سلوى إسماعيل الديب:
مع أولى خطوات تطبيق الآلية الجديدة بخصوص البيوع العقارية والسيارات والإلزام بإيداع مبالغ مالية في المصارف كشرط أساسي لإتمام عملية البيع، بدأت تظهر بعض العقبات والعثرات الناجمة عن الآلية الجديدة.. نحاول في هذا التحقيق تسليط الضوء عليها..
ازدحام وتسجيل دور وانتظار، وربما يضطر الزبون للحضور أكثر من مرة ونكوص بعمليات البيع والشراء، وما ينتج عنه من أثر سلبي على عمليات البيع والشراء والعديد من القضايا التي قمنا برصدها والتي وردتنا شكوى بخصوصها فقمنا بجولة للوقوف على ما يجري.. التقينا عددا من المواطنين والمعنيين:
الواسطة والمحسوبية في فتح الحسابات المصرفية
تحدثت مريم عن تجربتها بما يتعلق بالوديعة وبأنها فرصة للفساد والسرقة، والمشكلة الكبيرة هي بفتح الحساب، حيث الظروف غير مهيأة لهذه الخطوة، فيتاجر البعض بأرقام حساباتهم، وقد دفعت 25 ألفا لقاء تنازل أحدهم لها عن رقم حسابه، وفي البنوك يخضع إعطاء الرقم للواسطة و المحسوبية والرشوة الصريحة، وتفسخ الأخلاق، أما أختها برغم كل محاولاتها لفتح حساب في مصارف حمص إلا أنها اضطرت أن تتكبد عناء السفر إلى مصياف لفتح حساب في أحد البنوك الخاصة.
الإيداع خلق مشكلة
تحدث محمد غانم (صاحب شركة) عن تجربته بأن الوديعة كطريقة إدارية هي خطوة جيدة بتوجيه الناس نحو المصارف، ليصبح لدى المواطن ثقافة مصرفية، لكن عملية الإيداع عند فراغ البيوع العقارية والسيارات خلقت مشكلة، وأضاف: كانت عملية البيع وإجراء الفراغ لا تستغرق أكثر من ساعتين، أما القرار الجديد فانعكس إرباكا على العمل، نتيجة عدم وجود حساب مصرفي لأغلب المواطنين، وعملية فتح الحسابات ليست ميسرة بكافة البنوك، حيث يتم إعطاء العميل موعدا ويؤجل أكثر من مرة، مما انعكس على عمليات البيع والشراء فيختلف سعر الصرف، وربما يتضاعف السعر إلى حين فتح الحساب، مما سبب لنا العديد من المشاكل ونكوص بعمليات البيع…
القرار بحاجة لدراسة أكثر
ومن المشاكل التي نعاني منها وضع خمسة ملايين ليرة في البنك، فلا يستطيع الشاري سحبها فوراً، وإنما على دفعات ويجب أن يبقى 500 ألف في الحساب لمدة من الزمن، علماً أن أصحاب الاختصاص فتحوا حسابات مصرفية، ولكن الإرباك عند المواطن العادي الذي يجد صعوبة بفتح الحساب، مما فتح بابا للفساد، هكذا قرار كان يحتاج أرضية، وظروفا مناسبة.
استرداد الأموال على دفعات
وأشار غانم إلى العقبات التي تواجههم عند شراء سيارة من دمشق، وثمنها 40 مليون ليرة مثلاً لا يمكنه سحب أكثر من 5 ملايين ليرة، وبرغم ذلك هي خطوة جيدة حيث لا يحمل الشخص مبالغ كبيرة على طريق السفر، أما سلبياتها تكمن في عدم تمكنهم من سحب تلك المبالغ عند الحاجة، مما انعكس عرقلة على العمليات التجارية، وأحجم أغلب الناس عن البيع والشراء، بسبب إرباكات المصرف، حيث لا يعلم البائع متى يمكنه سحب أمواله.
انعدام الثقة بين العميل والبنك
وهذا انعكس بانعدام الثقة بين العميل والبنك، ومما زاد الأمور سوءا الازدحام الشديد في المصارف وتأخر فتح الحساب بين 10و15 يوماً (تعال غداً أو بعد أسبوع).
وأشار محمد (صاحب مكتب تجاري) بأنها خطوة جيدة، ولكنها لم تترافق بأريحية في الإجراءات من فتح حسابات وتحويل وسحب الأموال، ونحن كمكاتب توقفت لديهم عمليات البيع والشراء.
في البنوك الخاصة
أما المحامي أحمد الديب فأشار إلى تعقيد الإجراءات بوضع الوديعة، من انقطاع الانترنت المستمر والازدحام الشديد، فالعملاء مستعدون لدفع العمولة دون تعقيد الإجراءات.
