تسود حالة إحباط بين الكويتيين، إثر تكرار حل وإبطال مجالس الأمّة، حيث دخلت البلاد في وقت قصير للمرّة الثالثة في جدليّة إبطال مجلس أمّة 2022 برئاسة أحمد السعدون من المحكمة الدستوريّة، وإعادة مجلس مرزوق الغانم 2020، ثم مُعاودة حلّه بقرار أميري صدّر إلى الواجهة جدلاً سياسيّاً، وقانونيّاً حوله، وما جرى ربطه بالتوقيت، وهُجوم سجّله الغانم على نجل أمير البلاد رئيس الوزراء، اعتبر أنه عُقوبة أميريّة بحل مجلس الغانم، حينما اعتبر أن نجل أمير البلاد، بمثابة خطر على الكويت.
الكويتيّون على موعدٍ جديد مرّةً أخرى مع انتخابات برلمانيّة جديدة، حيث فتحت وزارة الداخليّة الكويتيّة الخميس باب الترشّح لانتخاب أعضاء مجلس الأمّة البرلمان، وذلك اعتبارًا من غد الجمعة، وحتى 14 أيّار/ مايو الحالي، يأملون ألّا يجري حلّه لاحقًا لذات الأسباب السياسيّة الجدليّة، وتِكرار الشّخوص المُسبّبة للأزمة، فيما مخاوف مطروحة حول عزوف الكويتيين عن التصويت للمُرشّحين، فبلادهم دعتهم خلال أقل من عامين للمرّة الثالثة الاتجاه إلى صناديق الاقتراع، وهُم عالقون كما يقولون بين حلٍّ للمجلس أميريّاً وإبطاله دُستوريّاً.
يحتاج الكويتيّون كما يقولون على منصّاتهم، لشخصيّات توافقيّة لانتخابها، ولتقود البلاد إلى انفراجة، وهو ما حصل وفق نواب المُعارضة الذين عملوا لانتخاب مجلس السعدون، وتعيين الأخير بالتزكية رئيساً له، ولكن شاءت المحكمة الدستوريّة أن تُبطِل مجلس السعدون، وتُعيد مجلس الغانم، ثم تذهب إلى انتخاباتٍ رابعة، لا يبدو أنها ستجلب وجوهاً جديدة، على الأقل مع إصرار رئيس مجلس الأمّة السّابق مرزوق الغانم على ترشّحه للانتخابات البرلمانيّة، وهو الذي فاجأ الجميع حين أعلن عدم رغبته بالترشّح للانتخابات النيابيّة الأخيرة سبتمبر الماضي، بعد حل مجلسه بأمر أميري.
هل هذه العودة ذات التأثير الأقوى التي كان قد تحدّث عنها الغانم حين أعلن عدم ترشّحه للانتخابات التي أفضت لانتخاب مجلس السعدون، ربّما، فالرجل أعلن رسميّاً ترشّحه للانتخابات النيابيّة الاثنين، ترشّحه للانتخابات في الدائرة الثانية، وقال عبر حسابه في “تويتر”: “بعد التوكّل على الله الذي هو حسبي، وتجسيدًا لمبدأ العودة إلى الأمة، لتقول كلمتها كما طالبت بذلك مرارًا، أعلن عن ترشّحي للانتخابات عن الدائرة الثانية، سائلاً المولى عز وجل التوفيق والسّداد”.
