محمود الصالح
تركزت الحوارات خلال الورشة التي أقامها المرصد العمالي للدراسات والبحوث التابع للاتحاد العام لنقابات العمال حول الرواتب والأجور المنخفضة ضمن سياسة التوظيف الاجتماعي وفي إطار إعادة تعريف دور الدولة، على السبل الكفيلة بتحقيق التوازن بين الرواتب وتكاليف المعيشة.
وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أن موضوع الندوة مرتبط بمشروع الإصلاح الإداري، والهدف منها الوصول إلى نتائج تصب في إطار الجهد العام في مسيرة التعافي بعد 12 عاماً من الحرب التي أدت إلى إعاقة مسيرة التنمية.
ويرى القادري أن سورية بعد الحرب لن تكون كما كانت عليه قبل الحرب، وطلب من الباحثين الحضور اجتراح الحلول لأن السماء لن تمطر لنا حلولاً، ولا بديل من الاعتماد على أنفسنا كسوريين في تقديم الرؤى السليمة لصانع القرار في البلاد.
وأضاف رئيس الاتحاد العام أنه لا يوجد في سورية الآن تشغيل اجتماعي، ويرى أن الفساد أصبح ضرورة بسبب عدم استطاعة الشخص الحصول على حاجته، اليوم نحن لدينا شبه أجور، فكيف نستطيع مكافحة الفساد في ضوء ذلك، ويجب على الحكومة أن توفر العتبة التي توفر الحد الأدنى للمعيشة، ودعا إلى وضع إستراتيجية واضحة للتشغيل وردم الفجوة بين الأجور ونفقات المعيشة.
ويعتقد القادري أن العامل اليوم لا يحصل على راتب بل على «إعانة» ومن حقه الحصول على ما يكفي عائلته وهذا الحق كفله له الدستور.
وزيرة التنمية الادارية سلام سفاف ترى ضرورة إعادة هيكلة دور الدولة في ضوء التحديات الاقتصادية المفروضة على سورية، والتطور التكنولوجي الذي فرض على كل دول العالم إعادة هيكلة دورها.
ورأت سفاف أن دور الدولة يجب أن يتحدد فقط في الجوانب الأساسية الدفاع والصحة والتعليم، ولا يجوز أن تكون أجور الخدمات الطبية مثلاً تقدم للفقير مثل الغني، موضحة أن التوظيف الاجتماعي مازال قائماً وسيبقى، ودعت القطاع الخاص للقيام بدوره في هذا الجانب لأن توظيف القطاع الخاص اليوم لا يستوعب أكثر من 3 بالمئة من قوة العمل، وأقرت بوجود فائض عمالة وسوء توظيف للعمالة، ورأت أن قانون العاملين الأساسي في الدولة محبط لأنه نقطة سوداء في تاريخ الإدارة في سورية.
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي المنجد طرح جملة من الأسئلة كشخص محاور وليس كوزير ومنها أن هناك تناقضاً في الطروحات المقدمة في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي، حيث تم انتقاده في الوقت نفسه المطالبة به، ويرى أن اقتصاد السوق الاجتماعي هو ضرورة ولا يمكن الاستغناء عنه ولا بديل قانونياً عنه الآن في سورية، ويرى أن توزيع الثروة تم على العمال والفلاحين من خلال إجراءات حكومية معينة.
وتساءل المنجد ألا يجب أن «تفطم» الدولة رضيعها؟ واستغرب أن يتم معاملة ابنة الوزير في تكاليف الدراسة الجامعية كما تعامل ابنة الموظف العادي في التخصص نفسه وفي الوزارة نفسها.
أما عن رؤيته كوزير يعتقد أن البلد الآن لا يحتمل التجارب، وعلينا جميعاً أن نعمل بوطنية عالية كجزء من الصمود السياسي لبلدنا، ووعد بإطلاق منصة سوق العمل في بداية نيسان القادم.
الدكتور رفعت حجازي قدم بحثاً عن موضوع الندوة أكد فيه أنه لا يمكن الحديث عن الرواتب بمعزل عن التنمية، وقدم مجموعة من المعطيات التي أكدت تذبذب الناتج المحلي لسنوات ما قبل الأزمة وخلالها، حيث وصل الانهيار إلى -26 بالمئة في عام 2013 ثم تحسن في عام 2019 ليصل إلى 1 بالمئة وعاد إلى المنحنى السلبي في عام 2022، وأكد أن توزيع الناتج لا يعبر عن الواقع، وقد شهدت حصة العمل من الناتج المحلي تدهوراً كبيراً خلال الحرب بسبب عدم المواءمة بين الرواتب والأجور والنفقات حيث كانت 9 بالمئة من الناتج المحلي.
واقترح أن تكون هناك مواءمة بين القيمة الاسمية للرواتب والأجور والقيمة الفعلية، وطلب إجراء دراسة موضوعية لقرار رفع الدعم، ودعا إلى إنشاء نظام وطني للرواتب يسعى لتقليص الهوة بين الأجور والنفقات، وأكد ضرورة إيجاد سوق للعمل واضح المعالم.
عدنان عزوز تحدث عن المعايير التي وضعتها منظمتا العمل الدولية والعربية التي يجب أن تكون جزءاً من التشريعات الوطنية، لأن سورية وافقت عليها التي أكدت ضرورة توفير احتياجات العامل وأسرته وفق تكاليف المعيشة، وأن يكون الحد الأدنى للأجور مساوياً لتكاليف المعيشة.
بسام أبو عبدالله يرى أن هناك توظيفاً اجتماعيً والجهاز الإداري بيروقراطي في سورية وكان التوظيف الاجتماعي ناجماً عن الولاء السياسي، وأضاف إن الدور الأبوي للدولة مازال قائماً ويجب أن ينتهي لأنه لا توجد دولة في العالم تعلم ابناءها 20 سنة مجانا، ويطالب أن يكون هناك تمكين للمواطنين وليس إعاشتهم.
رفيق علوني قال: نحن لا نرى وجوداً لتوظيف اجتماعي في القطاع العام لأن عمالنا يعملون أحياناً 12 ساعة متواصلة، ولا أحد من العاملين في الدولة يعمل براتبه، إنما نعمل جميعاً بوطنيتنا، وشدد على ضرورة استمرار الدور الأبوي للدولة لأنه موجود في أغلب دول العالم.
زكريا زريق يرى أن الدور الأبوي للدولة اليوم يسعى لقتل القطاع العام، وإذا استمر الوضع كما هو عليه الآن فلن يستمر القطاع العام أكثر من خمس سنوات، في أي دولة في العالم عندما يتم بناء سياسة أجور يتم دراسة الواقع الاقتصادي بشكل صحيح، اليوم الدولة تعرف أن الموظف يذهب إلى الوظيفة بهدف الرشوة لأن الراتب لا يكفي، ويجب أن نبحث في تحقيق حاجة الأسرة ليس بطريقة الدعم، لأن العامل يجب أن يأخذ حقه والدعم يجب أن يخصص لمن ليس لديه عمل.
عابد فضلية قال: حتى الآن لا نتحدث عن الأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه، ولم ندرس الفرق بين الأجور الاسمية والفعلية التي يشكل التضخم الفرق بينها، ويرى فضلية أن القرارات التي تصدر أسبوعياً كل منها « ألعن» من الثاني إذ تركت آثاراً سلبية على القطاعات الإنتاجية، حيث زادت أسعار الأسمدة عدة مرات وهذا سيؤدي لزيادة تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعات التحويلية المرتبطة به ، وكلنا يعرف أن المنتجات الزراعية والصناعة تشكل 70 بالمئة من سلة احتياجات الاستهلاك.
عمار بكداش قال: إذا أردنا معرفة وضع القوى العاملة فلا يمكن النظر لها بشكل مجرد وإنما بالنظر إليها في إطار الواقع الاقتصادي العام، والمقياس الصحيح هو قياس نقص الموازنة على الناتج المحلي، والسبب الخطط الخمسية التي فتحت الاستيراد على مصراعيه، اليوم هناك 5 بالمئة من أبناء الشعب السوري يعيشون على حساب 95 بالمئة من الشعب، وهذا أدى إلى استقطاب طبقي، والنتيجة أن الجائع لا يستطيع أن ينتج، وكشف أن هناك كميات هائلة من الغاز في وسط وغرب سورية أعطيت لشركات لم تبدأ باستثمارها لأسباب مجهولة.
نائب رئيس اتحاد غرف الصناعة لبيب إخوان قال: نحن لا نقول في سورية هناك قطاع عام وقطاع خاص إنما قطاع وطني، وطلب من الورشة توصيف المرض للوصول إلى نتائج مفيدة ومنها أننا في سورية ليس لدينا بيانات صحيحة يمكن التأسيس عليها، حيث يوجد عامل يقبض راتب خمسة ملايين ويتم تسجيله في السجلات بـ 200 الف ليرة، ودعا إلى كشف المستور ومن دون ذلك لن نصل إلى نتيجة، وهذا يحتاج إلى قوانين جديدة وملامسة هذه القوانين هو جرأة، فهل هذه الجرأة موجودة لدى المسؤولين في الدولة؟
عضو المكتب التنفيذي لاتحاد العمال حسناء كوارة قالت: نحن نرفض التسول في الدولة لأن العمال اليوم يعملون بوطنيتهم، والمشكلة الأساسية تتمثل في حوامل الطاقة، فالحكومة تريد سد العجز من خلال زيادة أسعارها، وكل زيادات الرواتب خفضت الدخل قياساً إلى تكاليف المعيشة.
شفيق عربش قال: نحن ليس لدينا موارد بشرية، حيث تبلغ نسبة حاملي الإعدادية 66 بالمئة من العاملين ونحن بحاجة إلى إصلاح منظومة التعليم، هناك 25 كلية اقتصاد وكلما زادت زاد فشلنا، ويعتقد أن الهرم السكاني بدأ يضيق وسنصل في مرحلة إلى أن المعيل لن يستطيع أن يعيل، ومظلة الدعم كانت كبيرة وغطينا تحتها كل الفساد والفشل والهدر، والدعم وهم، والحكومة من دون ملف الدعم لن يبقى لها أي دور، نحن بحاجة لإصلاح سياسة الأجور وفق الدستور.
علي كنعان طلب أن تصدر الحكومة فئات نقدية متعددة حتى فئة 100 الف ليرة، وطلب أن يكون الدفع الإلكتروني مرتبطاً بالأجور، لأن الدفع الإلكتروني يرتبط بالأجور والبنية التحتية والثقافة، ولا يجوز تطبيقه في وجود راتب لا يكفي ليومين.
ويرى أن أسباب ما نحن فيه اليوم هي الأسباب ذاتها قبل الأزمة، حيث كنا نعاني ضعف الاجور والفساد والتضخم، اليوم الأجر المقابل لأجر ما قبل الأزمة هو 10 ملايين ليرة، والسعر الحقيقي للدولار على أرض الواقع هو 50 الفاً وليس 14 الف ليرة.
سيرياهوم نيوز1-الوطن