زينة حداد
مع اقتراب معركة «طوفان الأقصى» من يومها السابع، تباينت مواقف الفنانين العرب ممّا يحدث في غزّة. بينما عبّر بعضهم بصراحة عن موقفه الرافض للإجرام الإسرائيلي، سُجّلت مواقف خجولة جدّاً، بينما فضّل آخرون التزام الصمت حمايةً لمصالحهم
كما كان متوقعاً، دخل «الطابور الخامس» من الجمهور العربي إلى الحرب الإعلامية في خضمّ معركة «طوفان الأقصى» التي تُفقد العدوّ الصهيوني صوابه وتدفعه إلى الإمعان في الإجرام. مع استمرار إبادة الإسرائيليين لأهالي غزّة أمام الهزيمة الفادحة والمذلّة التي يتكبّدونها، خرجت في الساعات الماضية أصوات بآراء قاصرة راحت تردد بجهل سياسي مفرط وببغائية منفّرة خطاباً ضد حركة «حماس»، مفاده: «ما الذي جعلكم تدخلون معركة لستم أهلاً لها، وتساعدون الإسرائيلي على ضرب أهلكم في غزّة؟». لكنّ المزعج في الأمر أنّ وجهة النظر الساذجة هذه لم تقتصر على أشخاص عاديين، بل وردت على لسان مذيعة في التلفزيون السوري وحفنة من العاملين في الإعلام الرسمي.
لكن في ظلّ النتائج غير المسبوقة التي تحققها المقاومة الفلسطينية، يبدو مريباً جداً صمت المؤثّرين السوريين ومن اعتقدناهم لزمن طويل قادة رأي. نتحدّث هنا عن نجوم الدراما الذين يتابعهم الملايين على السوشال ميديا، وخفتت أصواتهم كلياً مع بعض الاستثناءات مثل سوزان نجم الدين، ووفاء موصلي، وجود سعيد، وعلي علي، وصفاء سلطان، وشكران مرتجى، وفاتح سلمان وغيرهم. وشارك النجمان بسّام كوسا وعباس النوري جملة تضامنية على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن ينكفئا. في المقابل، صمت النجم القدير دريد لحّام كلياً، وبقيت حساباته على السوشال ميديا تنشر مقاطع قديمة له من لقاءات ومسلسلات، وهو ما فعله بالضبط النجمان سلوم حدّاد وأيمن زيدان، في الوقت الذي احتفظت فيه كاريس بشار مثلاً بصور تكريماتها من دون أن يخطر في بالها أن تعلّق لو بكلمة على ما يحدث على مرمى حجر من بلادها. في السياق نفسه، اختفى قصي خولي وقيس الشيخ نجيب وأيمن رضا وصباح الجزائري وسلافة معمار وكثيرون… وعندما قرّر عابد فهد تسجيل موقف، قال: «فلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية». فجاءه الردّ من أحد المتابعين بأنّ العاصمة هي «القدس كاملة يا مثقّف»، فترجّاه الممثل الشهير أن يغفر خطأه من دون أن يكتب التصحيح بصورة إملائية سليمة!
من ناحيتهما، عبّر النجمان باسم ياخور وسلاف فواخرجي عن تضامنهما مع الفلسطينيين عبر السوشال ميديا.
حتى بطل «التغريبة الفلسطينية» (كتابة وليد سيف وإخراج الراحل حاتم علي) تيم حسن، أُصيب بالدهشة على ما يبدو لدرجة أفقدته القدرة على التعبير وعلى النطق. حاله كحال عدد كبير من مشاهير محسوبين على المعارضة، كسامر المصري ويارا صبري وماهر صليبي وغيرهم ممن انتفضوا ليلاً نهاراً في وجه «جرائم النظام السوري» على حدّ تعبيرهم، من دون أن يرفّ لهم جفن إزاء وحشية آلة الحرب الإسرائيلية ووضاعتها، التي باتت نسبة الأطفال والنساء الذين أصابتهم وأودت بحيواتهم في غزّة أكثر من 60 في المئة.
