محمد نور الدين
تستمرّ محاولات المجتمع المدني وبعض وسائل الإعلام في تركيا، الضغط على الحكومة، كما على الشركات التي تتاجر مع إسرائيل، وتصدّر لها مواد مختلفة من حديد وفولاذ وإسمنت وسماد وأسلاك وخضر وفاكهة ونفط، لوقف هذه النشاطات. وفي هذا السياق، نظّمت مجموعة من الناشطين حملةَ احتجاج على زيارة وزير البيئة، محمد أوزحاسكي، إلى أورفة لوضع حجر الأساس لبعض البيوت التي دُمّرت في زلزال السادس من شباط 2023. وخلال كلمة أوزحاسكي في الاحتفال، رُفعت لافتة كتب عليها: «التجارة مع إسرائيل خيانة لفلسطين». ولمّا شاهد الوزير اللافتة، قال مخاطباً رافعيها: «لطفاً، اجلسوا واستمعوا إلى كلمتي حتى النهاية. لا تحاولوا التحريض ولا تستفزّوا الناس. إن الزعيم الوحيد الذي يحترق قلبه من أجل فلسطين، هو رجب طيب إردوغان. اذهبوا قولوا هذا لمن يرسلكم إلى هنا. أنتم لا تفعلون سوى الاستثمار في هذا الموضوع والتحريض. هذا هو الشيء الوحيد الذي تقومون به». وأضاف: «إنّكم تحتجّون أينما ذهبت. ولكن ثقوا أنه حيث توجد أمّة مظلومة، يوجد وراءها مدافع هو رئيس جمهوريتنا». ثم أعطى الوزير مثالاً، مواقف إردوغان ممّا حصل في قره باغ، قائلاً: «انظروا إلى مدينة شوشه كم عانت من الظلم. كانت تحت الاحتلال الأرميني، ولكن مَن دافع عنها وحرّرها؟ إنه إردوغان. الآن، يصدح صوت الآذان في شوشه. وفي ميانمار، ذهبنا قبل ثلاث سنوات وكانت أيدي المسلمين الذين اضطهدهم الهنود تُرفع إلى السماء منادية: اللهم احمِ تركيا وارْضَ عن رجب طيب إردوغان. إردوغان كان الوحيد الذي حمل صوت الناس هناك». وتابع أوزحاسكي: «وفي فلسطين، رئيس جمهوريتنا هو الذي دافع عن القضية. ذهبنا إلى الأمم المتحدة ودَعَونا إلى حلٍّ عادل».وإذ انتقدت صحيفة «مللي غازيتيه» التابعة لـ«حزب السعادة» الإسلامي، في عنوانها الرئيس، تركيا، قائلةً إن «كندا فرضت حظراً على تصدير السلاح إلى إسرائيل، بينما لا تزال تركيا تواصل تجارتها مع إسرائيل الصهيونية». أمّا صحيفة «قرار»، فكتبت في مانشيتها الرئيس، أسماء وصور رؤساء الشركات التي تتاجر مع إسرائيل، مخاطبةً إيّاهم: «كفى! أنهوا التجارة القذرة». وجاء في تقرير نشرته الصحيفة، أن «التجارة مع إسرائيل ارتفعت، في شباط الماضي، بنسبة 20.7%. وفي شهر كانون الثاني، صدّرت تركيا إلى إسرائيل مواد غذائية بقيمة 41 مليون دولار، تضاف إليها المواد اليومية التي تصدّر من حديد وفولاذ وإسمنت وأسلاك شائكة ونفط». وتلفت «قرار» إلى أن الشركات التركية الكبرى ليست بحاجة إلى المال الذي تكسبه من هذه التجارة، حاضّةً إيّاها على أن «تضع وظيفتها الإنسانية قبل مسألة الربح». كما تلفت إلى أن الشركات التركية المصدّرة تنكر قيامها بالتصدير، خلافاً لِما تورده معطيات وزارة التجار واتّحاد المصدرين. وفي هذا الجانب، يحاول النائب عن منطقة آدي يمان عن «حزب العدالة والتنمية»، حسين أوزهان – وهو في الوقت نفسه مدير مصنع تابع لشركة «سانكو» للنسيج في المدينة -، أن يلتفّ على السؤال عمّا يصدّر إلى إسرائيل، إذ يقول: «نحن شركة نسيج نعمل منذ عام 1904. ولكن، أنا كمدير مصنع الإنتاج، نصدّر إلى الكثير من العناوين ولكن ليس مباشرة إلى إسرائيل. لكن لا أعرف إذا كانت منتجاتنا تصل إلى هناك من طريق ثالث. ليست عندي معلومات دقيقة.
