فقار فاضل
لا تتعامل كل الأطراف التي تجتمع تحت مظلة «الإطار التنسيقي» بالأسلوب نفسه مع رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في الوقت الحالي. فمنها من لا تزال متحفّظة إزاء تحركاته الداخلية والخارجية، وأخرى تنتقد مواقفه عن طريق الفصائل المسلحة المرتبطة بها. وجاء أحدث هذه الانتقادات من «تنسيقية المقاومة» التي هدّدت بالتصعيد إذا ظلّت القوات الأميركية تتمتع بحرية الحركة التي تعمل وفقها اليوم، وانتقدت الحكومة على شراكتها مع قطر في ملف الغاز، وترك الغاز الروسي
ad
بغداد | تشكّك قوى سياسية تابعة لـ«لإطار التنسيقي» في العراق وأجنحة مسلّحة، بمواقف الحكومة الحالية بشأن ملفات عدة؛ أبرزها بقاء الوجود الأجنبي في البلاد، وتلقي باللوم فيها على رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني. وفي هذا الإطار، لوّحت «تنسيقية المقاومة»، قبل أيام قليلة، بالتصعيد ضد القوات العسكرية التابعة للولايات المتحدة، وطالبت الحكومة بالحفاظ على سيادة العراق، في ما يدرجه مراقبون ضمن سياق ممارسة الضغط على الحكومة. وأصدرت «تنسيقية المقاومة» بياناً طغت عليه لغة التهديد باستئناف عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية في العراق، إذا لم يستجب السوداني لمطالبها المتعلقة بالانتهاكات الأميركية. وتزامن صدور هذا البيان مع تعمّق الخلافات داخل «الإطار»، ولا سيما بين «حركة عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، من جهة، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، من جهة أخرى، فيما تتوقع أوساط سياسية انقسامات حادة إضافية، ولا سيما مع قرب إعلان التحالفات لانتخابات مجالس المحافظات المقرّر إجراؤها في نهاية العام الحالي.
وفي هذا الصدد، يقرّ القيادي في «تحالف الفتح»، نسيم عبد الله، بوجود تصعيد وضغط من بعض القوى السياسية على رئيس الحكومة، من خلال «تنسيقية المقاومة» وغيرها، لغرض تذكيره بملفات مهمة وحسّاسة تهمّ مستقبل البلاد وسيادته، ومنها ملف الوجود الأميركي في العراق. ويقول عبد الله، لـ«الأخبار»، إن «السوداني جيد، وعلينا دعم جميع خطواته تجاه خدمة العراق، لكن في الوقت نفسه، اعتقد أن من حق القوى السياسية الضغط عليه من أجل ضمان نفوذها وتحقيق أهدافها».
ad
أما المتحدث باسم «حركة حقوق»، علي فضل الله، فيقول، لـ«الأخبار» «إننا نوّهنا في أكثر من مناسبة بأن سكوت فصائل المقاومة عن استهداف القوات الأميركية ناجم عن ثقة أولتها للحكومة لإخراج قوات واشنطن عن طريق الجهد الديبلوماسي»، مستدركاً بأن «سياسة الانحناء أصبحت واضحة من قبل حكومة السوداني أمام الجانب الأميركي، ولا سيما بسبب تحرّكات وتدخّل السفيرة الأميركية، ألينا رومانوسكي، في شؤون البلاد الداخلية».ويوضح أن «بيان تنسيقية المقاومة جاء للتذكير بالمهلة التي منحتها للسوداني لتنفيذ الوعود التي أطلقها قبل تشكيل الحكومة، وفي حال انتهائها سيكون للفصائل كلام آخر وردود قد تكون محرجة للحكومة».
من جانبه، يرى المحلل السياسي، علي عبد الرزاق، أن «محور المقاومة يريد أن يبعث رسائل إلى السوداني بشأن بعض الملفات والقضايا، وكذلك من أجل الالتزام بالاتفاقات السياسية الموجودة قبل تشكيل الحكومة». ويلفت عبد الرزاق، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «بيان تنسيقية المقاومة يمثّل خطاب الفصائل المسلحة في العراق، والتي أبدت اعتراضها على مسألة شراكة الحكومة مع قطر في ملف الغاز، وترك الغاز الروسي، وكذلك ملف القوات الأميركية التي بدأت تتحرّك بحرية كاملة، مستغلّة سكوت الحكومة، فهذه الملفّات ولّدت خلافاً بين أطراف البيت الواحد وهو الإطار التنسيقي».
ad
يتوقّع حصول انقسامات حادّة بين قوى «الإطار» مع إعلان التحالفات التي تسبق انتخابات مجالس المحافظات
في المقابل، يعتقد الناشط والمدوّن السياسي، سلام الحسيني، أن «الخلاف الحالي بين قوى الإطار جاء بالتزامن مع إقرار الموازنة الانفجارية وتوزيع الحصص في ما بينهم، إضافة إلى التقسيم الوزاري الذي ولّد اعتراضات كبيرة داخل الإطار سابقاً وحالياً». ويقول الحسيني، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «تنسيقية المقاومة هي الوجه الآخر للإطار التنسيقي، لأن الأخير مكوّن من جناحين: الأول سياسي والثاني مسلح». ويضيف إن «ما تهدّد به التنسيقية لا يعني إلا ضغطاً سياسياً على الداخل، قبل أن يكون على الجانب الأميركي»، عادّاً إياه «تلميحات من قبل الأحزاب التي تريد الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المناصب المتبقّية في الهيئات والوزارات وغيرها». ولا يستبعد الحسيني أن يكون «سيناريو التنسيقية مفتعلاً من قبل قوى الإطار لدفع الحرَج عنها بشأن التطبيع مع السفيرة الأميركية بشكل مبالغ فيه، والذي لا يتناسب مع خط المقاومة الذي يدّعون اعتماده». ويرى أن «الخلاف الذي برز بين العصائب ودولة القانون ظهر على أنه فقط تنابز إعلامي، لكنه في حقيقته يترجم مدى الخلاف بين الطرفين على مناصب عليا كوزارة النفط وغيرها من المناصب الحساسة في الدولة».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية