آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » تجارة المكملات والهرمونات تنشط في الصالات الرياضية بعيداً عن أعين الرقابة

تجارة المكملات والهرمونات تنشط في الصالات الرياضية بعيداً عن أعين الرقابة

مريم إبراهيم:

تحول مشهد وجود عبوات المكملات الغذائية والهرمونات ومشروبات الطاقة داخل الأندية الرياضية إلى صورة مألوفة في حياة شريحة واسعة من الشباب، حتى باتت هذه المواد جزءاً من روتين التدريب اليومي، لا مجرد أدوات مساعدة ظرفية.

وفي وقت يشهد تزايداً في السعي نحو بناء كتلة عضلية ملفتة أو الحصول على جسم مثالي بشكل سريع، أصبح كثير من هؤلاء الشباب يعرضون صحتهم للخطر من دون إدراك تبعات الاستخدام العشوائي لهذه المنتجات التي تباع في الأسواق والنوادي من دون رقابة طبية أو شروط واضحة.

ولمتابعة الواقع عن قرب، أجرت صحيفة الثورة السورية جولة ميدانية شملت عدداً من الأندية الرياضية في دمشق، في مناطق نظامية وعشوائية، كشفت أن الفئة العمرية بين 15 و30 عاماً هي الأكثر استهلاكاً للمكملات الغذائية، إضافة إلى الهرمونات ومشروبات الطاقة، إذ يرى كثير منهم في هذه المواد طريقاً مختصراً للحصول على “جسم الأحلام”، ولو كان ذلك على حساب الصحة.

وفي أحد أندية التضامن، يقول الشاب شادي محسن: إنه اعتاد تناول فيتامينات ومشروبات الطاقة منذ دخوله عالم التدريب، ويصفها بأنها تمنحه “قوة إضافية” وبناء أسرع للعضلات.

شادي، كغيره من المراهقين والشباب، لا يرى في ذلك ضرراً حقيقياً طالما يشعر بالنشاط، ويؤكد أن مشرفي التدريب يطمئنونه بأن الأمر طبيعي، هذا الاطمئنان، القائم على انطباعات شخصية لا على معرفة طبية، تسبب في انتشار الظاهرة، حتى بات عدد كبير من المتدربين يستهلكون مكملات وهرمونات من دون وعي بتركيبها وتأثيراتها الجانبية.

وفي بعض النوادي، تتكدس على الرفوف عبوات بروتين مختلفة، وأحماض أمينية، ومحفزات ما قبل التمرين، وكبسولات حارقة للدهون، ومنتجات غير مرخصة تباع للشباب بسهولة، ويدفع الطلب المتزايد، البعض إلى البحث عن “الأقوى” مهما كان مصدره، ما يجعلهم عرضة لمنتجات مجهولة قد تصل إلى حد الإدمان النفسي والعضوي.

عدي الناصر، طالب جامعي، يؤكد أنه لم يحقق تقدماً حقيقياً في تدريبه إلا بعد استخدام بروتين مستورد نصحه به صديقه، ويصف التغيير في شكل جسمه بأنه “سريع ولافت”، ما دفعه للاستمرار رغم جهله بالآثار الجانبية المحتملة.

واقع خطر

أظهرت آراء الشباب أن معظمهم يعتمد على التجربة والنصيحة المتناقلة، لا على المعرفة العلمية، ويخلطون بين مكملات غذائية يحتاجها الجسم وفق ضوابط دقيقة، وبين هرمونات مصنفة طبياً ولا يجوز تداولها إلا بوصفة خاصة، ولكن في الواقع، أصبحت الهرمونات “تجارة خفية وخطر صامت” كما يصفها المدرب وطالب الطب، سقراط سلوم.

يؤكد سلوم أن عدداً كبيراً من المتدربين في رياضات القوة، وخاصة بناء الأجسام والفنون القتالية، باتوا يعتمدون على الهرمونات لأنها تمنحهم كتلة عضلية ضخمة وأداء أعلى خلال فترة قصيرة، لكنه شدد على أن الفائدة مؤقتة، وأن الضرر طويل الأمد قد يصيب القلب والكبد والجهاز الهرموني.

معظم هؤلاء الشباب، كما يقول سلوم، يستخدمون الهرمونات بلا إشراف طبي ويجهلون أنها قد تسبب اضطرابات عصبية ونفسية، إضافة إلى تأثيرات دائمة على الغدد، خصوصاً لدى المراهقين الذين لا تزال أجسامهم في طور النمو.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور سامر قصار أن انتشار المكملات والهرمونات بين الشباب تجاوز الحدود الطبيعية، مشدداً على أن الاستخدام الطبي المنضبط لا مشكلة فيه، بينما الاستخدام الشائع في سوريا يتم غالباً بلا رقابة وبلا دراية بالمخاطر.

ويشير إلى ضرورة تكثيف التوعية الإعلامية والندوات التثقيفية، لأن الاقتناع الذاتي لدى الشاب هو العامل الأساسي الذي يحدد استعداده للتوقف عن استخدام هذه المواد.

من جانبها، توضح الدكتورة حلا محمد أن الهرمونات تسبب اضطرابات طويلة الأمد في التوازن الهرموني، وقد تؤثر على الخصوبة والصحة النفسية والنمو الجسدي، مضيفة أن مشروبات الطاقة، رغم انتشارها، لا تقل خطورة، لأنها تمنح “قوة لحظية” تليها حالة هبوط حاد وإرهاق للقلب والجهاز العصبي، وهي غير مناسبة إطلاقاً للاستخدام أثناء التمارين الشاقة.

كما أكدت محمد أن سهولة شراء هذه المنتجات من الأسواق والنوادي دون رقابة جعلها في متناول الرياضيين الصغار، ما يزيد من احتمالات تعرضهم لمضاعفات خطيرة.

تشريعات قيد العمل

وعن دور وزارة الصحة، يوضح الدكتور قاسم بلوط، المنسق الصحي في الوزارة، أن المكملات الغذائية والهرمونات المستخدمة في الأندية ترتبط بمخاطر تشمل أمراض القلب وارتفاع الضغط ومشاكل الكلى وتخلخل التوازن الهرموني، مشيراً إلى أن معظم هذه المواد متاحة في السوق من دون وصفة طبية، ما يسهّل إساءة استخدامها.

وبحسب بلوط، فإن الدراسات التي أجريت في سوريا والدول المجاورة تكشف أن ما بين 35 و50% من رواد الصالات الرياضية يستخدمون مكملات غذائية، وأن أغلبهم يعتمد على معلومات غير طبية مصدرها الإنترنت أو الأصدقاء أو المدربون، كما أن أكثر من نصف المتدربين لم يستشيروا مختصاً صحياً قبل البدء باستخدامها.

ويؤكد بلوط أن وزارة الصحة تعمل حالياً على إعداد تشريعات تنظم بيع هذه المواد وصرفها، إلى جانب إعداد برامج تثقيفية لزيادة وعي المتدربين بالاستخدام الصحيح، داعياً إلى تعزيز دور اختصاصيي التغذية والمشرفين الصحيين داخل الصالات الرياضية.

وبين المكملات مجهولة المصدر، والهرمونات المهربة، ومشروبات الطاقة التي تباع بلا رقابة، يجد الشباب أنفسهم أمام مفترق طرق، إما صحة مستدامة، أو نتائج سريعة يدفعون ثمنها لاحقاً، ويبقى السؤال مطروحاً بقوة، هل تتحرك الجهات الصحية والرياضية والرقابية لوضع حدّ لهذا الخطر المتصاعد، أم يستمر بعض الشباب في اختبار أجسادهم بوسائل محفوفة بالمخاطر؟.

 

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اعتصام العشرات من العاملين والعاملات في مرفأ طرطوس أمام المحافظة احتجاجاً على قرارات نقلهم الجائرة إلى معبري جرابلس والبوكمال

  متابعة:هيثم يحيى محمد نفذ اليوم العشرات من عمال وعاملات مرفأ طرطوس اعتصاماً أمام مبنى المحافظة احتجاجاً على قرارات الهيئة العامة للمنافذ والجمارك الجائرة بحقهم ...