60% من حاجة إسرائيل إلى النفط تؤمنها شركة «سوكار»، المستثمر الأكبر الأجنبي في تركيا
وفي مدينة بورصة، نظّمت «حركة الألف شاب من أجل فلسطين»، وهي مجموعة ناشطة منذ بدء العدوان على غزة للدفاع عن القضية الفلسطينية والاحتجاج أمام الشركات التي تزود الكيان بالمنتجات، وقفة أمام شركة «زورلو» للطاقة، شريكة إسرائيل في إنتاج الطاقة، وصاحبة استثمارات فيها بقيمة 300 مليون دولار، فضلاً عن حصّة تقدَّر بـ25% في مركز «دوراد» للغاز الطبيعي، وهو أكبر مركز خاص في دولة الاحتلال، ويزوّدها بـ7% من حاجتها إلى الكهرباء. وعلى خلفية ذلك، توجّهت «قرار» إلى شركة «زورلو» بسؤال: «في وقت يموت فيه الأطفال في المستشفيات بسبب عدم وجود كهرباء، وينتظر الناس طلوع الشمس ليروا الضوء، ألا يعني تزويدكم إسرائيل بالكهرباء أنكم شركاء في الإبادة التي تحصل في غزة؟».
مع ذلك، تواصل الشركات التركية المصدّرة لإسرائيل، والتي تضمّ كل واحدة منها آلاف العمال وجميعها أعضاء في «جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلّين» الإسلامية التي تأسّست قبل 34 عاماً (أكثر من 14 ألف عضو وأكثر من 60 ألف شركة)، إنكار الحقائق، مثلما تفعل شركة «تشيمكو» للإسمنت التي قال مسؤولون فيها، إنها «تصدّر إلى أكثر من 20 بلداً، لكن إسرائيل ليست من بينها». غير أن معطيات «اتحاد مصدّري الإسمنت والزجاج والسيراميك والسماد» تؤكد أن تركيا هي الدولة الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة التي تصدّر مثل هذه المنتجات إلى إسرائيل. ومن هذه الشركات: «نوح تشيمنتو»، و«أقتشانسا»، و«ليماك» و«طوسيالي» و«زورلو». وتذكر صحيفة «ايفرنسيل»، بدورها، أن إسرائيل تستورد 65% من الفولاذ من تركيا، وتحديداً من جانب 17 شركة في هذا البلد، تأتي شركة «إيتش داش» التي يملكها عدنان أرسلان في طليعتها. وتضيف الصحيفة أن شركة معادن «ماتريس» تصدّر المعادن المختلفة إلى إسرائيل، إذ يقول العاملون فيها «(إنّنا) ننتج لمصلحة إسرائيل فيما نذرف دموع التماسيح على غزة». وحتى دبابات «إم 60» الإسرائيلية، يُعاد ترميمها وتحديثها في مدينة قيصري، بحسب «إيفرنسيل».
ومن الشركات التي تظاهر أمام مقرّها الرئيس ناشطو «حركة الألف شاب من أجل فلسطين»، «سوكار» التي تستورد النفط الآذربيجاني وتعيد تصديره إلى إسرائيل، علماً أن الأخيرة تستورد 20% من حاجتها من النفط من آذربيجان. كذلك، فإن «سوكار» هي المستثمر الأكبر الأجنبي في تركيا، علماً أن 60% من حاجة إسرائيل إلى النفط تؤمنها الشركة المذكورة، التي تستورد هذا النفط من آذربيجان وكازاخستان، وتصدّر إلى دولة الاحتلال 44 ألف برميل يومياً من النفط.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية