آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » دراما «الحوار الوطني» المصري: النهاية معروفة سلفاً

دراما «الحوار الوطني» المصري: النهاية معروفة سلفاً

 

القاهرة | تتواصل فعاليات «الحوار الوطني» الذي دعا إليه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مطلع شهر أيار 2022، وبدأت جلساته الشهر الماضي بعد عام من التحضيرات. وتطغى على هذه الفعاليات الثرثرة السياسية المطلوبة لتصدير صورة من الديموقراطية والانفتاح، والإيغال في تناول موضوعات ليست ذات أهمية آنية، إلى درجة أن الأسابيع الماضية شهدت اجتماعاً عاجلاً للتوصية بإنشاء مجلس أعلى للتعليم، وكأن جميع المشكلات الاقتصادية والسياسية قد حلّت، حتى يتمّ التفرّغ لمشكلة غياب السياسات والرؤية في ملفّ التعليم. هكذا، لم يُسجَّل أيّ تقدّم في أيّ ملفّ سياسي أو اقتصادي، فيما لم يشهد الحوار حتى اجتماعات منتظمة لـ«مجلس الأمناء» الذي تلقّى آلاف الطلبات للمشاركة فيها، وقام بتنظيمها بصورة لم تكن تستغرق سوى عدّة أيام، في وقت يواصل فيه مسؤولو المجلس أعمالهم الأخرى. فالمنسق العام للحوار، ضياء رشوان، مشغول بمهام عمله كرئيس لـ«هيئة الاستعلامات»؛ وعضو المجلس، فاطمة سيد أحمد، وهي أيضاً عضو «المجلس الأعلى للصحافة»، مشغولة بتمجيد الرئيس وإعداد القوائم الخاصة بالتغييرات المرتقبة في مجالس إدارات المؤسسات؛ والعضو الأخرى، ريهام البهي، وهي أستاذة العلوم السياسية، مشغولة بسفرها بين الولايات المتحدة وبولندا، بينما يستغلّ أعضاء آخرون مناصبهم للوصول إلى رجال أعمال وتحقيق مصالحهم الخاصة. أمّا رئيسة «المجلس القومي للمرأة»، مايا مرسي، فعاكفة، إلى جانب صحافيين محسوبين على الأجهزة الأمنية، على تلميع صورة السلطات، شأنها شأن زملائها، الذين استُبعد من بينهم كلّ صوت معارض يمكن أن يشكّل مصدر إزعاج للنظام.

 

وينعقد الحوار بواقع 3 جلسات أسبوعياً، وتحت عناوين فضفاضة، فيما يُسمح فقط لما تسمّى «المعارضة المستأنسة» بالمشاركة فيها، لإضفاء أجواء من الانفتاح على المناقشات التي تجمع مؤيّدي النظام ومسؤولين سابقين، بالإضافة إلى قادة وأعضاء الأحزاب السياسية المؤيدة للرئيس والداعمة له، وأعضاء «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» التي أسّستها المخابرات، إلى جانب أعضاء مجلس الشعب الذين نقلوا نشاطهم من البرلمان إلى الجلسات. وتتناول المناقشات مسائل حقوق الإنسان والحريات والاستقرار الأسري والعمل الأهلي وقانون الإدارة المحلية والمجالس الشعبية المحلّية غير المنتخبة منذ عام 2010. وإذ يبدو المشاركون متحمّسين بشدة من أجل الأخذ بما يقولونه، إلّا أنه على أرض الواقع، لا يتوقَّع أيّ تغيير جذري. كذلك، جرت مناقشة ملفات خدمية عدة، من بينها منظومة التأمين الصحي الشامل التي تواجه صعوبة في التطبيق بسبب نقص الإمكانات المالية، إلى جانب تمكين الشباب وريادة الأعمال. كما بحثت بعض الجلسات برامج الحماية الاجتماعية وقانون تداول المعلومات، ولم تخرج بحلول جذرية لأيّ مشكلة، حيث لا يزال التصوير في شوارع مصر ممنوعاً، وتداول المعلومات ونشرها محظورَين، إلى درجة أن وزارة النقل أصدرت قراراً بزيادة أسعار تذاكر القطارات بواقع 20% من بداية الشهر الجاري، لم يُنشر في معظم وسائل الإعلام. ومن المقرَّر أن تُخصَّص، أيضاً، جلسات للبحث في الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي، إلى جانب جلسة أخرى عن السياسات الصناعية.

ad

 

