بقلم :معد عيسى
تلجأ الدول إلى اعتماد مبدأ المقايضة في التعاملات التجارية لتأمين جزء من احتياجاتها عندما لا يكون لديها مبالغ كافية بالقطع الأجنبي أو سعر صرف عملتها غير مستقر، ويلجأ إليه الناس بالأرياف بمبادلة منتجاتهم الزراعية باحتياجاتهم من السلع والمواد الأخرى، حتى في العرف الاجتماعي هناك زواج المقايضة بتزويج أخت العريس لأخ العروس.
سورية دولة معاقبة محاصرة مستهدفة تواجه إرهاباً دولياً منذ عشر سنوات تعاني صعوبات في تأمين القطع، سعر صرف عملتها غير مستقر، تملك الكثير من الموارد الطبيعية التي يمكن مقايضتها مع دول صديقة لتأمين بعض احتياجاتها الضرورية ولا سيما السماد والآليات الهندسية، وقد تمت مناقشة هذا الأمر عدة مرات، وكانت هناك عروض كثيرة وخيارات متنوعة كان آخرها من شركة بيلاروسية عام 2019 لمقايضة الفوسفات بالآليات الهندسية الثقيلة، كما هناك إمكانية ورغبة كبيرة لمقايضة الفوسفات بالسماد مع الهند، ولكن رغم توافر الإمكانات ورغم وجود دول مستعدة لذلك، إلا أن شيئاً لم يتم من هذا القبيل لصالح صفقات تجارية استنزفت القطع وتاجرت بفارق سعر الصرف وتركت مواسم المزارعين بلا سماد في عز حاجتنا لمضاعفة الإنتاج الزراعي.
يكفي أن نقايض جزءاً بسيطاً مما نملك من الفوسفات مع دول صديقة مثل إيران والهند والصين لتأمين حاجتنا من السماد والتجهيزات والآليات ومواد أخرى طالما لا نملك القطع وسعر صرف ليرتنا غير مستقر، وطالما نحن بأحوج ما يمكن لتلك المواد، ولكن يبدو ما زلنا عاجزين غير راغبين بمبادلة سلعة واحدة أمام صراع المصالح ووجود طبقة تجار في إداراتنا العامة ترى كل شيء من خلال مصالحها.
نملك ثروات معدنية مهمة وإنتاجاً وفيراً من الزيتون والحمضيات والنباتات العطرية والطبية، ولكن عجزنا عن عقد صفقة مقايضة واحدة رغم أن ذلك هو الخيار الأفضل وفي لحظات قد يكون الوحيد، ورغم طرح الموضوع عدة مرات من الحكومة ومناقشته.
الأمر ليس حالة اتهامية بل توصيفية لمشهد مؤلم ضاق بمعاناته الشعب السوري دون أن تتقدم الحكومات المتعاقبة خطوة واحدة في هذا الاتجاه، وما زالت الشروط التي تضعها هذه الجهات لأي عارض وأي مستثمر وكأننا في ظروف الترف والراحة والاسترخاء بينما المواطن يعاني ويتألم
(سيرياهوم نيوز-الثورة15-3-2021).