالات على ملاحظات في الختام لتسهيل قراءتها.
صاحب الكتاب هو رئيس جمهورية الصين الشعبية ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، شي جين بينغ وهو أيضًا الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني. غالبًا ما يُشار إلى شي بشكل غير رسمي على أنه “الزعيم الأعلى” للصين نظرًا لمنصبه كرئيس للدولة، ورئيس الحزب، وقائد أعلى للجيش. شي عضو في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي تلقائيًا بصفته الأمين العام، مما يجعله بحكم الأمر الواقع زعيم الصين الأقوى.
وفقًا للكتاب، قاد شي الحزب والشعب في محاولة للاستجابة للتغييرات وفتح آفاق جديدة على مدار أكثر من عامين، في ظل ظروف اقتصادية وصحية وسياسية ضاغطة، كل ذلك أثناء إجراء تحليل عميق وتقييم دقيق للقضايا النظرية والعملية الرئيسية المتعلقة لتنمية الحزب والبلاد. إن الطريقة التي تعاطى بها شي مع القضايا العالمية بين العامين 2020 و2022 تؤكد المؤكد حول أهمية الدور الذي باتت تلعبه الصين وعظمة هذه الدولة، كما يسلط هذا المجلد الضوء على حالة الصين وشعبها في أيامنا المعاصرة، مما يُظهر “أصالة الرؤية” و”مجموعة كاملة من الأفكار والاستراتيجيات” التي وضعها الرئيس شي.
فهم أفضل لنهج الصين في الحكم
إن هذا الكتاب يساعد العالم على فهم أفضل وأعمق لنهج الصين ونظريتها للحكم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على طريق التنمية الذي اختارته الصين.
يتضمن هذا المجلد خطابات وأفكار ملهمة للجمهور المحلي والدولي، تحديداً لأولئك المهتمين بالاشتراكية الحديثة. يصرح الرئيس الصيني دائمًا بالماركسية عند مخاطبة أجهزة الحزب الشيوعي، ويسعى دوماً للفت انتباه رفاقه إلى الميراث الأيديولوجي الكبير لفكر ماو تسي تونغ، ونظرية دنغ شياو بينغ للنهوض الاقتصادي والإصلاح السياسي، و”التمثيلات الثلاثة” لجيانغ زيمين، كما ويضيء على فكر “هو جينتاو”.
بالرغم من تبني الرئيس شي للفكر الاشتراكي إلى أنه نادرًا ما يتم الاستشهاد بعبارات مختارة من ماركس وإنجلز ولينين. في المقابل، فإنه غالبًا ما تتم الإشارة إلى العولمة النيوليبرالية التي تركز على الإصلاح المؤسسي والاعتماد الاقتصادي المتبادل. يشير الكتاب إلى أنه “يتعين علينا إجراء إصلاح لتطوير اقتصاد السوق الاشتراكي للصين والالتزام بسياسة الدولة الأساسية المتمثلة في الانفتاح على العالم الخارجي”. الإصلاح والانفتاح عمليتان لا تنتهيان أبداً.
السياسة الخارجية للصين هي تعزيز النمو المشترك والسلام العالمي. لطالما أكدت الصين أنها ترفض جميع أنواع الهيمنة وسياسة القوة، وتبقى بعيدة عن الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وليس لديها مصلحة في الهيمنة أو التوسع الإقليمي. عندما يتعلق الأمر بالهيكل السياسي للصين، فهذه هي فلسفة شي التوجيهية التي غالبًا ما يتطرق إليها في خطاباته وأفكاره للعامة. يؤكد الرئيس جين بينغ للجميع أن الصين لن تبدأ حربًا إمبريالية أبدًا. يطرح الكتاب تناسقًا مطلقًا من خلال صياغة عقيدة وممارسات الحفاظ على السلام الدولي.
يشرح الكتاب كيف خطت الصين خطوات كبيرة نحو تحقيق هدفها المئوي الثاني المتمثل في بناء دولة اشتراكية حديثة عظيمة من جميع النواحي، والذي سيتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949. وكان الهدف المئوي الأول هو بناء مجتمع رغيد الحياة بشكل معتدل من جميع النواحي، مع القضاء التام على الفقر المدقع.
مبادرة الحزام والطريق
قال الرئيس شي إن الصين أكثر ثقة من أي وقت مضى في قدرتها على تحقيق قضية تجديد شبابها الوطني. يسلط الكتاب الضوء على إمدادات الصين العالمية من اللقاحات ودور مبادرة الحزام والطريق في التخفيف من حدة الفقر، بالإضافة إلى توقيع الصين على اتفاقيات مبادرة الحزام والطريق مع 149 دولة و32 منظمة دولية. كما يحدد الكتاب أفكار الزعيم الصيني بشأن بناء مجتمع مع مستقبل مشترك للبشرية.
يتطرق هذا المجلد إلى الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد خلال خطاب في حفل إحياء الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني، وشرح قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول الإنجازات الرئيسية والتجربة التاريخية للحزب خلال القرن الماضي، وتكيّف الماركسية مع حقائق الصين وإبقائها محدّثة، والطريق إلى الأمام في العصر الجديد، والأهمية الكبيرة للقيادة العامة للحزب الشيوعي الصيني، وتقوية الفطنة السياسية والفهم والقدرة على الإنجاز، وتعزيز القيادة الشاملة للحزب في التحديث الاشتراكي، وتعزيز الأسس السياسية للحزب الشيوعي من أجل الوحدة والتضامن، والأولوية الدائمة للناس في العمل السياسي والاقتصادي والحزبي، ودعم الناس كأولوية سياسية، وكسب والحفاظ على دعم الناس في توطيد قيادة الحزب، واهتمامات الناس هي اهتماماتي وتوقعات الناس هي أهدافي، ومهمة الحزب هي خدمة الشعب.
أعتقد أنه يجب على كل شخص قراءة هذا المجلد لاكتساب معرفة أفضل بالصين. أعتقد أن جميع المتخصصين والباحثين في الصين وكذلك الأشخاص الراغبين في معرفة الصين يمكنهم الاستفادة من النظريات والأفكار الواردة في الكتاب. يمكّن هذا المجلد من فهم موضوعات تشمل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والتجديد العظيم للأمة الصينية، والنموذج الاقتصادي للصين والابتكار التكنولوجي.
لقد أشاد كل من وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر والمستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الفرنسي السابق جان بيير رافاران بالكتاب. وأشار شرودر إلى أن الكتاب يمكن أن يساعد الناس في التعرّف على سياسات الصين، وأن مبادئ التجديد العظيم للأمة الصينية والصين المنفتحة والمستقرة والغنية تتماشى مع مصالح أوروبا.
تحقيق هدف إزالة الفقر المدقع في الصين
يمكن الاستشراف أن فكر الحزب الشيوعي الصيني يتمحور حول الناس ويضع العالم بأسره في الاعتبار. كما يصف هذا المجلد كيف ألغت الصين الفقر المدقع وشجعت التعاون عن طريق مبادرة الحزام والطريق. إن مفهوم الكتاب القائل بأن “المياه الصافية والجبال المورقة هي أصول لا تقدر بثمن” يوضح الأهمية الكبيرة التي توليها الصين للمسائل البيئية. جانب آخر مثير للاهتمام هو تفاني الحزب الشيوعي الصيني في أيديولوجية التنمية المتمحورة حول الناس. يستخدم الكتاب أمثلة لإثبات أن الحزب اتخذ دائمًا وجهة نظر الشعب الرئيسية كموقف سياسي أساسي له. إن الحزب الشيوعي الصيني يخدم الشعب بأقدامه على الأرض، من خلال الأعمال الفعلية الدؤوبة من أجل رفاهية الشعب الصيني، وتعزيز نوعية الحياة ودفع تقدم التنمية الاجتماعية.
إن الأساليب التي تستخدمها الصين لمكافحة الفقر يمكن دراستها وتطبيقها في أماكن أخرى من العالم، لذا هذا الكتاب يمكن أن يكون مرجعًا أكاديميًا وسياسيًا أساسيًا لفهم التنمية البشرية وطرق التقدم الاقتصادي والمجتمعي. إن الصين قدمت مساهمة هائلة للحضارة من خلال القضاء على الفقر داخل حدودها؛ وبالتالي إن نجاح الصين أصبح نموذجًا للعديد من الدول الأخرى.
يشدد الكتاب على تحقيق الحزب الشيوعي الصيني بقيادة الرئيس شي هدف إزالة الفقر المدقع، وهو انتصار كبير في تاريخ البشرية. وبالتالي فإن دول العالم الثالث وحتى العالم المتقدم قد تستفيد من سياسة الصين لإعادة تنشيط مناطقها الريفية.
تطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية
منذ المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، حقق الحزب العديد من المكاسب الجديرة بالملاحظة في بناء الحزب، والتي يشيد بها هذا المجلد. إن توجيه فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد لا ينفصل عن التقدم الملحوظ الذي حققته الصين في تطوير الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والإنجاز التاريخي في بناء مجتمع مزدهر باعتدال من جميع النواحي.
لقد تعرفت أكثر على شخصية وأفكار الرئيس شي جين بينغ من خلال قراءتي لهذا المجلد الحديث النشر، إنه فعلاً رجل دولة مثالي وصاحب رؤية وشخصية عملية لا تكتفي بالتنظير. أعتقد أن الحزب الشيوعي الصيني قد اكتشف مسار التنمية المناسب للظروف الوطنية للصين من خلال اتباع نهج محوره الناس وقيادة الشعب الصيني للتقدم مع العصر.
بالنسبة لما جاء في هذا الكتاب، أعتقد أن مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين ورؤية بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية تهدفان إلى تعزيز السلام العالمي وتقاسم فرص التنمية، فقد تمّ ذكر العديد من الأقوال والعبارات للرئيس شي بأن الشعب الصيني يأمل في تحقيق التنمية الوطنية بنجاح ولكنهم يأملون أيضًا رؤية جميع شعوب العالم تعيش حياة سعيدة وسلمية. إن الصين كانت من المؤيدين الرئيسيين للتعاون الدولي في مكافحة جائحة “كوفيد-19″، حيث تبذل جهودًا هائلة لإنشاء مجتمع عالمي من الصحة للجميع.
مبادرة التنمية العالمية
في أيلول / سبتمبر من عام 2018، اقترح شي مبادرة التنمية العالمية، والتي تهدف إلى تسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 من خلال تعزيز التعاون الدولي في مجالات مثل الحد من الفقر والأمن الغذائي والاستجابة لكوفيد-19 وتطوير اللقاحات، وتمويل التنمية، وتغيّر المناخ والتنمية الخضراء، والتصنيع، والاقتصاد الرقمي، والتواصل. بالتالي فقد حدد الرئيس شي استراتيجية ومسارًا واضحًا للتنمية المشتركة في العالم. إن مبادرة التنمية العالمية قد تكون وسيلة فعّالة لمعالجة مشاكل التنمية لأنها تركز على الناس وتضعهم في قلب التخطيط وصنع السياسات.
إن النجاحات الكبيرة والضخمة المشار إليها في هذا المجلد والتي حققها الحزب الشيوعي الصيني تثبت أنه حزب مكرس لرفاهية مواطنيه. إن أفكار الرئيس شي في السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع والجيش والدبلوماسية تعكس رؤيته الواسعة وفهمه العميق وقراره الراسخ وحماسته الرائدة. إن تفسيرات شي المفصّلة لخططه لزيادة تعميق الإصلاح ودفع تحديث هيكل وقدرة الحوكمة في الصين قد ساعدت في حل عدد من المشكلات الملحة التي تعوق تقدم البلاد. إن شي قد طوّر عددًا من المفاهيم والتكتيكات المبتكرة للحوكمة العالمية التي كان لها تأثير كبير بسبب تركيزها على السلام والتنمية.
يكشف هذا المجلد عن بعد نظر الزعيم الصيني تجاه المستقبل وتقديره لمسؤولية بلاده التاريخية، فقد قدمت الصين مساهمات كبيرة للعالم من خلال رؤيتها المتمثلة في إنشاء مجتمع مصير مشترك للبشرية. وتعد مبادرة الحزام والطريق الصينية منفعة عامة قيّمة من شأنها تعزيز الحوكمة العالمية وتعزيز التعاون الدولي من خلال الاتصال المفتوح والجهد التعاوني والتوزيع العادل للنتائج. وبذلك، فإنها تساعد على تحقيق التقدم والازدهار المشتركين للبلدان والمناطق الواقعة على طول طريقها من خلال تعزيز مزاياها التكميلية في سد فجوة التنمية.
الصين تؤمن بالتعددية الحقيقية
إن الصين تؤمن إيمانًا راسخًا بالتعددية الحقيقية وتلتزم بحماية الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على القانون الدولي. ويؤكد الرئيس شي للجمهور أن بلاده تتعاون مع المجتمع الدولي لتحسين نظام الحكم العالمي. وفقًا للمجلد، فقد أوصل الحزب الشيوعي الصيني الصين إلى مجتمع رغيد الازدهار حيث تم القضاء على الفقر. بالتالي، فإن الصين تخطو خطوات جديدة نحو أن تصبح أمة اشتراكية مزدهرة. إن الصين تسعى جاهدة على طريق التنمية وستقدم المزيد من الإسهامات الإيجابية لتنمية المجتمع البشري، وسكان الأمة البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة يبذلون جهودًا حثيثة ومتضافرة لتحقيق هدف التجديد العظيم للأمة الصينية.
سيساعد هذا الكتاب الصينيين ومختلف الشعوب في معرفة المزيد عن تاريخ الصين وثقافتها وخططها للمستقبل. كما أنه يشجع المجتمع العالمي على العمل معًا لخلق مستقبل أكثر جمالًا للمجتمع البشري من خلال بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين