ميساء العجي:
بعد اعلان الاحترازات الوقائية في المدارس للتخفيف من تداعيات انتشار فيروس كورونا القاتل نجد أطفال المدارس هم من كان أكثر ترحيبا بهذا الاجراء، معتبرين أن الاغلاق هو فسحة للترفيه واستعادة النشاط والحياة المسلية من جديد.. لكن بعضهم في الحقيقة لم يرق له المكوث في المنزل بعد التعقيم والتنظيف والابتعاد عن الشارع واللعب مع الأصدقاء.بعدما خفت كثرة الدروس والسبر والاختبارات والمذاكرات و الواجبات الى ما هو أصعب من ذلك ألا وهو العزل بالإضافة الى وقع مقولات ترهيبية عجيبة وجديدة عليهم منها حجر صحي وإجراءات وتدابير احترازية وكمامات وقفازات ،حيث انتزعت منهم ألعابهم وأغلقت الأبواب على أرواحهم وأجسادهم التي تهوى الانطلاق،الى جانب حرمانهم من الاقتران بأقرانهم، و غدت القبلات بين الأهل والأصدقاء ممنوعة فلا يقبل الطفل أبويه ولا إخوته خوفا من الإصابة بالوافد الغامض الشرس القاتل .
وفي هذا الاطار تضاربت الآراء بين الأهالي حول المنع التام لأطفالهم من الخروج من المنزل،فيما البعض الآخر كان يؤيد الخروج مع الحذر الشديد.
في هذا السياق شكت أم هيثم أن ابنتها الصغيرة لا تستطيع النوم دون معانقتها ولا تهدأ حتى تحصل على هذا الحنان فتسعى جاهدة الى تغيير هذه العادة لدى ابنتها كي تتأقلم مع الوضع الجديد.
أيضا الاستاذ عماد الحسون الذي قال إن أطفاله الثلاتة كانوا يقضون وقتهم النظامي في المدرسة ومع أداء واجباتهم المدرسية يذهبون بعدها الى لعب الكرة مع أصدقائهم، أما اليوم ومع إغلاق المدارس باتوا يجلسون في المنزل طوال النهار خوفا من الكورونا وهذا ماجعل نفسيتهم متعبة من هذا القادم المخيف ولا نعرف ماذا سنفعل لهم فالضجر والملل وصل اليهم وأثر بداخل روحهم واجسادهم .
تحذيرات مشروعة
المرشدة النفسية هيفاء الديب توضح في حديث معها أن الطفل الصغير يجد في التواصل الجسدي والعناق الطويل مع الأبوين أحد أهم دلالات الحب، فعندما تعاقب الأم ابنها تبعده عنها وتحرمه العناق . مايطرح السؤال كيف سيفسر هذا الطفل البريء كل هذا التباعد بين أفراد الأسرة الواحدة، وانعدام الزيارات العائلية، وتقليل الخروج من المنزل، و عدم استخدام وسائل النقل والمواصلات إلى أي مكان، في ظل هذه الجائحة التي تعد منبعا للفيروس، لذلك على الأهالي مهمة الشرح والتوضيح المستمر لهم عن خطر هذا الوباء العالمي.
و تشير الديب أننا نلحظ العديد من الطلاب يتوقون الى الروتين اليومي الذي كان سابقا ويعتبرونه حلما يتمناه الكثير من الناس فقد أضحت ذكرياتهم تتوزع بين فقد، ومرض، وحبس اختياري، خوفا من تفشي كوفيد ١٩ ومشاهدة مسلسلات وفيديوهات تحذيرية عن خطورة المرض واجراءات احترازية تعيق الحياة العامة للكبار والصغار ،لذلك كله غدا إحساس الأطفال بالطوارئ إحساسا قاتلا فيه فقدان الدفء الأسري، والبعد القسري عن الأبوين ذكرى أليمة لن يمحوها الزمن فحياتهم في ظل الجائحة ناقصة البهجة .
فيما نجد البعض منهم يرغب للعودة الى مقاعد الدراسة بسبب الضجر والملل الذي باتوا يشعرون به من هذا الاغلاق الذي حرمهم جمعة الزملاء والأصدقاء والمقربين .
وتقول الديب أن الاثار المترتبة على عدم ذهاب الأطفال الى المدرسة أثناء الأزمة الحالية تتجاوز مجرد الملل أو فقدان التواصل الاجتماعي، فقد يعاني الطفل من آثار سلبية وخيمة على قدراته الإدراكية ومشاعره فقد تساعد صداقة الأطفال في المدرسة على نموه الجسدي والنفسي والحركي والاجتماعي ايضا، وتجعل شخصيته سوية ومتوازنة وتعلمه الكثير من القيم والمبادئ التي تفيده في المستقبل . مضيفة أنه لا ننكر أن صداقة المدرسة تعلم الطفل التسامح والعمل الاجتماعي وكتم الأسرار والتصالح والتواضع وتساعده على الاندماج وعدم الانطواء وتزرع الثقة لديه، ومعها يحس بروح المنافسة الإيجابية وفن التواصل الاجتماعي.
فيما العزلة تجعل الطفل شخصية ضعيفة هشة لذلك لابد من أن يعي الأهل والفعاليات الاجتماعية و الثقافية والتربوية لهذا الموضوع الخطير والعمل على تفاديه معا.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة