أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على طلبه إدخال مساعدات إنسانية عبر مصر إلى قطاع غزة.
وقال خلال مؤتمر صحفي في نهاية زيارة استغرقت عدة ساعات لتل أبيب: “الولايات المتحدة تدعم بالكامل حماية أرواح المدنيين أثناء الصراع”.
وأضاف: “السكان في غزة بحاجة إلى الغذاء والماء والأدوية، واليوم طلبت من الحكومة الإسرائيلية السماح بإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة”.
ولفت إلى أن إسرائيل وافقت على السماح بنقل المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة، بناء على تفاهم سيتم بموجبه فحص طبيعة المساعدات وشريطة أن تصل إلى المدنيين وليس إلى “حماس”.
وأشار بايدن إلى أن هذا الأمر سيتم “بالعمل عن كثب مع الحكومة المصرية والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة”.
وتابع: “أعلن اليوم تقديم 100 مليون دولار من المساعدات الأمريكية الجديدة للمساعدات الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
ولليوم الثاني عشر تواصل إسرائيل شن غارات مكثفة على غزة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع، ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
من جهة ثانية، شدد بايدن على أن إدارته “ستضمن التفوق العسكري لإسرائيل، وستطلب في وقت لاحق من هذا الأسبوع من الكونغرس الموافقة على حزمة غير مسبوقة لدفاع إسرائيل وسنبقي القبة الحديدية مزودة بالكامل بالذخيرة”.
وأكد أنه “لا أولوية أعلى من إطلاق سراح الرهائن” في قطاع غزة، مشيرا إلى أنه سيتم الطلب من الصليب الأحمر العمل على زيارة الأسرى.
وفي السياق، جدد الرئيس الأمريكي تأكيد تمسكه بحل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
وقال: “إسرائيل ليست وحيدة ونحن معها وإسرائيل لن تذهب إلى أي مكان، إسرائيل ستبقى يهودية الى الأبد”.
وأضاف: “قلت كثيرا لو أن إسرائيل لم تكن موجودة لكان يتعين علينا اختراعها”.
وتابع: “يجب أن تعود إسرائيل لكي تكون المكان الأمن للشعب اليهودي”.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، أنه سيسمح بدخول مقيد لمواد إنسانية من خلال مصر إلى غزة، بموجب قرار اتخذ بالإجماع في المجلس الوزاري المصغر “كابينيت”.
وقال في تصريح مكتوب أرسل نسخة منه للأناضول: “بناء على طلب الرئيس بايدن، فإن إسرائيل لن تحبط تقديم معونات إنسانية من مصر طالما احتوت هذه المعونات على المواد الغذائية والمياه والأدوية للسكان المدنيين جنوب قطاع غزة أو الذين يتحركون إلى هناك، وطالما لا تصل هذه الإمدادات إلى أيدي حماس”.
ووصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تل ابيب اليوم الأربعاء وتعهد بأن تتضامن واشنطن مع تل أبيب في حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال بايدن، في وقت سابق اليوم، إن الانفجار الذي أودى بحياة أعداد كبيرة من الفلسطينيين في مستشفى بغزة لم يكن سببه على ما يبدو إسرائيل وإنما أعداؤها.
وأفسد الهجوم على المستشفى الأهلي العربي المعمداني مساء أمس الثلاثاء عمل مهمة بايدن الدبلوماسية الطارئة في الشرق الأوسط، إذ ألغى قادة عرب قمة كانت مقررة معه.
واتهم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل بتنفيذ الانفجار الضخم بضربة جوية وقالوا إنه أدى الى استشهاد ما يصل إلى 500 شخص. وقالت إسرائيل إن الانفجار نجم عن إطلاق حركة الجهاد الإسلامي صاروخا، لكن الحركة تنفي ذلك.
وتحدث بايدن بينما كان إلى جوار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلا “شعرت بحزن وغضب شديدين بسبب الانفجار في المستشفى بغزة أمس، وبناء على ما رأيته، يبدو كما لو أن ذلك نفذه الفريق الآخر، وليس أنتم”.
وأردف قائلا “لكن هناك أشخاص كثيرون غير متأكدين، وبالتالي أمامنا الكثير، أمامنا الكثير من الأشياء لنتغلب عليها”.
وأضاف “العالم يشاهد. إسرائيل لديها مجموعة من القيم مثلها مثل الولايات المتحدة، وغيرها من الديمقراطيات، وهم يتطلعون ليروا ما الذي سنفعله”.
وكان الهدف من زيارة بايدن للشرق الأوسط هو تهدئة المنطقة وإظهار دعم الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل، التي تعهدت بالقضاء على حركة حماس التي قتل مقاتلوها 1400 إسرائيلي في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
لكن بعد الانفجار في المستشفى، ألغى الأردن النصف الثاني من رحلة بايدن، وهو قمة كانت مقررة في عمان مع قادة الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية لتوصيل المساعدات لغزة وتجنب حرب أوسع نطاقا.
وشكر نتنياهو بايدن على “دعمه المطلق”. وقال مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج إنه قال لبايدن “بارك الله فيك لحمايتك دولة إسرائيل”.
وتعهد نتنياهو في اجتماع لاحق بأن إسرائيل “ستبذل كل ما في وسعها لإبعاد المدنيين عن الأذى”. وقال بايدن إن الولايات المتحدة “ستواصل دعم إسرائيل بينما تعملون على الدفاع عن شعبكم”.
* “الحقونا، الحقونا!”
كانت مشاهد الدمار من المستشفى مروعة حتى بمعايير الأيام الاثني عشر الماضية، والتي واجهت العالم بصور صادمة، أولا لإسرائيليين يقتلون في منازلهم، ثم لعائلات فلسطينية مدفونة تحت الأنقاض بسبب الضربات الانتقامية الإسرائيلية.
وبحث عمال الإنقاذ وسط الحطام الملطخ بالدماء عن ناجين. وقال رئيس الدفاع المدني في غزة إن عدد الشهداء بلغ 300 شخص، بينما قالت وزارة الصحة في القطاع إن العدد بلغ 471، رغم أن إسرائيل تشكك في هذه الأرقام. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة إن رجال الإنقاذ ما زالوا ينتشلون الجثث.
وقال الطبيب فضل نعيم رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى “الناس دخلت قسم العمليات تصرخ، الحقونا، الحقونا، في استشهاد وجرحي في المستشفى”.
وأضاف “حاولنا إسعاف من يمكن إسعافه لكن العدد كان أكبر بكثير من أن يقوم طاقم المستشفى المحدود بإسعاف الناس”.
ونشرت إسرائيل في وقت لاحق لقطات من طائرات مسيرة لموقع انفجار المستشفى، قالت إنها تظهر عدم مسؤوليتها عنه لعدم وجود حفرة ناجمة عن أي صاروخ أو قنبلة.
كما نشر الجيش الإسرائيلي ما قال إنه تسجيل صوتي “لاتصالات بين إرهابيين يتحدثون عن خطأ في إطلاق الصواريخ”.
أما الفلسطينيون فعلى قناعة بأن الانفجار ناجم عن هجوم إسرائيلي، مع عدم وجود تحذير للمدنيين بمغادرة المستشفى الذي كان يستخدم مأوى لآلاف من سكان غزة شُردوا بالفعل بسبب القصف الإسرائيلي.
وقال طبيب آخر بالمستشفى اسمه إبراهيم الناقة لرويترز “هذا المكان شكل ملاذا آمنا للنساء والأطفال الذين هربوا من القصف الإسرائيلي في محيط المستشفى والذين اعتبروا أن هذا المكان ملاذا آمنا لهم”
وأضاف “دون سابق إنذار استُهدف المستشفى بقذيفة لا نعرف ما هي ولكن عرفنا مدى نتائجها باستهدافها الأطفال الذين قطعتهم أشلاء والذين قطعتهم أجزاء”.
* “التفكير الهادئ”
بعد تصريحات بايدن بأن إسرائيل ليست المسؤولة عن الانفجار، دعا زعماء دول غربية أخرى إلى توخي الحذر.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي على منصة إكس “قفز كثيرون الليلة الماضية إلى استنتاجات حول الخسائر البشرية المأساوية في الأرواح بالمستشفى الأهلي… الخطأ في تقدير هذا من شأنه أن يعرض المزيد من الأرواح للخطر. انتظروا الحقائق، وأعلنوا عنها بوضوح وبدقة. يجب أن يسود التفكير الهادئ”.
وندد زعماء مثل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانفجار في تصريحات تجنبوا فيها تحديد الجهة المسؤولة.
وأطلق الانفجار العنان لغضب جديد في الشوارع بجميع أنحاء الشرق الأوسط، حتى بينما كان بايدن يحاول يائسا تهدئة المشاعر ومنع الصراع من اجتياح الحدود.
