| بقلم: نبيل الملاح
شاهدت مؤخراً في إحدى القنوات الفضائية ندوة شارك فيها عدد من المعنيين في إحدى الشركات الخاصة الكبرى تحدثوا فيها عن الإنجازات الضخمة لشركتهم في مشروع «ماروتاسيتي» وإنجاز الأبنية البرجية الفخمة.
لقد استفزني جداً هذا البرنامج، وأعتقد جازماً أنه استفز الكثير من المواطنين الذين شاهدوه، حيث إن معظم الشعب يعيش في ظروف معيشية وخدمية صعبة جداً، وجزء كبير منهم لا يملكون بيوتاً تؤويهم، ومنهم المكتتبون في مشروع السكن البديل الذين يبلغ عددهم 5800 أسرة من فئات فقيرة كانوا يقطنون في منطقة المزة خلف مشفى الرازي، حيث قامت محافظة دمشق بتنظيم المنطقة وهدم البيوت فيها لإقامة مشروع استثماري، وصدر المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 الذي ألزم محافظة دمشق بتأمين السكن البديل للشاغلين خلال مدة لا تزيد على أربع سنوات وعلى أن يحدث لدى محافظة دمشق صندوق خاص لتغطية وتمويل تشييد أبنية السكن الاجتماعي والبديل، وكانت الدفعات المطلوبة للاكتتاب على أساس سعر المتر المربع خمسمئة وخمسين ألف ليرة سورية أي أن قيمة الشقة 80 م2 تبلغ حوالي 44 مليون ليرة سورية، إلا أنه ورغم التأخير الكبير الذي حصل في إنجاز الأبنية فوجئ المكتتبون بالإعلان الذي صدر عن المؤسسة العامة للإسكان بتخصيص 522 مسكناً فقط بقيم تخمينية أظهرت سعر المتر المربع الواحد بحدود أربعة ملايين ليرة سورية أي إن قيمة الشقة مساحة 80 م2 تبلغ 320 مليون ليرة سورية بعد أن كانت 44 مليون ليرة سورية ما أدى إلى عدم قدرة معظم المخصصين على تسديد الدفعات المطلوبة، وما زال الموضوع معلقاً.
إن ما عرضته عن السكن البديل وأعتقد كذلك الأمر بالنسبة للسكن الشبابي والسكن الشعبي، وفي ما سمعته في الندوة التي أشرت إليها في بداية المقال وما سمعته من البعض عن مشاريع استثمارية، يدل بوضوح على عدم وجود رؤية اقتصادية شاملة تحدد الأولويات للاستثمار في جميع المجالات، وبالتأكيد يجب أن تكون الأولوية القصوى في هذه المرحلة ومرحلة إعادة الإعمار لتأمين السكن الشعبي المناسب بأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود، وكذلك الاستثمار في مشاريع البنى التحتية وفي مقدمتها المياه والكهرباء التي يجب أن تبقى ضمن المشاريع العامة للدولة بعيداً عن القطاع الخاص.
وإعطاء الأولوية في الاستثمار الخاص لبناء المصانع والمعامل وإعادة تأهيل وتشغيل المنشآت التي توقفت بسبب الحرب وعلى الأخص المشافي والمدارس.
على الجميع أن يدرك أن العولمة قد سقطت، وأن النظام الاقتصادي للدولة يجب أن يتوافق مع المبادئ الاقتصادية التي أقرها الدستور على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل القومي وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشة الفرد وتوفير فرص العمل، وأن تهدف السياسة الاقتصادية للدولة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وانطلاقاً من هذه المبادئ لابد من إعادة النظر ببعض السياسات الاقتصادية وتصويبها بما يضمن حماية ذوي الدخل المحدود وتأمين متطلبات الحياة الضرورية التي يأتي السكن في مقدمتها، ولا يجوز بحال من الأحوال أن يتم إقرار أي مشروع استثماري على حسابهم.
سيرياهوم نيوز1-الوطن