وأضاف:معاناتنا مع البنوك الخاصة هي نفسها بالبنوك العامة، حيث نضطر للانتظار قرابة خمس ساعات حتى نتمكن من إيداع أو سحب أي مبلغ، وأنا شخصيا ألغيت حسابي من البنك الخاص..
فقدان الثقة بالبنوك
بدلاً من هذا التعقيد لماذا لا يوضع مندوب للبنك في الدوائر المختصة كالعقارات والمواصلات دون تكبيد المواطن عناء، فأغلب المواطنين ليس لديهم ثقافة التعامل مع البنوك، فكثيرا ما يحدث خطأ في الاسم أثناء فتح الحساب أو تتشابه الأسماء، ينتج عنه مشاكل ومتاعب كثيرة، ومن إشكالات الوديعة أنه حتى بيع أو شراء دراجة آلية يحتاج لوديعة التي تصل قيمتها لخمسة ملايين ليرة..
العقود القديمة خلفت مشاكل
ومن أصعب المشاكل التي تواجهنا كمحامين، يقول الديب، عقود البيع القديمة التي تمت تصفية الذمة من الطرفين، كيف سيعود الشاري للدفع من جديد عند تثبيت العقد، حيث يمتنع البائع عن إعادة المال الزائد مما ينتج عنه مشاحنات ومشاكل لا تنتهي.
كما أن بعض الأشخاص يضطرون لفتح حساب لمرة واحدة حتى لو أنهم لا يملكون سوى عقار واحد وليسوا بحاجة له، وبسبب حاجتهم للمبلغ المطلوب المودع لفتح الحساب، يقومون بإلغاء الحساب بعد تنفيذ عملية البيع.
الخوف من تدني قيمة العملة
صحيح أن القرار يهدف إلى استقطاب الكتلة النقدية الناجمة عن طريق البيوع العقارية وإيداعها في المصارف إلا أن المواطنين لا يرغبون بالإيداع خوفاً من تدني قيمتها، وإجراءات السحب والإيداع وتحديد الحد الأعلى للسحب واكتفائهم بإيداع مبلغ رمزي لدى المصرف كجزء من الثمن مما يفرغ القرار من هدفه ومضمونه.
القرار يخالف نصا قانونيا
وأشار المحامي الديب للمادة ١٤٨ من القانون المدني التي تنص على أن (العقد شريعة المتعاقدين) فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يجيزها القانون، والقرار يخالف نصا قانونيا ويتطلب تعديله موافقة السلطة التشريعية الممثلة بمجلس الشعب كما يخالف نص الدستور الذي ينص على حرية تملك الفرد وتصرفه بممتلكاته وكما هو معروف أن عملية البيع تمر بمراحل الاتفاق والتوقيع على العقد ومن ثم دفع جزء من الثمن “العربون” ومن ثم الفراغ ودفع باقي الرصيد عند الفراغ.
القرار لم يحم المشتري
إن عقد البيع يفرض التزامات متقابلة ومتعددة بين البائع والشاري من خلال تسديد جزء من الثمن والفراغ والقرار يتدخل في إرادة الطرفين المتعاقدين وحريتهم في التعاقد.
الإشكال الذي يواجه تنفيذه في حال لم تتم عملية البيع فعلى البائع رد الثمن إلى المشتري بشكل رضائي أو لجوئه إلى القضاء وما ينتج عنه من إشكالات وبالتالي القرار لم يحم المشتري في حال عدم إتمام البيع لذلك يجب إدراج نص يحمي المشتري من مخاطر النكول.
التحايل عن طريق عقود الهبة..
كما سيؤدي إلى لجوء المواطنين للتحايل على القرار عن طريق عقود الهبة أو اللجوء إلى إقرارات البيع عن طريق المحكمة الذي يعفي من الوديعة أو اللجوء إلى عقود البيع الخارجية والتهرب من دفع الضريبة لدوائر الدولة وبالتالي حدوث إشكالات قانونية وحدوث عمليات احتيال من ضعاف النفوس..
لا يوجد نظام مصرفي متطور في المصارف
وأضاف الديب أن المصارف لا يوجد لديها نظام مصرفي متطور لهذه العمليات الكثيرة وإمكانية فتح حسابات مصرفية جديدة كما هو واضح، ولفتح حساب بالبنك أنت بحاجة إلى الهوية الشخصية وسند إقامة، والشاري بعد فتح الحساب يودع فيه خمسة ملايين ليرة إضافة إلى مبلغ صغير يختلف من بنك إلى آخر يقتطع منه رسوم فتح الحساب ورسوم الحوالة التي ستجريها ثم تجري حوالة إلى الحساب الشخصي للبائع مقدارها خمسة ملايين وتحصل على إشعار التحويل وعند إجراء الحوالة يجب أن تذكر سبب التحويل (مثلا شراء عقار وتذكر رقمه والمنطقة العقارية أو مثلا شراء سيارة نوعها ورقم لوحتها).
وعند وصول المبلغ إلى حساب البائع سيتم تجميد مبلغ خمسمائة ألف ليرة لا يمكنه سحبها إلا بعد 3 أشهر، ويستطيع البائع سحب المبلغ المتبقي على دفعات حسب كل بنك..
المصرف التجاري
محمد مجد حبوش مدير فرع المصرف التجاري رقم 3 بحمص قال: المشكلة أنه لا يوجد ثقافة مصرفية عند المواطنين، فعندما يبيع مواطن عقار بـ 100 مليون ليرة مثلاً، فإنه يسدد الثمن في قنوات غير صحيحة في المكاتب والمنازل، وما ينتج عن حمل النقود من مخاطرة في سلب هذه النقود، والهدف من القرار حماية الأشخاص، والمصرف هو المكان المناسب لتداولها.
لا نستطيع توسيع قاعدة البيانات
ونحن في البنك التجاري لدينا مشكلة بأرقام الحسابات، حيث أن البيانات أو الـ DAT شبه ممتلئة، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدنا سورية، ولا نستطيع تحديث البيانات أو توسيع قاعدة البيانات، ليكون هناك مجال لفتح حسابات جديدة، ويعود السبب لعدم وجود تواصل مع الشركة التي باعتنا البرنامج بسبب الحصار، وتقوم الإدارة العامة بالبحث عن أرقام حسابات تخلى أصحابها عنها من زمن، لتقوم بإعطائها لزبائن جدد وفق حصص محددة توزع على الفروع، وذلك إلى أن يتم تحديث البيانات، وتتوفر الإمكانية لفتح الحسابات بعدد أكبر.
الزبون العابر عبء على المصرف
وأضاف حبوش: عندما طرحت فكرة البيوع عن طريق المصارف اعتذر المصرف التجاري، لعلمه بأن قاعدة بياناته ممتلئة وفي هذه الحالة يأخذ الزبون العابر الذي يفتح الحساب لمرة واحدة ويختفي مكان الزبون الدائم، فيحجز حسابا مصرفيا ويوقف غيره ممن يتداول بالشيكات ويعيق الحركة المصرفية التجارية والاقتصادية والصناعية، ولو نفذ القرار تباعاً وليس دفعة واحدة لكانت الأمور ميسرة أكثر، ولكان خف الضغط على المصارف..
وأنا لدي عدد حسابات محدود وأحاول إرضاء الجميع، فالتاجر يجب فتح حساب له لأن عمله التجاري يتطلب ذلك، ليستطيع القيام بعمليات التحويل.
البنوك الخاصة تنتقي الزبائن
ويرى حبوش أن البنوك الخاصة تعتبر رديفا لبنوك القطاع العام ولكنها لا تقوم بدورها بالشكل المطلوب، لذلك خلال الاجتماع الأخير في مقر محافظة حمص قدمت توصيات بإنشاء ورشة عمل للمصارف برعاية مصرف سورية المركزي في حمص، لتسهيل فتح الحسابات للمواطن البسيط، لتخفيف الضغط على البنوك العامة، حيث أننا شركاء في سوق المصارف ولنا نفس التصنيف لكن البنوك الخاصة تنتقي الزبائن.
والسبب الرئيسي لمشاكل البنوك هو العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية والحصار الاقتصادي أيضاً، حيث أنه حتى التجهيزات من صرافات وعدادات غير متوافرة بالشكل المطلوب مما يعيق العمل..
السبب تغير سعر الصرف
أما عن الإشكالات التي تحدث بين البائع والشاري فقد أوضح حبوش أنها تعود لعدم ثبات سعر الصرف ويتم تحميلها للبنك وعن مبلغ 500 ألف ليرة المجمد في البنك فهي تعليمات من رئاسة مجلس الوزراء وقد خلق إرباكا للعميل وللمصارف.
وعن تنازل زبون لزبون آخر عن رقم حسابه فهذا غير ممكن لأن لكل زبون بياناته الخاصة التي لا يمكنه إعطاءها لأحد، فقط يمكنه إغلاق حسابه، وإذا حدث الأمر فهو غير قانوني وهو استثناء.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة