آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من سنان إلى دي أراندا.. رحلة في عظمة وتاريخ العمارة الدمشقية

من سنان إلى دي أراندا.. رحلة في عظمة وتاريخ العمارة الدمشقية

 

بديع صنيج

 

 

المهتمّ قليلاً بمدينة دمشق وجمالها العمراني، يعرف أنّ الكثير من الأبنية المميّزة بطابعها الهندسي وتصميمها، تحمل توقيع معماريَين أجنبيين هما: سنان باشا (1489-1588) الذي صمّم التكية السليمانية وجامعها في دمشق، على نمط جامع ومدرسة الخسروية في حلب، وفيرناندو دي أراندا (1878- 1969) صاحب البصمة المميّزة لكلّ من بناء العابد ومحطة الحجاز وجامعة دمشق وبناء هيئة مياه عين الفيجة ووزارة السياحة الحالية وغيرها.

 

وضمن رحلة معمارية بين عظمة القرن السادس عشر وإبداع القرن العشرين ضمن معرض افتتح أمس الاثنين، بعنوان “إلى دي أراندا من سنان”، استطاع القائمون على ماجستير ترميم المباني التاريخية، وإعادة تأهيل المواقع الأثرية في “دار فخري البارودي”، أن يضيئوا الكثير من معالم تلك الرحلة وأهم محطاتها، وذلك من خلال ما يقارب 200 لوحة تشتمل على صور ودراسات إنشائية وطوبوغرافية وآليات الترميم المثلى للكثير من تلك المعالم المعمارية التاريخية.

 

يارا توما، المدرّسة في ماجستير ترميم المباني، أوضحت في حديث مع “الميادين الثقافية”، أنّ الهدف من هذا المعرض هو تأكيد كيف استطاعت عمارة تأتينا من إسطنبول منذ 600 سنة أن تؤثّر على العمارة السورية وتتأثّر بها، وأيضاً كيف لمعماري أوروبي استمدّ أبحاثه من إسطنبول أن يترك بصمته في دمشق ولا تزال آثارها ماثلة للعيان حتى الآن.

 

وقالت توما إن: “سنان كان مهندساً حربياً، وحينها كانت القوات العثمانية بحاجة لقطع نهر بغية إيصال الجنود إلى الضفة الأخرى، واستطاع حينها سنان أن ينجز جسراً خلال 13 يوماً، ومن بعدها تمّ اقتراحه ليكون مهندس السلطنة العثمانية، ومن أعماله في إسطنبول التكية السليمانية، ومسجد سليمان القانوني، وجامع الذكرى لابن القانوني، محمد، وجوامع ابنته مهرماه، وفي حلب له جامع ومدرسة الخسروية التي باتت خراباً بسبب الأحداث الأخيرة، ولدينا دراسة كاملة لإعادة تأهيلها وفق أفضل الأساليب، وفي دمشق صمّم التكية السليمانية التي تحتاج إلى مجموعة كبيرة من أعمال الترميم”.

 

وأضافت “أما فرناندو دي أراندا فهو مهندس جاء في نهاية السلطنة العثمانية على زمن السلطان عبد الحميد الثاني عندما كان يريد أن يفتتح الخط الحديدي الحجازي، وفاز بتصميم مخططات محطة الحجاز بين عامي 1911 و1912 التي شارك بها معماريون من كلّ الجنسيات، وعند انتهائه منها رفض الخروج من دمشق التي أحبّها كثيراً، وسكن في مبنى المكتبة العمومية الذي صمّمه وشيّده بنفسه، وعمل لصالح مديرية الأوقاف، وأثناء بناء دار سكنية لعائلة حلمي تعرّف على السيدة صبرية حلمي وتزوّجها، وانتقلا للعيش في منزل آخر أنشأه ضمن منطقة الحلبوني هي مدرسة الأندلس حالياً، وفي عام 1936 زار فلسطين وأعلن إسلامه وغيّر اسمه إلى محمد دي أراندا، ثم عاد إلى دمشق وعمل في مديرية الأوقاف ورئيس التصميم في وزارة المواصلات، إلى أنّ وافاه الأجل بسبب المرض ليتوفى عن 91 عاماً ويدفن في مقبرة باب الصغير”.

 

وتابعت توما “أحببنا أنّ هناك معماريين جاءا إلى دمشق بفترتين مختلفتين، وتصميماتهما المعمارية بطابعها العثماني كانت جديدة على دمشق، لكنها أثّرت على عمارتها وتأثّرت بها، ويُقال إنّ سنان عندما صنع مآذن المساجد أشبه بالمسلات فإنّ أهالي دمشق لم يتقبّلوها بدايةً، وقالوا ما هذه المئذنة التي تشبه ميل الكحل فهي ليست مضلعة كبيرة، لكن بعد فترة تآلفوا معها وباتوا يقلّدونها، أي أنّ المعماريين الدمشقين صاروا ينهلون من تصاميمه كما نهل هو من عمارتنا الدمشقية، والموضوع ذاته حصل مع أراندا وهو ما أحببنا التأكيد عليه من خلال هذه الرحلة”.

 

 

من جانبه، أوضح ياسر الجابي، المشرف على ماجستير ترميم المباني، بعض أخلاقيات العمارة مستذكراً كيف رفض المهندس الفرنسي ايكوشار الذي صمّم “المتحف الوطني” في دمشق، ومن بعده أراندا الذي قام بتوسعته، أن يسيئا إلى جماليّات مبنى التكية السليمانية وجامعها بأن يرفعا مبنى المتحف أعلى منها.

 

واستعرض الجابي كيف تقلّصت المساحات الخضراء حول التكية، مستشهداً بصور بين عامي 2014 والعام الحالي، وأيضاً من خلال النظر إلى العشر ليرات السورية التي طُبِعت عليها صورة التكية، وكذلك عبر لوحات لكلّ من الفنانين التشكيليين، لؤي كيالي، ومحمود حماد.

 

وبيَّن الجابي أنّ هناك دراسات عديدة وأطروحات تخرّج تعتبر بمثابة إضبارات تنفيذية جاهزة لأيّ جهة أن تتبنّاها وتبدأ بترميم المباني المتضررة، ومنها التكية السليمانية التي تعاني من هبوطات في الأرضية.

 

 

لكنّ الدراسة أثبتت أنّ الأساس ثابت وليس بحاجة لأيّ تدعيم بسبب أوتاد خشبية مغطاة بالقطران حافظت على الثبات ولم تتأثّر بعوامل الزمن، مشيراً إلى الأخطاء الهندسية التي قامت بها “الأمانة السورية للتنمية” مؤخّراً في عمليات الترميم والتي أساءت إلى الجانب الجمالي والعمراني كثيراً.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١ الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«كابتن أميركا» لن يدنّس أرض لبنان

  نجحت حملة «مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» أخيراً، في منع عرض فيلم «كابتن أميركا: عالم جديد شجاع» في صالات السينما اللبنانية.   بعد تواصل ...