ويُبدي الغانم بترشّحه هذا كما يبدو ثقةً بقُدرته على جمع أصوات ناخبيه، واستعراض شعبيّته العارمة، وبالرغم ما تقوله المُعارضة بأنه سبب الأزمة، ويجب ابتعاده عن المشهد السياسي، إضافةً إلى أنه يتحدّى مُحاولات إبعاده بفعل حقّه بالتعبير عن رأيه السياسي برئيس الوزراء، ولكنّ السّؤال الأهم، هو هل سيُعيد مجلس الأمّة الجديد انتخابه رئيساً للمجلس، أو ستسمح له القوى المُضادّة له ترأس المشهد السياسي التشريعي في البلاد بصفته رئيساً لمجلس الأمّة مجددًا، هذا كلّه طبعاً يحتاج أوّلاً لأن ينجح الغانم الفوز بمقعده، وهو ما يبدو أنه مضمون بالشّكل المبدئي، فلم يسبق للغانم أن خسر مقعده (رئيساً للمجلس مُنذ العام 2013 وعضو فيه مُنذ العام 2006)، إلا إذا كان للشّارع الكويتي رأيٌ آخر هذه المرّة.
وتحتدم المُنافسة مع إعلان رئيس مجلس الأمّة 2022 الذي جرى إبطاله، المخضرم أحمد السعدون، ترشّحه لانتخابات مجلس 2023 عن الدائرة الثالثة ولافت أنه في التسعين من عمره، حيث كانت عودته عبر مجلس 2022 بعد غياب لسنوات، محل تفاؤل، وأمل، كما أنه لم يتنافس مع الغانم على رئاسة المجلس الأخير، بحُكم عدم تواجد الأخير (الغانم) فيه لعدم ترشّحه للانتخابات، وهذه مُنافسة حادّة وقويّة تحمل أبعادًا أكبر من كونها مُنافسة على مقعد رئاسة المجلس، بل فرض إرادات وصراع قوى كبيرة في البلاد.
ويجري الحديث أيضاً عن غريم الغانم الأبرز وهو محمد المطير حيث اسمه مطروح لرئاسة المجلس حاله فوزه كنائب، فيما التساؤلات مطروحة حول اسم رئيس الوزراء القادم، وحكومته، بعد انتخاب مجلس الأمّة الجديد.
لا يُمكن إنكار شعبيّة الغانم العارمة في بلاده، حتى وإن كان سبباً بالأزمة كما يقول مُعارضوه، فتغريدته التي أعلن ترشّحه فيها لمجلس الأمّة 2023، حقّقت كما رصدت “رأي اليوم” 4 ملايين مُشاهدة، وتفاعلات بالآلاف، قام الغانم بالرّد عليها بالتعليقات الشّاكرة.
وأعلن وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الكويتي، عبد الرحمن المطيري، السماح للوسائل الإعلاميّة الإلكترونيّة والقنوات المرئيّة والمسموعة والصّحف المقروءة المُرخّصة بإجراء استطلاعات الرأي التي تُعنى بالشّأن الانتخابي، وهي خطوة إيجابيّة برأي المُراقبين تستطلع بحياد رأي الشارع الكويتي بالانتخابات، ودون تلميع مُرشّح وتحالف على نظيره الآخر.
وعلى جبهة المُعارضة، يبدو أن الأخيرة تُريد التكتّل للسيطرة على المجلس القادم وقراراته، ففي بيان واحد أعلن كل من عبد الله المضف، وعبد الكريم الكندري، ومهند الساير، ومهلهل المضف، عن خوض العملية الديمقراطيّة ببيان واحد، مع عدم إقامة مقرّات انتخابيّة، وذلك لأوّل مرّة بتاريخ الكويت.
بكُلّ الأحوال، لا يُغفل الكويتيّون حالة الديمقراطيّة وإن تجزّأت هُنا، أصابت، وأخطات هُناك، فبلدهم الخليجي الوحيد من يملك برلماناً مُنتخباً يسنّ قوانيناً، ويُسائل حُكومات، وسط مُحيط تغيب عنه أدنى مُستويات الديمقراطيّة، ولكن يأمل الكويتيّون مع هذا أن يستطيع مجلسهم القادم الاستمرار في دورته الكاملة (4 سنوات) حتى نهايتها، وذلك لضمان استمرار مصالحهم وبلادهم، وتجنيبها مصيرًا مجهولاً.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم