السجال الحاصل بين وزارتي النفط والكهرباء حول أسباب التقنين الكهربائي وزيادته خلال هذه الفترة، وعلاقته بحقيقة تأمين الوقود اللازم من غاز وفيول ليس بجديد إلا أنه ربما هي المرة الأولى التي يظهر فيها للعلن ليصبح مادة للصد والرد وطرح الآراء على منصات التواصل الاجتماعي على الرغم من محاولات وزارة الكهرباء الاستدراك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر التصريحات الأخيرة التي تؤكد عدم مسؤولية وزارة النفط أو بمعنى أصح عدم مسؤوليتها أو تقصيرها…
السجال في الماضي حول تبادل الاتهامات كان يبقى حبيساً في الاجتماعات المغلقة أو في غرف المكاتب وبين الأصدقاء والزوار القريبين، إلا أنه اليوم ظهر للعلن وأعتقد أن السبب في ذلك عائد لقلة الخبرة في التعاطي مع الإعلام من قبل أحد الطرفين، ويبدو أنه هذه المرة جاء الخرق من وزارة الكهرباء التي صرحت بنقصان الكميات المسلّمة من الطاقة والوقود المخصص لتوليد الكهرباء لتقوم وزارة النفط مضطرة لنفي الموضوع ومن ثم تعود وزارة الكهرباء بتعويم المسؤولية والاعتراف بخروج بعض محطات التوليد من الخدمة بداعي الصيانة لتؤكد أنها ستوضع بالخدمة مجدداً في أقرب وقت…
الحقيقة أن ما حدث يفتح التساؤلات واسعة حول طريقة التعاطي مع الإعلام الوطني ومدى استجابة الجهات المعنية لتوجيهات السيد الرئيس بضرورة المصارحة والمكاشفة مع المواطن وضرورة توفير المعلومة الصحيحة لوسائل الإعلام الوطني التي لن تلجأ للصيد في الماء العكر، فالقائمون على الإعلام بشكل خاص والإعلاميون بشكل عام أصبحوا على دراية تامة بكيفية التعامل مع أخبار كهذه، فهم أثبتوا بالتجربة أنهم الحراس الأمينون، وضمان الأمن الوطني له أولوية على تحقيق السبق الصحفي والإعلامي والذي ربما تكون نتائجه سلبية على الدولة والمواطن، إلا أن المشكلة تكمن في مدعي صفة الإعلام من أبطال المجال الافتراضي وعدم قدرة بعض الجهات المعنية التفريق بين هؤلاء والإعلاميين الحقيقيين أصحاب المسؤولية تجاه دولتهم ووطنهم..
بالعودة إلى موضوع التقنين الكهربائي يجب علينا كسوريين أن نتعاطى مع هذا الواقع بمنطقية ومسؤولية، فالتقنين أسبابه باتت معروفة للقاصي والداني من حصار جائر واستهداف للبنى التحتية وأيضاً خروج محطات توليد هامة من الخدمة كالزارة وحلب اللواتي تتجاوز تكلفة إعادة تعميرهما مئات الملايين من الدولارات، واليوم هناك عدالة في تطبيق برامج التقنين لم نشهده من قبل، وهذا أمر يحسب لوزارة الكهرباء التي منطقياً لن تتوانى عن تأمين التيار الكهربائي بشكل مستمر للجميع بعيداً عن برامج التقنين إذا توافرت الإمكانية والقدرة بعيداً عن تقاذف الاتهامات..