وأطلقت قوات الأمن الفلسطينية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين المناهضين للحكومة في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث مقر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أحد الزعماء العرب الذين ألغوا اللقاء مع بايدن.
وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرا جديدا للأمريكيين بعدم السفر إلى لبنان، حيث كانت الاشتباكات الحدودية بين حزب الله المدعوم من إيران وإسرائيل خلال الأسبوع الماضي هي الأكثر دموية منذ الحرب التي وقعت بين الجانبين في عام 2006.
ودعم بايدن إسرائيل بقوة في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر تشرين الأول لكنه يتعرض لضغوط مكثفة للحصول على التزام إسرائيلي واضح بالتخفيف من محنة المدنيين في قطاع غزة حيث يعيش 2.3 مليون فلسطيني تحت حصار كامل دون إمكان الحصول على الغذاء أو الوقود أو الماء أو الإمدادات الطبية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء أنه المساعدات ستتوفر في “منطقة إنسانية” في المواصي جنوب ساحل قطاع غزة بالقرب من الحدود المصرية. ولم يوضح كيفية وصول المساعدات إلى هناك.
من جهته، قال مرصد فلسطيني، الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي هو من قصف المستشفى المعمداني في قطاع غزة، ردا على ادعاءات إسرائيلية قالت إن “القصف كان بصواريخ المقاومة الفلسطينية”.
جاء ذلك في بيان للمرصد الفلسطيني لتدقيق المعلومات والتربية الإعلامية “تحقق” (مستقل يعمل به صحفيون ومختصون في مجال التحقق وتدقيق المعلومات)، عبر موقعه الإلكتروني غداة قصف إسرائيل للمستشفى الأهلي المعمداني وسط غزة، ما خلف مئات القتلى.
ونشر المرصد معلومات عن تحقيقات في ما “تداولته صفحات إخبارية واجتماعية عبرية وعربية وصحفيون من معلومات تفيد بأن قصف مستشفى المعمداني في غزة كان بصواريخ المقاومة الفلسطينية وليس الاحتلال الإسرائيلي”.
وأفاد المرصد: “هذه المعلومات تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن الناطق باسم جيش الاحتلال ادعى فيها أن إطلاقًا فاشلًا للجهاد الإسلامي هو المتسبب في المجزرة”.
وأوضح: “وقف مرصد تحقق، على صحة الادعاءات والروايات المتداولة بشأن ما حصل في مجزرة المستشفى وتبين أن صفحات إسرائيلية نشرت مقطع فيديو قالت إنه يوثق استهداف المشفى بصواريخ فاشلة من حركة حماس، بحسب زعمهم”.
وزاد: “تتبع فريق المرصد أصل المقطع المتداول وتبين أنه قديم، إذ نشره صحفي إسرائيلي بتاريخ الـ 6 أغسطس/ آب 2022”.
وتابع: “حدث قصف المستشفى المعمداني في مدينة غزة عند الساعة 18:59 (توقيت فلسطين)، واستمر القصف في محيطه حتى حوالي الساعة 19:10 مساءً، وشهدت هذه المدة موجة قصف عنيفة لمناطق متفرقة من قطاع غزة، بما فيها مناطق قريبة من المشفى، وفق ما أعلنت وسائل الإعلام المحلية الفلسطينية”.
كما كانت لحظة قصف المستشفى المعمداني من قبل الاحتلال على الهواء مباشرة في التغطية المباشرة لقناة الجزيرة ويقدر وقت القصف بنفس الساعة 18:59، وفق بيان المرصد.
وزاد: “أنذر جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان عددًا من مستشفيات غزة بالإخلاء تمهيدًا لقصفها، ومن بينها مستشفى المعمداني، وبالتالي هي ليست أول مرة يقصف فيها الاحتلال مشافي”.
وفي وقت سابق الأربعاء، جدد الجيش الإسرائيلي مزاعمه ضد “حركة الجهاد الإسلامي” بالمسؤولية عن الانفجار بالمستشفى، فيما حملت حركة “حماس”، إسرائيل المسؤولية المباشرة عن قصف المستشفى واصفة إياه بـ”المجزرة المروّعة بقوة نارية أمريكية”.
وأثار قصف المستشفى إدانات شديدة في عواصم عديدة، مع اتهامات للمجتمع الدولي بالتواطؤ مع إسرائيل، ودعوات إلى ضرورة توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني.
وتواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري شن غارات مكثفة على غزة، وتقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع؛ ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
وردا على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، أطلقت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية “طوفان الأقصى” اقتحمت في بدايتها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف قطاع غزة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم