آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » «مونولوجات غزة»… أصداء تتردّد في بيروت

«مونولوجات غزة»… أصداء تتردّد في بيروت

رنا علوش

 

طارق تميم يتلو «مونولوجات غزة» في «مسرح المدينة» أول من أمس

تلبيةً لنداء «مسرح عشتار» في رام الله، استعادت مسارح عربية وعالمية «مونولوجات غزة» التي كتبها أطفال فلسطينيون خلال العدوان الصهيوني الأول على القطاع عام 2008. في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، احتضن «مسرح المدينة» عرضاً جمع أسماء من أهل المسرح استعادوا هذه النصوص الراهن التي أضاءت على «أهوال وآمال وصمود سكان غزة الشجعان ويبرزون أصوات الأطفال»

تلبيةً لدعوة «مسرح عشتار» في فلسطين، قامت «مؤسسة فضاء» المعنيّة بأرشفة المسرح العربي، أول من أمس، بقراءة مونولوجات، كتبها أطفال فلسطينيون عن تجاربهم ومعايشتهم الذاتية للعدوان الأول على قطاع غزة في عام 2008. على خشبة «مسرح المدينة» (الحمرا- بيروت)، افتتحت العرض المخرجة المسرحيّة عليّة الخالدي، التي رفضت أن تبدأ بدقيقة صمت، قائلة: «لن نبدأ بدقيقة صمت، نحن اليوم نريد أن نستمع لأصوات أطفال غزّة». وأوضحت الخالدي عن استجابة «مؤسسة فضاء» لدعوة «مسرح عشتار» في رام الله الذي تديره إيمان عون، مضيفةً: «نؤمن بأنّ المسرح يعكس جميع نواحي الحياة، منها المجتمع والحياة السياسيّة، فما يحصل في غزّة اليوم، هو نكبة ثانية، تتعدّى نكبة الـ 1948، مع فرق وحيد، وهو أنّ الشعب الفلسطيني اليوم طوّر أساليب مقاومته أكان من ناحية السلاح، أو الصورة، حتّى زلزل الكيان الصهيوني». شكرت عليّة الخالدي الأفراد المشاركين في قراءة النصوص، الذين بلغ عددهم 21 قارئاً، على تلبية دعوتها قبل يوم ونصف فقط من تأديتهم للمونولوجات على خشبة المسرح. علماً أنّ «مسرح زقاق»، في منطقة الكرنتينا في بيروت، شهد عرضاً مماثلاً تحت إشراف المخرج المسرحي حسان الرواس.

«مونولوجات غزة» في هولندا

«مونولوجات غزة» في الهند

تنوّعت أعمار وجنسيّات القرّاء في «مسرح المدينة» أبرزهم: الممثلة المسرحية الفلسطينية رائدة طه، والكاتبة الفلسطينية جين سعيد مقدسي (شقيقة المفكر الراحل ادوارد سعيد)، والممثلة المسرحيّة فادية التنّير، والممثل طارق تميم، والممثلة برناديت حديب، والناشطة النسويّة ماريّا عليان والممثل والمخرج عبد الرحيم العوجي، والمخرجة لينا أبيض، بالإضافة إلى أسماء آخرين من ممثلين وناشطين وكتّاب.

