الدكتور خيام الزعبي
مع تطور الأحداث التي تشهدها الساحة السورية، تحاول واشنطن استثمارها باستخدام كافة قواها الناعمة والصلبة لإيجاد موطئ قدم ثابت لها هناك، في خطوة يراها المسؤولون الأمريكان أنها إحدى الملفات التي يمكن استخدامها لبسط المزيد من النفوذ وتخدم سياساتها للهيمنة على سورية، وإضافة ورقة ضغط جديدة لرصيدها في المنطقة.
بعدما ساقت سموم أكذوبة “الربيع العربي” وعمدت إلى إقامة قواعد عسكرية في الأراضي السورية في شرق البلاد، ودعمت الانفصاليين المحليين والغرباء، لم يُخف قيام أعضاء في مجلس النواب الأمريكي بزيارة إلى منطقة في شمال سورية تسيطر عليها فصائل معارضة موالية لتركيا، إن لقاء هذا الوفد للتنظيمات الانفصالية الانعزالية يشكل انتهاكاً سافراً لسيادة ووحدة الأراضي السورية، ويظهر مجدداً الدور التخريبي والعداء الأمريكي لسورية، وشراكة الولايات المتحدة الكاملة في العدوان على سورية من خلال دعمها المجموعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية.
يعرف المدركون للعبة السياسية الدولية شيئاً إسمه اللعبة الخفية بين الدول، وهي لعبة القتل والتدمير تشن فيها حروب لا يهم فيها عدد الضحايا ولا كيف قتلوا؟ فالمهم هو أن تسير الخطة حسبما رسمت دون حساب الضحايا أو الإكتراث بهم، وكل ذلك له أهداف تعرفها وتخطط لها دول كبرى طامعة لتحقيق مصالحها في المنطقة، في إطار ذلك يبرز التساؤل المهم هو: ما هي اللعبة الأمريكية الجديدة والخطرة القادمة للمنطقة؟
يخطئ من يعتقد أن الرئيس الأمريكي بايدن آتٍ على رأس تحالف دولي من أجل القضاء على داعش، وتطهير البلاد من هذا التنظيم لا أبداً! أميركا عائدة الى المنطقة ويتقدمها الرئيس بايدن حاملاً سلة في مرفقه ليحصد ما زرع، وما سبق لأسلافه أن زرعوه في المنطقة، كون الدبلوماسية الأميركية هي تاريخ من الألعاب الخفية! وقد أنشأت داعش بديلاً عن القاعدة العجوز بعد أن إستنزفتها وقامت بالدور الذي أسندته اليها، وصرفتها من الخدمة عندما خرجت القاعدة على النص، وبالتالي فإن هدف اللعبة الجديدة لادارة بايدن هي نشر الفوضى الخلاقة وتفتيت وتقسيم المنطقة.
حتى نكاد نتقين إن كل ما يجري في الجنوب السوري تقف خلفه بعض الغرف السوداء لخدمة مشاريع معينة والانتهاء بخلاصات لا تخدم إلا جهات معينة ومعروفة في الداخل والخارج، والحقيقة هنا أن أمريكا والدول الغربية تمول بعض الاعلاميين والسياسيين والنشطاء لينشطوا في تخريب البلاد وإثارة الفوضى هناك، فإسرائيل والولايات المتحدة لديهما هدف مشترك في الجنوب السوري هو تمرير مشروعهم الانفصالي هناك، وإشغال الجيش السوري وحلفائه وحرف أنظارهم عن تطورات هامة تحصل شمال شرق سورية، فضلاً عن إقامة حزام أمني في الجولان.
ومن هنا فأصابع الولايات المتحدة موجودة في كل ما يجري في الجنوب السوري، فهي اللاعب الرئيسي الخفي والذي لديه اتصالات مع جميع الأطراف، حيث يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة فاعل أساسي في إطالة حرب الإستنزاف على سورية.
في إطار ذلك يمكنني القول أن التنظيمات والمليشيات المسلحة القادمة من كل حد وصوب لم تكن إلا وسيلة من وسائل المخابرات المركزية في الحرب التي تقررها أمريكا، وهذه التنظيمات تمتد وتتمدد حسب مقتضى الحال من أفغانستان مروراً بفلسطين والعراق وسورية والجزائر واليمن وسورية، وهذه الفصائل ما هي إلا ورقة قمار ضمن ورق اللعبة الأمريكية في المنطقة، اللاعب الأمريكي فيها هو الجوكر والخاسر فيها دوماً المواطن العربي في المنطقة .
في سياق متصل إن ما يحدث في سورية يشكل صورة واضحة للعبة الدولية والإقليمية بكل تفاصيلها، فهذه اللعبة هي التي تعمل بصمت عبر أدواتها على تغيير وضع سورية وتمزيقها، تلعبها أمريكا وحلفاؤها لتحقيق مصالحها وأطماعها التي لا تعرف حدود، فقط تعرف إنجاز مهمتها وتحقيق إستراتيجياتها عن طريق أدواتها التي تملأ سورية اليوم من كل الأنواع والأشكال، والتي تتطلب اليوم منا قوة وطنية واعية للحقيقة والمستقبل، وتعمل على اللقاء الوطني وتفرضه برؤية وطنية تنهض بالبلاد وتنقذها من المؤامرات الامريكية الإسرائيلية.
وبالتالي أول الخاسرين في هذه اللعبة هم السوريون، كون هذا المشروع لا يستهدف سورية وحدها، وإنما المنطقة معها، خدمة لإسرائيل وحلفاؤها، فهو يستهدف تدمير سورية بالمقام الأول، وتحطيم قدراتها وقوتها، وبالتالي فإن المخطط الأمريكي الصهيوني على سورية أصبح على محك الخطر، وهناك توقعات بإنفجار المنطقة برمتها التي أصبحت معرضه لمخاطر الحرب نتيجة المواقف المتعنتة للدول المتآمره على سورية، أمام الخطر الذي أصبح يستهدف المنطقة .
وهنا لا بد من أن يكون واضحاً أن القضية الأساسية بالنسبة إلى دمشق هي رفض الوجود الأجنبي اللاشرعي على كامل الأراضي السورية، وأن الدعم الغربي والأمريكي، وخصوصاً للإرهابيين والانفصاليين، يعتبر احتلالاً سافراً وتدخلاً في الشؤون الداخلية السورية، ويساهم بمنع سورية من محاربة الإرهاب، لكن سورية ماضية، وبكل إصرار وثقة، نحو “تحرير كل شبر”، وعينها على مواجهة المحتل الأميركي.
وبإختصار شديد، إن الحرب السورية دخلت مرحلة جديدة ستكون دمشق هي بوابة النصر وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر السوري المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة للتنظيمات المسلحة وكل من يقف وراءها بأن الإنتصار النهائي قاب قوسين أو ادنى يحققه الشعب السوري وجيشه، ذلك الشعب الذي اثبت أنه لا يُقهر ولا يستسلم للهزيمة أبداً.
وأختم بالقول: يـراهـنون على خراب وسقوط سورية، لكن لن يحدث ذلك بمشيئة الله، فسورية خالدة وباقية بفضل أرواح شهدائها، ولن يتحكم في مصيـرها أو أن يكون وصيـاً على شعبهـا من باع وطنه وسلم إرادته الى رعـاة الإرهاب، سيظل علم سورية يـرفـرف في سمائهـا خفـاقـاً شامخـاً، ولن ينخدع الشعب فيمن خدعـوه سابقاً وتاجروا بأحلامه وآماله.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم