في اليوم العاشر لعدوان دولة الاحتلال على قطاع غزّة يبدو المشهد في تل أبيب غامضًا للغاية، ومن أهّم الأسباب لذلك هو صمود المقاومة رغم القصف المُدمِّر الذي يقوم به سلاح الجوّ الإسرائيليّ، وفي ظلّ هذا الوضع ما زالت أهداف الحرب الإسرائيليّة ضدّ قطاع غزّة في إطار السرّ الأكثر غموضًا، في حين يتواصل النقاش والجدال في داخل الكيان حول أهداف المعركة.
وجاء تصريح الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، أمس الأحد ليسكب الزيت على النار، حيثُ قال في مقابلةٍ تلفزيونيّة إنّ أيّ تحركٍ من جانب إسرائيل لاحتلال قطاع غزة مرة أخرى سيشكل خطًأ فادحًا، في الوقت الذي تستعِّد فيه، وفق الإعلام العبريّ، القوات الإسرائيليّة لتنفيذ عمليّةٍ عسكريّةٍ بريّةٍ.
وفي هذا السياق أكّد ليلة أمس الأحد القائد السابق للمنطقتيْن الوسطى والجنوبيّة في جيش الاحتلال، الجنرال غادي شيمني، في حديثه للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، أنّ المُطالبات بإعادة احتلال غزّة والقيام بنزعها من السلاح سيستمِّر على الأقل خمسة أعوامٍ، في تلميحٍ مُباشرٍ إلى أنّ الحديث عن إعادة الاحتلال هو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع، على حدّ قوله.
وتابع الجنرال شيمني قائلاً إنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو كذّاب ومزمن على الكذب، ولا يُمكِن تصديق أيّ كلمةٍ تخرج منه، على حدّ تعبيره.
يُشار إلى أنّه حتى اللحظة لم يُعلِن نتنياهو عن تحمله مسؤولية الفشل المُجلجل الذي ألحقته حركة (حماس) بالدولة العبريّة في السابع من أكتوبر الجاري، في حين أقّر قائد الأركان العامّة لجيش الاحتلال، الجنرال هرتسي هليفي، بفشل جيشه في مواجهة (حماس)، لدى اقتحامها الحدود الجنوبيّة وسيطرتها على أكثر من عشرين مستوطنةٍ.
على صلةٍ بما سلف، قال المحلل غدعون ليفي في صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ “إسرائيل ستنطلق، وربما تكون قد انطلقت، عندما سترى هذه السطور النور، إلى عمليةٍ بريّةٍ كارثيّةٍ في قطاع غزة. هذا الغزو يمكن أنْ ينتهي بفشل ذريع لم تشاهده إسرائيل أو غزة من قبل. هذا الغزو يمكن أنْ يُحوِّل الصور التي تأتي من غزة في الفترة الأخيرة إلى المقدمة”.
ومضى قائلاً: “سنقف أمام مذبحة جماعية، جنود كثيرون سيقتلون بدون هدف، سكان غزة سيواجهون نكبة ثانية، علاماتها الأولية أصبحت توجد على الأرض. من هذه الفظائع لن يربح أيّ أحدٍ”.
ورأى الكاتب الإسرائيليّ أنّه “من ساعة إلى أخرى تصبح الصور من غزة مخيفة أكثر. وسائل الإعلام الإسرائيليّة المجندة تخون دورها ويحركها من يستهلكونها. يكفيها خطاب الجنرالات الذي يأتي من السماء والذي لا نهاية له“.
واستدرك الكاتب الإسرائيليّ قائلاً إنّ حقيقة أنّ إسرائيل لا تُظهر ما يجري في غزة، لا يعني بأنّ الكارثة لا تحدث هناك. أكثر من مليون شخص كانوا أمس يهربون للنجاة بحياتهم أوْ يتشبثون بطريقةٍ انتحاريّةٍ ببيوتهم المدمرة، نصفهم من الأطفال“، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ الكاتب ليفي على أنّ “إسرائيل تنطلق إلى عمليةٍ خطيرةٍ وخاسرةٍ. هل يمكنها سؤال حلفائها في واشنطن ما الذي جلبته الحروب العبثية للولايات المتحدة من أجل استبدال الأنظمة في العالم؟ كم من ملايين الأشخاص قتلوا عبثًا، وَمَنْ الذين تولوا الحكم على الحراب الأمريكية؟”.
وأكّد الكاتب: “لكن نحن لا نحتاج إلى أمريكا، وحتى لا نحتاج إلى التفكير بكارثة الفلسطينيين كي نعرف بأنّنا على شفا كارثة تاريخية أيضًا لإسرائيل. إذا تمّ حقا استكمال المهمة وقامت إسرائيل بتدمير القطاع على رؤوس حكامه وسكانه، فسيتم نقش هذا لأجيالٍ قادمةٍ في وعي العالم العربيّ والإسلاميّ ووعي العالم الثالث أيضًا”، طبقًا لأقواله.
وخلُص إلى القول إنّ ” (نكبة 2) ستمنع مئات ملايين الأشخاص في أرجاء العالم من قبول إسرائيل، ربّما ستكون هناك أيضًا أنظمة عربية تضبط نفسها في البداية، لكن الرأي العام فيها لن يسمح لها بالاستمرار في ضبط النفس، ولكن الثمن ستدفعه إسرائيل سيكون ثمنًا باهظًا أكبر مما تتوقعه الآن.”
من ناحيته قال المحلل العسكريّ عاموس هارئيل في (هآرتس) العبريّة إنّ استفزازات حزب الله للجيش الإسرائيليّ في الشمال هدفها إرباك الجيش واستنزافه لتخفيف الوطأة عن قطاع غزّة، والعمل على منع الاحتلال من شنّ عمليّةٍ بريّةٍ في القطاع، لافتًا إلى أنّ الأمور في الشمال قد تتحرج وتؤدّي في نهاية المطاف لاندلاع الحرب أيضًا على الجبهة الشماليّة.
سيرباهوم نيوز 2_راي اليوم