تُرى ما الذي يمنع هؤلاء كلّهم من التضامن مع مثل هذه القضيّة المحورية والجوهرية؟ هل يخافون على أدوارهم في الدراما التركية المعرّبة التي لا تقدّم سوى السفاهة الفنية والانفصال المطلق عن واقع مجتمعاتهم، أو على إقاماتهم الذهبية في دول الخليج؟ أما في مصر، فالمشهد لا يختلف كثيراً، إذ غاب أي تحرّك على الأرض، باستثناء «نقابة الصحافيين» التي تعيش حالة من الحراك على نحو عام بعد هزيمة ممثلي النظام الحاكم في انتخابات آذار (مارس) الماضي. وهو ما منح الغالبية في المجلس الحالي، بقيادة النقيب خالد البلشي، مساحة حرية أكبر للتماس مع الشارع المصري، وأخيراً العربي. مع بدء «طوفان الأقصى»، أصدر مجلس النقابة بياناً أكد فيه انحياز الصحافيين المصريين للقضية الفلسطينية ولحقّ المقاومة في الدفاع عن النفس تجاه تصرفات الكيان المحتل، قبل أن يستقبل مبنى النقابة في وسط القاهرة، مساء أوّل من أمس الأربعاء، المشاركين في يوم التضامن مع غزة الذي انتهى بحرق العلم الإسرائيلي، في مشهد لم يحدث في الشوارع المصرية منذ ما قبل ثورة يناير 2011. في المقابل، ظلّت بقية النقابات المرتبطة بالمهن الإبداعية صامتة. لم يصدر الممثلون والموسيقيون والسينمائيون أي بيانات رسمية داعمة لـ «طوفان الأقصى»، ولا حتى على مستوى شخص النقيب، سواءً نقيب الممثلين أشرف زكي أو الممثلين مصطفى كامل أو السينمائيين مسعد فودة. وحده الذي تحرك على استحياء كان رئيس «اتحاد النقابات الفنية»، عمر عبد العزيز، الذي أصدر بياناً مقتضباً قال فيه: «بعد معاناة الغدر والجحود والاعتداء على المقدسات بكل جبروت وسطوة، المستوطنون والجنود يعربدون ويعيثون الفساد ويدنّسون الأرض». وأضاف أنّ «طوفان الأقصى» علّم «دروس الروح القتالية والدفاع عن الأرض والعرض لأبناء فلسطين، نستنكر الاستفزازات اليومية والاعتداءات الغاشمة… عاشت فلسطين حرة أبية… عاش المسجد الأقصى المبارك». عدا هذه الكلمات، لم ينظم الاتحاد أو النقابات التابعة له أي تجمع تضامني أو حتى يلوّح بإمكانية حدوث ذلك، كما لم تنطلق أي دعوات لجمع تبرعات وتنظيم قوافل لمساعدة أهل غزة، خلافاً لما كان يحدث سابقاً حين يتعرّض القطاع لعدوان صهيوني، مع العلم أنّ أيّاً مما حدث سابقاً لا يوزاي في وحشيّته ما يحدث منذ فجر السبت الماضي.
لكنّ الملاحظة الأهم هي تراجع عدد الإدانات المباشرة من الفنانين المصريين، خصوصاً نجوم الصف الأوّل، بالإضافة إلى أن بعض المنشورات التضامنية جاءت «فاترة» ومقتبضة وأشبه بأدعية، كما فعل الممثل كريم عبد العزيز الذي اكتفى بعبارة «ربّنا يحفظ أهلنا في فلسطين، ربنا معاكم يا أبطال»، من دون الإشارة إلى العملية نفسها. وفي غضون ذلك، تأخّرت إدانة زميله ياسر جلال لما يحدث حتى مساء أوّل من أمس الأربعاء، وأتت على صورة بيان صحافي، في حين طغت الحماسة على منشورات نجوم آخرين على أكثر من مستوى، إذ عدّت روبي العملية بمنزلة «هدية» عيد ميلادها الذي احتفلت به الأحد الماضي، فيما أكدت النجمة الكبيرة شيريهان أنّ انفجار فصائل المقاومة الفلسطينية هو رد فعل نتيجة لـ «احتقان وظلم طالا في قلب الشعب الفلسطيني كله، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضدّ مقدساته وتهجيره وحرق منازله وتزييف الحقائق». من ناحيتها، استخدمت حنان ترك الأدعية الدينية في التعبير عن تضامنها مع غزة، قبل أن يلجأ المغني محمد محسن إلى السخرية من الصدمة الإسرائيلية وتزامن «طوفان الأقصى» مع الذكرى الخمسين لـ «نصر أكتوبر»، قائلاً: «معلش بقى… إحنا كعرب بشكل عام بيكون خلقنا ضيّق في أكتوبر».
وفي لبنان، تفاوتت مواقف الفنانين أيضاً، بين من عبّر عن رأيه بوضوح وحزم، وبين من فضّل أن يكون أكثر «ديبلوماسية»، وبين ما لم يتطرّق إلى الموضوع أصلاً. نشر راغب علامة على حسابه في X (تويتر سابقاً) صورة لشخص يرفع العلم الفلسطيني، مرفقاً إيّاها بتعليق: «ألف تحية لأبطال #فلسطين الصامدة… فلسطين تبقى لشعبها المظلوم والبطل… لا للاحتلال الظالم…». من جانبه، نشر عاصي الحلّاني مقطعاً من أغنيته «الوطن»، وعلّق: «الوطن يابني شبيه الأم… إن رادت ترضع وتفطم… إن رادت توهب وتحرم… بأي حالة اسمها الأم… الله يحمي لبنان وأهلنا في فلسطين من كل مكروه…». وتمنّت النجمة نانسي عجرم أن يحمي «الرب #فلسطين و #لبنان وكل بلداننا العربية! منستحق نعيش بسلام على أرضنا!».
Something You’ll Be Surprised To Learn About Their Marriage
HERBEAUTY
أما الممثل يوسف حدّاد، فسجّل موقفاً متقدّماً حين قال في فيديو على X: «قولوا ما تشاؤون، لكنّني إنسان وأب ولديّ عائلة ولا أستطيع أن أرى المجازر وأسكت… الشيطان يقتل والكلّ أخرس…». وتابع: «لا تحدّثوني عن القانون الدولي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية… #وزير_دفاع_العدو يقول هؤلاء ليسوا بشراً. ما يجري في #غزة_وصمة_عار على جبين الإنسانية»، خاتماً تعليقه بالقول: «#اللوبي_صهيوني_مجرم يحكم العالم».
وفي السياق نفسه، نشر المغني معين شريف مقاطع فيديو من أغنيات وطنية بصوته، وأقرنها بعدد من التعليقات، من بينها: «فلسطين لآخر العمر» و«القدس ستبقى لنا».
وأمس الخميس، عبّرت الممثلة نادين نسيب نجيم عن حزنها مما يحدث، وكتبت: «يا رب السلام يا رب تبعد الحروب عنا وعن لبنان وعن هالشعب المظلوم… صور الأطفال والأمهات والأبرياء بتوجّع للعظم حرام والله حرام». وعدّت أنّه على الدول كلّها التدخّل لتهدئة الأوضاع وإيجاد حلّ سريع: «شعب بدو يعيش بأرضه هيدي أقل حقوقه. أي شعب بيقبل تنسرق منه أرضه بكل بساطة ويمشي ويتهجّر لا هوية ولا وطن ولا أمان؟ شو هل منطق؟». ثم ختمت: «وإذا بتفتح تمّك بدّك تتحمّل إذلال وقتل ودمار وحرب! هيدا اسمه ظلم ما بيدفع حقّه إلا المدنيين المعتّرين يلي لا حول ولا قوّة لهم. Say no to war (قل لا للحرب)».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية