آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » الأرواح والوجود غير المرئي

الأرواح والوجود غير المرئي

 

المهندس نضال رشيد بكور

حديث “الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف” يشير إلى أن هناك روابط خفية بين الكائنات الإنسانية ، روابط تسبق اللقاء المادي وتؤثر فيه
هذا يضعنا أمام سؤال فلسفي قديم :
هل ما يربط البشر هو مجرد مصالح وعلاقات اجتماعية ، أم أن هناك “بنية ميتافيزيقية” للوجود الإنساني ، حيث الأرواح تتفاعل كما
العلم اليوم يتحدث عن الذبذبات ، الطاقات الكهرومغناطيسية ، والاهتزازات الدقيقة التي يبثها كل كائن حي. فإذا تقاربت ترددات شخصين حصل نوع من “الرنين” أو التوافق ، وإذا تنافرت الترددات حصل النفور .
هنا نجد تقارباً بين اللغة الدينية (الأرواح) واللغة العلمية (الذبذبات). الفلسفة تحاول أن تجعل من هذا اللقاء أرضية للتفكير : قد يكون اختلاف الألفاظ مجرد اختلاف في الإطار المرجعي ، لكن الجوهر واحد
أي أن الوجود البشري ليس معزولاً
بل هو شبكة من التفاعلات غير المرئية.
الروح في المفهوم الديني = جوهر لا يُدرَك بالحس المباشر.
الاهتزاز في المفهوم العلمي = أثر محسوس قابل للقياس.
لكن كلاهما يشير إلى أن “الإنسان ليس كياناً مغلقاً”
بل هو مفتوح على الآخر من خلال روابط غير مادية.
فإذا تعارف جوهران أو توافقت تردداتهما ، نشأ الانجذاب وإذا اختلفا نشأ التنافر.
هذا الفهم يعطينا تصوراً عميقاً عن العلاقات الإنسانية : ليست مجرد صدفة اجتماعية
بل هي نوع من التجاوب الكوني.
وهذا يُعيد تعريف الصداقة والحب والكراهية : ليست فقط نتاج تجارب وظروف
بل هي انعكاس لتوافق أو تنافر ” أعماق غير مرئية” فينا.
وبالتالي
يعلّمنا الحديث الشريف أن نحترم هذه الطبيعة: لا نستطيع أن نفرض المحبة على النفوس ، ولا أن نفسر كل النفور بالعقل وحده.
في النهاية
حديث الأرواح يكشف أن الإنسان ليس مجرد جسد وعقل
بل هو إشعاع وجودي يتجاوب مع إشعاعات الآخرين.
العلم الحديث بحديثه عن الذبذبات والطاقات لا ينقض هذا
بل يقدّم لغة أخرى لذات الحقيقة …
الفلسفة تجعلنا ندرك أن التآلف والتنافر بين البشر هو جزء من نسيج كوني أعمق ، حيث كل روح أو طاقة تبحث عن نظيرتها ، لتكتمل أو لتتعارض.
(أخبار سوريا الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صفحات العمر وتوقيع الروح

  المهندس نضال رشيد بكور في حياة الإنسان ، مهما امتدت به الأعوام ومهما اتسعت تجاربه ، يظل هناك خيط رفيع يربط الأرض بالسماء ، ...