نبيه البرجي
لا فارق بين جو بايدن كعراب لابادة الفلسطينيين عسكريأً، ودونالد ترامب كعراب لابادة الفلسطينيين سياسياً. ألا تعني “صفقة القرن” التي صاغها “حاخامات” الاستبلشمانت، ازالة أي أثر للقضية الفلسطينية… كيف؟ بأن يهيل العرب ـ أجل العرب ـ التراب عليها.
منذ أن أطل الأميركيون على المنطقة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لا أحد من الرؤساء الأميركيين اكترث لذلك الشيء الذي يدعى “العرب”. اما أنهم البدو أو القراصنة أو الرعاع…
واذا كان الناخبون العرب، واللبنانيون بينهم، في ميتشيغان قد زعزعوا أعصاب جو بايدن، بل ما تبقى من جو بايدن، ما هو خيارهم في صناديق الاقتراع. هؤلاء الناخبون يدورون في حلقة سوداء .الناخبون اليهود موجودون في جدران البيت الأبيض، كما في أروقة الكابيتول .الأهم في أدمغة من يقودون الأمبراطورية.
كلام الرئيس الأميركي عن حل الدولتين لا يتعدى “البروباغندا الديبلوماسية”. كان يراهن على أن تفضي سياساته حيال الشرق الأوسط الى تعويمه انتخابياً، وحيث الانحياز العملاني واللوجيستي الـى “اسرائيل”، ليلاحط أن هذه السياسات أدت الى اغراقه انتخابياً وسياسياً، حتى ليبدو هيكله العظمي وهو يرتعد أمام ما حدث في “الثلاثاء الكبير”، حين بدأ التسونامي الترامبي يزحف لاقتلاعه من المكتب البيضاوي .
يفترض ألاّ يعنينا من يكون هناك ما دمنا قهرمانات البلاط، ليبدو عبثياً رهاننا على أن يصل صوتنا أو أنيننا الى أسوار البيت الأبيض. بايدن الذي بعث الى بنيامين نتنياهو بكمية من القنابل يتعدى مفعولها قنبلة هيروشيما، لا يضغط لوقف النار استجابة لاستغاثة حكومات عربية حليفة، وانما لأنهم في أميركا وفي أوروبا يستشعرون مدى التداعيات الكارثية على مصالحهم الاستراتيجية اذا مضت “اسرائيل” في حروبها المجنونة .
لا نغفل بطبيعة الحال، أن الملايين على ضفتي الأطلسي، استيقظت ضمائرهم وهم يشاهدون المغول يخرجون من قبورهم ليفعلوا ما يفعلون في غزة .
لا نتصور أن دونالد ترامب سيكون اقل “اسرائيلية” اذا تسنى له تحقيق حلمه بالولاية الثانية، وحتى باختراق الدستور الى ولايات أخرى. رجل التغريدات التي أشبه ما تكون بتغريدات الأفاعي .لطالما قلنا أن ابنته ايفانكا التي على خطى زوجها (اليهودي) عاشقة لنجمة داود، تتجول بالكعب العالي في رأس أبيها.
اذاً، لنستعرض ما قاله في بدايات حملته الانتخابية .ترامب يسخر من “الميكانزم” الخاص بالعملية الانتخابية. كأي ديكتاتور أو بهلوان يرى في الغوغاء طريقه الى السلطة، وحتى الى التاريخ. هكذا جرى اقتحام الكونغرس كونه “هيكل الديموقراطية” التي يرى فيها نوعاً من “الفانتازيا الرثة”، ليحيي حملة البنادق الذين ظهروا وراء المتاريس ابان النزاع حول نتائج الانتخابات
“أنا مبعوث الله لأنقذ أميركا من الأبوكاليبس” (مشهد نهاية العالم)، “فخور بوصفهم لي المنشق السياسي لرفضي ان أكون جزءاً من مهرجان القردة”.”أنتم تعلمون انني سأنقلكم من التسكع أو من اللهاث، على الأرصفة الى الجنة”. “اذا لم أنتخب فان تلك الجماعة الاسلامية حماس ستنشر الارهاب في شوارعنا”.
يأخذ على منافسه بايدن أنه “يحبو مثل الأطفال وهو يتجه نحو الهيليكوبتر التي تقله حتى الى سريره”. “طوال عمله في السياسة كان كمن يقدم العلف للثيران. هل لمثل هذا الرجل أن يقود أميركا” ؟
أتباعه يستقبلون كلامه بعواصف من التصفيق .شعارهم “صاحب الشعر الذهبي هو من يصنع أميركا العظمى”. هذا ما يثير ذهول الباحثة الأنثروبولوجية الأميركية أوجيني سكوت التي تعود الى “تلك اللحظة المجنونة” في رأس صمويل هاننغتون، صاحب السؤال العنصري الشهير “من نحن” ؟ لترى في “ظاهرة ترامب” دليلاً على “الغرغرينا الفلسفية” في أميركا، و “التي تهدد بتقويض الاسس الأخلاقية والدستورية للدولة”.
الرجل الآتي من القاع النيويوركي، والذي وصفه مستشاره السابق ستيف بانون بـ “صندوق القمامة”، وكاد يرقص التانغو مع كيم جونغ ـ أون، يرى في الشرق الأوسط المسرح الذي يلعب فيه بهلوانياً تحقيقاً لرغبة ايفانكا. أن تدور المنطقة حول الهيكل .
لا كلمة عن فلسطين ولا عن الفلسطينيين .بكل خجل نقول… جو بايدن يظل أقل هولاً !!
(سيرياهوم نيوز ٣-الديار)