أحمد يوسف داود
أرجو المعذِرةَ إن قلتُ إنّني لاأظنُّ أنّ البَشريةَ عُموماً قد عَبدتْ يَوماً إلّا حَماقاتِها.. وهذه بعضٌ أدلّتي:
تُرى: أليسَ البَشرُ كلُّهمُ الآنَ في مَرحلةِ العِبادةِ الفعليّةِ الكامِلةِ (للمالِ بكلِّ أشكالِهْ).. بهذه الطريقةِ أوتلك، ولهذا السببِ أو ذاكْ؟!..
أوليسَ البَشرُ همُ الذين يختَرعونَ أساليبَ الدّمارِ الشّاملِ، وقيمَ غطرسةِ القوّةِ، وآلاتِ التدميرِ الشاملِ من أجلِ المالِ أو الثروةْ ومن أجلِ حِمايتِهما أيضاً؟!.
أوليس المالُ وحدَه ـ بأشكالِهَ المُختلفةِ ـ هو ما تدعَمُهُ (سلطةُ القوَّةِ) أو ماتُسمّى ـ تجميلاً لها ـ (قوّةَ السُّلطةِ) التي يُزعَمُ أنّها مستمَدّةٌ من الشُّعوبْ.. بينما تُعاني الشّعوبُ ـ بغالبيّةِ فئاتِها ـ من نتائجِ تلك القوّةِ ماتُعاني إلّا في القليلِ النّادرِ جدّاً منَ البُلدانْ؟!.
والتدَيُّنُ الذي تَرتَبطُ به تاريخيّاً مختلفُ المَنظوماتِ الاعتقاديّةِ والأخلاقيّةِ ومختلفُ قيمِ التعامُلِ وقواعِدِ السُّلوكِ وما إليها في سائرِ المُجتمعاتِ، ألا يَرتبطُ (رجالهُ!) عبرَ التاريخِ بسُلطةِ القوّةِ التي يَدعمُها المالُ وتدعمُ هي (أصْحابَهُ وجامِعيهِ) في نِهايةِ المَطافِ بِمُختلفِ الأشكالِ والوَسائلِ والسُّبُلْ.. حتى ليَكادُ ذلكَ الدّعمُ يكونُ بلا حُدود؟!.
وهل قامَ صِّراعُ خلالَ التّاريخِ إلّا على تناقُضِ (المَصالِحِ الماديّةِ) بينَ أطرافِهِ، وهل كان الضّحايا غيرَ الضُّعفاءِ وَحدَهم في مُجتَمعاتِ المُتَصارعينْ؟!.
أما مايَحكيهِ (جامِعو المالِ) وداعِموهم عن أنفسهم.. فهل هو ـ في نِهايةِ القراءةِ الصحيحةِ لهُ ـ إلّا جملةَ أكاذيبَ تُرَوَّج عَنهم بالأُجرَةْ؟!..
وهكذا باختصارٍ يُمكِنُ التساؤلْ: هل إنَ البشريّةَ قد عبَدتْ يوماً إلّا حَماقاتِها.. ليسَ أكثرْ؟!.
(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب8-4-2021)