في انتظار أن تتّضح مآلات الحضور الأميركي في المنطقة، يمضي «حلف شمال الأطلسي» في خططه السابقة لتعزيز وجوده العسكري في العراق كبديل لـ«التحالف الدولي»، فيما سيؤجِّل النظر في مسألة انسحابه من أفغانستان، إلى أن تنتهي الإدارة الجديدة في واشنطن من مراجعة اتفاق الإدارة السابقة الموقَّع مع حركة «طالبان»، وتحسم أمرَ انسحابها مِن عدمه. غير أن ما يظهر من مؤشرات يجلي بوضوح الاتجاه إلى البقاء، خشيةَ خسارة ما راكمه الاحتلال مِن «إنجازات» في هذا البلد على مدى عشرين عاماً
تتلقّى إدارة بايدن دعوات بالسعي وراء تأجيل الانسحاب من أفغانستان لستة أشهر
وضوح «الرؤى» الأطلسية في ما يخصّ العراق، لا ينسحب، بطبيعة الحال، على أفغانستان؛ فاجتماع وزارء دفاع الحلف الذي استمرّ على مدى يومين، لم يخرج بـ«قرار نهائي» يُحدِّد إمكانيّة أو توقيت الانسحاب من هذه الحرب المستمرّة. وتَصدّر مصير مهمّة «الناتو»، البالغ قوامها 9600 جندي في أفغانستان، جدول أعمال الاجتماع، في ضوء الاتفاق الذي كانت الإدارة الأميركية السابقة وقّعته مع حركة «طالبان»، والذي يشترط أوّلاً انسحاباً أجنبياً كاملاً من البلد الآسيوي. وفي انتظار أن تنتهي إدارة جو بايدن من مراجعة الاتفاق، أشار ستولتنبرغ إلى «(أننا) نواجه موقفاً صعباً ومعضلات معقّدة… إذا بقينا إلى ما بعد الأول من أيار/ مايو، فإننا نخاطر بتعريض قوّاتنا لهجمات وبالالتزام بالتواجد المستمر» فيها؛ أمّا «إذا غادرنا، فإننا نخاطر بخسارة كلّ ما أُحرز من تقدّم، ورؤية أفغانستان تصبح ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية الدولية»، مشدّداً على أنّ «علينا التأكُّد من أن جميع الظروف مهيّأة لمنع ذلك، ونريد تقييم المخاطر التي نحن على استعداد لتحمّلها». لكن شروط الانسحاب «لم تتوافر بعد»، بحسب وزيرة الدفاع الألمانية، أنغريت كرامب كارنباور، التي قالت، قبيل بدء الاجتماع: «لسنا بعد في وضع يسمح لنا بمناقشة انسحاب القوات الدولية من أفغانستان» في التاريخ المُحدّد في الاتفاق، لأن ذلك «يعني تهديداً متزايداً على القوّات الدولية لكن أيضاً على قواتنا. علينا الاستعداد لذلك». في هذا السياق، اعتبر دبلوماسي أوروبي أنه «لم يعد ممكناً الفوز بهذه الحرب (أفغانستان)، لكن الأطلسي لا يمكن أن يسمح بخسارتها بشكل سيّئ». وتتلقّى إدارة بايدن دعوات بالسعي وراء تأجيل الانسحاب لستة أشهر، على رغم إصرار «طالبان» ودعواتها إلى الالتزام بالجدول الزمني المتّفق عليه؛ إذ رأت الحركة أن خروج القوات الأجنبية كاملة من أفغانستان، وفق «اتفاق الدوحة»، «أمر ضروري وفي صالح الجميع»، مؤكّدة أنها ملتزمة من جهتها بالتعهّدات التي قطعتها. وفي رسالة وجّهها إلى الشعب الأميركي، قال رئيس المكتب السياسي للحركة، الملا عبد الغني برادر، إن «الولايات المتحدة وحلفاءها قد أدركوا أن أزمة أفغانستان لا يمكن حلّها إلا عبر التفاوض، ومن أجل ذلك أُبرم الاتفاق مع الحركة في شباط/ فبراير من العام الماضي».
في هذا الوقت، كانت واشنطن تُطمْئن حلفاءها الأوروبيين إلى رغبة بايدن في وضع حدّ للقرارات الأحادية الجانب، لكن من دون أن تكشف أيّ نية في شأن الانسحاب من أفغانستان وأولوياتها الاستراتيجية. وأكّدت أوساط وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، وفق «فرانس برس»، أن «الأمور سارت على ما يرام… (وزير الدفاع الأميركي لويد) أوستن أكّد النهج الجديد للعلاقات والتفاهم الجديد بين الحلفاء»، في حين لفت هذا الأخير، قبيل الاجتماع، إلى أنّ «علينا التشاور واتّخاذ القرارات معاً والتحرُّك معاً. أنا مقتنع بأن الولايات المتحدة ستكون أقوى عندما تعمل ضمن فريق». لكن ستولتنبرغ تحدّث عن ضرورة «إعادة بناء الثقة المفقودة»، خصوصاً أن «هناك الكثير من أعمال الإصلاح التي يتعيّن القيام بها».
(سيرياهوم نيوز-رويترز-الاخبار)