وتعهّد السيسي بالموافقة على مخرجات الحوار التي تتطلّب موافقته مباشرة، مع إحالة المخرجات الأخرى التي تستلزم نظرة قانونية وتشريعية إلى مجلس النواب، باعتباره جهة الاختصاص اللازمة لهذا الأمر. وتبدو هذه التصريحات، وإنْ عكست في ظاهرها احتراماً للمناقشات، تمهيداً لخطوة تعديل الدستور بعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقرَّرة نهاية العام الجاري، وربّما بداية العام المقبل على أقصى تقدير. والواقع أن السيسي مهّد لموافقته على التعديلات الدستورية بشكل واضح وصريح، عندما أبدى استجابة لمناقشة جلسات الحوار مسألة الإشراف القضائي على الانتخابات، والذي ينتهي مطلع العام المقبل بموجب الدستور الحالي الذي أقرّه لعشر سنوات، ما يعني انقضاء مفعوله بحلول النصف الثاني من كانون الثاني المقبل، بالتزامن مع حلول الذكرى العاشرة لإقرار دستور 2014. لكن المؤكد أن الإشراف القضائي لن يكون النص الوحيد الذي سيجري إدخال تعديلات دستورية عليه، وإنّما أيضاً شروط الترشح للرئاسة، والتي تجعل من الانتخابات المقبلة آخر انتخابات يمكن السيسي خوضها.

ad

 

ولم تتعرّض أيّ من جلسات الحوار لجدوى المشروعات الاقتصادية الضخمة التي وجّه السيسي بتنفيذها، بل تعامل معها باعتبارها بديهيات لا يمكن التحاور حولها، أو الحديث عن الأخطاء التي اعترتها، فضلاً عن أن ما يسمعه الرئيس في حضوره يكاد يكون عكس ما يقال في غيابه. فمثلاً، النائب عبد المنعم إمام، الذي أعلن رفض الموازنة العامة للدولة التي يبدأ العمل بها الشهر المقبل، يرى أن الموافقة عليها «غباء بالغ» بسبب كثرة الأقساط وفوائد الديون التي ستكون أكثر من الإيرادات بنسبة 114%، واستدانة الدولة بـ 6 مليارات جنيه يومياً، ومخالفة الأرقام الواردة لنسب الصرف على التعليم والصحة والإسكان، هو نفسه الذي وقف أمام السيسي في الإسكندرية قبل أيام، متجاهلاً الانتقادات الحادّة التي وجّهها إلى الحكومة تحت قبّة البرلمان. وإذ لا يتوقّف الحديث، في جلسات الحوار، عن سوء الوضع في عهد السيسي من دون ذكر اسمه، وتحميل المسؤولية للحكومة الحالية العاجزة عن فعل أيّ شيء، يبادر الجميع إلى التصفيق عندما يتحدث الرئيس علناً، بغضّ النظر عمّا يقوله.

 

ad

تنشغل الأحزاب بمناقشات حول وضعية قانون انتخابات مجلس النواب المقبل

 

كان الهدف من إطلاق الحوار، في البداية، بثّ الروح في الحياة السياسية التي دخلت في حالة «موت سريري» منذ وصول السيسي إلى السلطة، تحت ذريعة مواجهة الإرهاب في السنوات الماضية، ولا سيما في سيناء. لكن ما حدث أن النظام الذي يرفض محاورة المعارضة الحقيقية ويضيّق عليها، على غِرار ما حدث مع المعارض أحمد طنطاوي الذي أعلن رغبته في الترشّح للانتخابات الرئاسية، بتوقيف عدد من أصدقائه وأقاربه، جاء بأحزاب الظلّ، والتي تفتقر إلى الشعبية الحقيقية وإلى أيّ رؤية في ما يتعلّق بمستقبل البلاد. كذلك، لم يفرَج عن رئيس حزب «مصر القوية»، المرشح الرئاسي الأسبق عبد المنعم أبو الفتوح، أو أيّ من المسجونين على ذمّة قضايا سياسية على غرار أحمد دومة، فيما سُجّل تغييب لملف الموقوفين السياسيين الذي لا يبدو ذا أولوية.

ad

 

وفي ظلّ شحّ الأفكار والرؤى، تنشغل الأحزاب بمناقشات حول وضعية قانون انتخابات مجلس النواب المقبل، والسجال ما بين إجرائها بالقوائم المطلقة بما يحدّ من نفوذ المال السياسي، وبين مزج القائمة النسبية بالنظام الفردي وتوسيع الدوائر الفردية. ويرى كثيرون، من بينهم رئيس «حزب المحافظين»، أنور قرطام، أن الأهمّ من الانتخابات الرئاسية، هو الانتخابات البرلمانية المقرَّرة عام 2025، والتي ستسفر عن برلمان جديد تأمل المعارضة أن يكون أكثر فعالية من البرلمان الحالي الذي يتبع سياسة الإذعان، حتى من دون أن يُطلب منه، ويسيطر عليه نواب الأغلبية الذين اختارتهم المخابرات ليكونوا الواجهة التي تتحدّث باسم النظام وتنفّذ تعليماته.

 

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بلينكن: يستحيل وقف الحرب شمال إسرائيل ما دامت مستمرة بغزة

أبلغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المسؤولين في إسرائيل بأنه “من المستحيل” التوصل إلى وقف إطلاق نار مع “حزب الله” ما دامت الحرب مستمرة في ...