مصعب أيوب
تحت شعار «الإبداع… مسؤولية وأخلاق.. الهوية ثقافة وفعل مقاوم» أقام اتحاد الكتاب العرب في سورية مؤتمره السنوي في دورته العاشرة وذلك في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق صباح أمس عند الساعة الحادية عشرة.
دور نبيل
في ورقة ألقتها وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح قالت: يشرفني أن أكون بينكم اليوم في افتتاح مؤتمركم السنوي وأن أنقل إليكم باسم السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس أطيب التحيات وأصدق التمنيات بأن تثمر نقاشاتكم وأن تتكلل أعمالكم بالنجاح، وبما يعود بالفائدة على أعضاء الاتحاد ويعزز دورهم النبيل رسلاً للكلمة المسؤولة وقادة للفكر النير وحملة لشعلة إبداع وإلهام لا تنطفئ مهما عصفت رياح الشدائد وضاقت حدود الحصار.
وشددت مشوح على أن الحرب الظالمة التي فرضت علينا واستهدفت قيمنا ووجودنا لم تستطع أن تطفئ جذوة الحياة فينا ولم يوهن الحصار الجائر من عزيمتنا، هي حرب مستمرة لا هوادة فيها فإما أن تنتصر الشعوب بوعيها وإرادتها الحرة، وإما أن تنكسر فتندثر ولا تقوم لها بعد إذ قائمة، الحرب الظالمة على سورية أخذت منحى أكثر قسوة ومساساً بحياة المواطن اليومية وهي سياسة عقاب جماعي يمارسها الغرب المنافق ضد سورية، وهو أمر لم يعد يخفى على أحد والجهود الوطنية التي تبذل باستمرار في تأمين متطلبات الحياة أهم بكثير من أن نذكرها، ولكن كلما ضاق الخناق وعظمت المخاطر ارتفع سقف التوقعات وعظمت المسؤوليات، من هذا المنطلق تضع وزارة الثقافة في صدر أولوياتها هدف بناء الفكر وتحصينه، وقد أطلقت في هذا الإطار البرنامج الوطني لبناء ثقافة الطفل واليافعين، كما أطلقت مشروع الخدمة الوطنية لتعميق الوعي بالهوية وتعزيز الانتماء الوطني.
خطة التنمية الثقافية
وأشارت الوزيرة إلى أنه كان لمشاركة عدد من أعضاء اتحاد الكتاب العرب في الندوات وورشات العمل وحلقات البحث التي نظمت لهذه الغاية أكبر الأثر في التقدم في هذا الملف وقريباً سيكون لنا لقاءات أخرى لاستكمال مناقشة مكونات الهوية الوطنية وما يتهددها من مخاطر خارجية وداخلية وسبل تحصينها.
ونوهت أنه ضمن مساعي الوزارة لمواءمة خطة التنمية الثقافية مع الاحتياجات الوطنية الملحة ووضعها في خدمة خطط التنمية المستدامة نعمل على دراسة سبل دعم الصناعات الإبداعية وتذليل ما يعترضها لتصبح أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، ولن يكون ذلك إلا لخلق البيئة المناسبة لتفعيل شراكات حقيقية بين المؤسسات الثقافية كافة والمؤسسات الاقتصادية وإيجاد المحفزات لتشجيع رجال المال والأعمال على دعم المشاريع الثقافية والاستثمار فيها، لأن مثل هذه الشراكات من شأنها إعطاء أهل الثقافة والفكر والقلم حقهم من الدعم والتكريم ورفع مستوى المنتج الوطني الثقافي، إننا إذ نعول على التعاون الوثيق مع أعضاء الاتحاد في تنفيذ خططنا ومشاريعنا ونؤكد على استمرار هذا التعاون القيّم المتجدد على مستوى المحاضرين في المراكز الثقافية والندوات والمؤتمرات وعلى مستوى عضوية لجان القراءة والتقييم في الهيئة العامة السورية للكتاب وفي مديرياتنا كافة ومنها مديرية المسارح والموسيقا، وعلى مستوى لجان التحكيم الجوائز الأدبية على أنواعها وعلى مستوى جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية.
تحريض على الابتكار
وفي الختام أفادت: إننا نعول على مفكرينا وأدبائنا الاستمرار في أن يكونوا محرضين على الابتكار ونبذ النمطية وحملة رسالة وطنية خالصة ودعاة فكر يعزز الانتماء والعمل والبناء، تلك هي الثقافة في جوهرها ثقل وتقويم وتصحيح اعوجاج، وما أكثر ما نالنا من سهام الاعوجاج المصطلحي والمفاهيمي والفكري، إن الثقافة التي نؤمن بها هي ثقافة أصالة وتفاعل وتجدد مستمر تحولنا من منفعلين إلى فاعلين، وقد أحاطونا بالشرور من كل حدب وصوب ونحن نرفض أن تكون هذه الشرور هي قدرنا المحتوم ونصر على ألا تنتج ثقافتنا إلا الخير.
حصار وضغوطات
وفي كلمته أكد رئيس اتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني أن الحرب التي شنت على وطننا أرادت النيل من ثقافتنا وقيمنا وتزييف هويتنا وتشويه انتمائنا، تماماً كما يفعل المحتل الصهيوني اليوم بأهلنا في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، محاولاً تدمير ثقافتهم ومسح ذاكرتهم باستهدافه الرموز الثقافية والأدبية والعلمية والأكاديمية ومراكز البحوث والدراسات، إضافة إلى محاولته إفناء الطفولة والأمومة الفلسطينية.
وشدد الحوراني على أن المكتب التنفيذي حاول في سنواته الثلاث المنصرمة أن يقدم كل ما يمكن تقديمه إلى الزملاء، أعضاء اتحاد الكتاب العرب، فنجح في أمور وأخفق في أخرى، ليس من باب التقصير، بل بسبب ما يعانيه بلدنا ومؤسساته من حصار وضغوطات تهدف إلى كسر إرادته وثنيه عن مبادئه التي لا يزال مصراً على التمسك بها والدفاع عنها، وفي مقدمتها حقه في الدفاع عن أرضه واستعادة ما احتل منها على يد الكيان الصهيوني وأدواته الإرهابية ومن يقف خلفها من دول إقليمية وعالمية.
فعاليات مشتركة
وتابع: على الرغم من هذا استمر الاتحاد في تقديم الخدمات إلى أعضائه على الصعد كافة، وثمة استثمارات يشتغل عليها الاتحاد في دورته العاشرة هذه من أجل النهوض الحقيقي بواقع زملائنا، والارتقاء بالفعل الثقافي، كما عملنا خلال هذه الدورة على تطوير علاقاتنا بالاتحادات والروابط والنقابات الأدبية في الدول العربية، وبعض الدول والمنظمات الأجنبية الداعمة لحق الشعوب في تقرير مصيرها واستعادة ما اغتصب من حقوقها، وأقمنا فعاليات ثقافية وفكرية مشتركة مع العديد من الدول والمؤسسات الثقافية، وثمة كثير من الأسباب التي تعرقل عملنا خارجياً، وفي مقدمتها سلوك الإدارة الأميركية التي ما فتئت تحاول كسر إرادة الدول الوطنية السورية ومؤسساتها كافة بتشديدها العقوبات الاقتصادية التي لم يكن آخرها قانون «مناهضة التطبيع مع سورية» الذي أقر قبل أيام من أجل تضييق الخناق على الشعب السوري وحرمانه من أبسط حقوقه في الحياة، لكسر إرادة هذا الشعب وإرادة قوى المقاومة في المنطقة، وتحقيق فرصة استثنائية لدمج الكيان الصهيوني في هذه المنطقة بحسب تعبير وزير الخارجية الأميركي «أنتوني بلينكن» في مؤتمر ميونخ للأمن، وهو ما يعني تذليل العقبات، أما محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني فهي لا تزال مستمرة على الرغم من حرب الإبادة التي تشن على الشعب الفلسطيني.
تنمية الوعي ثقافياً
وأكد الحوراني أن ما يعانيه شعبنا العربي السوري من ضائقة اقتصادية ومعاناة معيشية يجعلنا نرفع الصوت عالياً، مطالبين بخطوات ملموسة وحقيقية من أجل مكافحة الفساد والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه اللعب بلقمة المواطن السوري والمس بكرامته، فدماء الجيش والشعب العربي السوري لم تبذل من أجل تجار الحرب وزيادة ثرواتهم، بل من أجل عزة الوطن وكرامة المواطن، ولا بد من إذكاء جذوة الوعي في مجتمعاتنا لأن المثقف الحقيقي هو الأقدر على تنمية الوعي لدى شعبه، ومساعدته في العبور وتجاوز المشكلات.
تبعات الحرب
ومما جاء في كلمة عضو القيادة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي د. مهدي دخل اللـه أن الأوضاع التي تعيشها المنطقة تعود لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية ولاسيما تبعات الحرب التي لا يوجد أبشع منها، ولعل ما يجب أن نؤكد عليه هو دورنا إضافة إلى الحديث عن حالنا، وأن الأسباب الذاتية تكمن في الفساد والهدر والاستنزاف والفرض الضائعة والإدارات غير المناسبة، وهو ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد في خطابات كثيرة.
وقد قدم دخل اللـه بعض الأمثلة والمقارنات لتبعات حروب كثيرة في ألمانيا وأميركا والاتحاد السوفييتي التي لم تكن بحجم وهول الحرب في سورية، مبيناً أن تلك الحروب نجم عنها الكثير من الضائقات الاقتصادية والتي كان يستعان بكثير من الأحيان فيها بالكتب والمؤلفات لتجاوزها أو ربما التقليل من وطأتها.
سيرياهوم نيوز1-الوطن