إختار المشاركون نصوصاً لأطفال غزّة جمعت ونشرت في عام 2010، بالإضافة إلى استعانتهم بمقتطفات من «يوميّات غزاويّة» التي نشرت في 21 تشرين الأول (أكتوبر) في جريدة «الأخبار» وبعبارات سُمعت وحُفظت في أذهان ووجدان الناس خلال تغطية الإبادة التي يرتكبها الكيان العبري في غزّة. اختار الممثل طارق تميم نصيّن لقراءتهما، كما فعل غيره من المشاركين، أحدهما لطفل يدعى أشرف السوسي، والآخر لفتى اسمه أمجد أبو ياسين الذي كان يبلغ السابعة عشر من عمره حين كتب النصّ، فلفت تميم إلى أنّ أكثر ما مسّه في نصّ الطفل أمجد، هو حديثه عن لحظة وداع الأخوة لبعضهم بأعينهم فقط: «لما بدِت الحرب، كنا نلعب كورة والجو كان غريب، ولون السماء أحمر… فجأة سمعنا صوت طيّارة، عمري ما سمعت زي هالصوت… كلنا خفنا وانبطحنا عالأرض واستنينا الموت… بعد هيك سمعنا صوت انفجار كبير بعيد عنا أمتار. صرنا كلنا نطلع بوجوه بعض ونودع بعض من غير كلام».

«مونولوجات غزة» أول من أمس في «جامعة أوكلاند» في نيوزيلندا

يوضح تميم لنا ما تعني له هذه المشاركة في قراءة النصوص: «لا أستطيع الذهاب إلى غزّة للانضمام إلى الحرب والدفاع عنها، هذه فرصتي للنضال كما أستطيع، ومشاركتي اليوم في القراءة، تعد أضعف الإيمان». ثمّ استعان تميم بمقولة الأديب الشهيد غسّان كنفاني في ختام قراءته «ليت الأطفال لا يموتون، ليتهم يرفعون إلى السماء مؤقتاً ريثما تنتهي الحرب، ثمّ يعودون إلى بيوتهم آمنين، وحين يسألهم الأهل محتارين، أين كنتم؟ يقولون مرحين: كنّا نلعب مع الغيوم».

تناولت المونولوجات التي بلغ عددها الإجمالي الواحد والثلاثين، قصص الحرب التي عاشها الأطفال، ومخاوفهم، وخواطرهم، وأحلامهم البسيطة، الصادقة، ورافقت القراءة دموع المشاركين والجمهور معاً، لتكون جلسة القراءة هذه أشبه بجلسة تطهّر من ذنوبنا، تجاه أطفال غزّة وفلسطين ككلّ، وعجزنا عن فعل أي شيء ذي تأثير، كي ننام خفافاً من تأنيب الضمير.

لا أستطيع الذهاب إلى غزّة للدفاع عنها، هذه فرصتي للنضال كما أستطيع، ومشاركتي اليوم في القراءة، تعد أضعف الإيمان (طارق تميم)

بعد انتهاء المشاركين من قراءاتهم، صعد شاب من بين الجمهور إلى المسرح، عرّف عن اسمه أحمد شلدان من غزّة. اختار أن يخبرنا عن مدى جمال مدينته رغم المآسي التي تحصل فيها وقد أضاءت النصوص بعض جوانبها. أحمد لا يستطيع العودة إلى غزّة الآن. خسر أكثر من مئة فرد في عائلته، زوجته وأولاده في غزّة الآن يعانون ويقاومون. ومع ذلك، هو لا يتمنى سوى العودة إلى غزّة التي لا يقوى إلّا على حبّها. هكذا، لم يترك أحمد للجمهور الذي سمعه أي شيء سوى الصمت.

الحرية فعل… والحياد جريمة

في كانون الأول (ديسمبر) 2008، شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على غزة في ما سمّاه «عملية الرصاص المصبوب»، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 1200 فلسطيني ثلثهم من الأطفال. نصوص إبداعية وثّقت تلك المجزرة من بينها «مونولوجات غزة» (تحوّلت لاحقاً إلى وثائقي أخرجه الفلسطيني خليل مزين) التي جاءت عبارة عن نصوص كتبها أطفال فلسطينيون يصفون فيها معايشتهم وانطباعاتهم ومكابداتهم ليوميات ذلك العدوان بلغتهم الدراجة الحيّة والبسيطة. ولأنّ «هذه المونولوجات لا تزال دقيقة حتى يومنا هذا… إنهم يسلطون الضوء على أهوال وآمال وصمود سكان غزة الشجعان، ويبرزون أصوات الأطفال والناس في غزة» وفق بيان «مسرح عشتار»، دعا الأخير، قبل أيام، مسارح عدة في العالمين العربي والغربي إلى استعادة هذه النصوص في «اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني» (29 نوفمبر)، فاستجابت له مسارح بيروت وعمان وأوسلو وبلجيكا وفضاءات عالمية أخرى. كما أشار إلى أنّ نصوص «مونولوجات غزة» متاحة على موقعه الإلكتروني، داعياً كل مناصر للحق والعدالة والقضية الفلسطينية إلى تصوير قراءته لأحد المونولوجات وتحميله عبر الإنترنت، «أملاً في خلق المزيد من التعاطف والوعي على المستوى الدولي».

وكان «مسرح عشتار» قد نظّم وقفة احتجاجية أول من أمس «رفضاً للمجازر المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، وتزامناً مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني». تضمنت الوقفة قراءة لـ «مونولوجات غزة» وعرض فيلم «مونولوجات غزة، عشرة أعوام وللحلم بقية» (إيمان عون)، ومشاركات من «شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية» التي تضم «مسرح الحرية» و«مسرح الحارة» و«الكمنجاتي» و«عشتار» و«معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى» والمؤسسات الفنية الفلسطينية التي تعمل في الفنون الأدائية في الرقص والموسيقى والسيرك والمسرح. وكانت الشبكة قد أصدرت بياناً بعد انطلاق العدوان على غزة أعلنت فيه عن «دعمها الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية في غزة في سبيل دحر الاستعمار وتحرير الإنسان والأرض من البحر إلى النهر». وتابعت إنّ «الحرية فعل وليست مجازاً، والحياد في المواقف الأخلاقية والإنسانية مشاركة في الجريمة، وانحياز صريح للمعتدي. نكبتنا مستمرة، ومحاولة مسح الفلسطيني من الوجود، والاستهداف الوحشي لنا في غزة، هي جزء من حرب المؤسسة الاستعمارية الممنهجة، المبنية على ثنائية التحضر والوحشية بين أسياد وعبيد، وما تجريم المقاومة، وشيطنة التضامن مع القضية الفلسطينية، ومحاولة إخراج الصراع من سياقة التحرري، إلا تجلّ لهذه الأيديولوجيا».

توثيق المسرح العربي

قبل أن يقفل عام 2022 فصله الأخير، اجتمعت سبعة أسماء من المحترف المسرحي اللبناني لتعلن تأسيس جمعيّة تُعنى بأرشفة الوثائق والكتب والنصوص والموارد المسرحية المتعلّقة بالمسرح في لبنان والعالم العربي. أُعلن ذلك خلال مؤتمر صحافي أقيم في «مسرح المدينة» في بيروت (الأخبار 10/ 1/2022)، تخلّله عرض موجز قدمه المسرحيون فائق حميصي، وعايدة صبرا وفادية تنّير، حيث تمّ التعريف بالمؤسسة وأهدافها ومؤسسيها. تضم جمعيّة «فضاء» سبعة أعضاء مؤسسين هم: عليّة الخالدي، لينا أبيض، عبد الرحيم العوجي، ديمة متّى، مي مروة، وليد صليبا وفيروز أبو حسن. وتهدف الجمعيّة إلى جمع كل الموارد والمعلومات المتعلقة بالمسرح في لبنان والعالم العربي في مكان واحد، بحيث سيتسنى للباحثين الوصول إلى مواد بحثية مؤرشفة ومرقّمة بمهنيّة عالية.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المؤسسة العامة للسينما تعيد تأهيل صالات الكندي

تماشياً مع رغبة المؤسسة العامة للسينما في تقديم أفضل ما يمكن من أساليب العمل السينمائي، وتأكيداً لضرورة تأمين حالة عرض متقدمة ومتميزة لجمهورها، فإنها عملت ...