بقلم: علي نصر الله
في مثل هذه الأيام من أيار 2018 كان صخبُ التهديدات الصهيو – أميركيّة لسورية – بما تُمثل وبمَوقعيتها وريادتها – يَملأ الفضاء، وبالتزامن كانت سلطات الاحتلال الصهيوني قد ذهبت إلى إطلاق اسم دونالد ترامب على ساحة رئيسية في مدينة القدس المحتلة من بعد حماقة اتخاذه قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، المدينة المُقدسة المُغتصبة، هو الأمر الذي أكد آنذاك أن التصعيد وُجهة، وأنّ أطراف جبهة العدوان يُضاعفون أوهامهم، وأنّ درساً واحداً من الحاصل لم يَستفد منه أحدٌ من هذه الأطراف.
اليوم، السؤال عن ترامب وصفقة القرن خاصته هل هو سؤالٌ مشروع؟ أم هو مُستحق وينبغي طرحه؟ وكذا السؤال عن سورية التي تَمضي لاستحقاقها السيادي بإجراء الانتخابات الرئاسية في مَوعدها، وبكثير من الثقة والاقتدار على التوازي مع استكمال ما بَدأته في التصدي للحرب والعدوان ودحر المحتل والإرهاب والمرتزقة؟.
وكذا، هناك سلسلة من الأسئلة التي لا تَحتاج مَن يَطرحها بل تَطرح ذاتها كتحديات ووقائع تَعكس من جُملة ما تَعكس ما يَندرج بالضبط تحت عناوين اليقين السوري بالانتصار، وخلاف كل ما تَوهمته قوى العدوان ومرتزقته ككتلة واحدة حكومات، وتنظيمات، وأجهزة استخبارات، ومراكز رصد داعمة أو صانعة للقرارات الحمقاء أو التي ثبتَ بالدليل أنها ذروة في الحسابات الخاطئة الواهمة.
صحيحٌ أن صخب التهديدات لم يتوقف يوماً، لكن الصحيحَ أيضاً أن هذه التهديدات لم تنل يوماً من عزيمة سورية وحلفائها في محور المقاومة، بل جعلتها أكثر تصميماً وثباتاً وتمسكاً، ورسخت عميقاً القناعة بصوابية مواقفها وخياراتها الوطنية في الصمود والتصدي كما في البناء والتنمية، وفي الدفاع عن الوطن وقضيته المركزية كما بتعزيز علاقات التعاون مع الأشقاء والأصدقاء والحلفاء وسواهم ممن يَتخندق معنا في جبهة الحق والكرامة.
لن نَسأل أين ترامب وأوباما وأردوغان ونتنياهو اليوم مما تَشاركوه مع ساركوزي وأولاند والباقي من مُكونات الجوقة إياها؟ وربما لا تُوجد حاجة للسؤال لطالما قَدّمت وتُقدّم الأحداث والوقائع إجابات لا تَقبل التأويل ولا الفهم الخاطئ لها، في سورية، في روسيا، في الصين، في فلسطين، وفي إيران والعراق واليمن.
جَرت أحاديث عن تَمزيق وفيدراليات وفوضى في سورية، وها هي سورية تَمضي لإنجاز استحقاقاتها السيادية في موعدها، تَدحر الإرهاب بيد وتَبني باليد الأخرى، تصنعُ وتَصوغ مُعادلات ردع وقوّة تُعزز قوتها ودورها وتُثبت أنها كانت وستبقى الرقم الصعب في المنطقة والمفتاح الذهبي للاستقرار والسلام في العالم، ذلك من خلال سياستها الحكيمة التي عُرفت بها، وبشجاعتها وحكمتها أجهضت مُخططات ومشاريع امبريالية ما كانت لتكتفي بإخضاع المنطقة بل تتجاوزها بوضع اليد الثقيلة على أوراسيا وأعالي البحار انطلاقاً من مُحاولة السيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط.
جرى حديث عن نقل المعركة إلى العمق الإيراني وعن إغراق طهران بالفوضى، وها هي طهران تتقدم في كل الميادين وتذهب لانتخاباتها الرئاسية أيضاً وباليد إنجازات عملاقة فَرضتها في محادثات فيينا من بعد انقلاب الأحمق ترامب على “النووي الإيراني”، بينما تتجاوز موسكو والصين وسواهما عقوبات واشنطن أحادية الجانب، لتتراكم الدروس في كل الاتجاهات ولتتكاثر رسائل الردع لعل أوروبا العجوز تَستيقظ فتَجد طريقاً آخر غير التبعية المُذلة لأميركا، ولعل أميركا تَنكفئ وتتخلى عن عنجهيتها قبل فوات الأوان.
في هذه الأثناء، لليوم الرابع من بعد يوم القدس العالمي، يقعُ للمرة الأولى ما لم تتوقعه واشنطن، وما لم يَخطر لمُجرمي الحرب الصهاينة، في القدس والنقب، في عكا وحيفا واللد والرملة، على أطراف غزة وعلى امتداد فلسطين المحتلة، الملاجئ مَملوءة بقطعان المستوطنين، الهلعُ يسيطر، القبة الحديدية المزعومة صارت من كرتون، الذهول والصدمة حالة، وأراضي 48 تَكشف عن وجه فلسطيني أصيل، ليَبدأ كثيرون ربما طرحَ الأسئلة الأكثر أهمية على الصهاينة وداعميهم.
كسوريين، لم نكن يوماً نُبالغ بثقتنا ويقيننا بالنصر، بل كُنّا وما زلنا نَعتقد به وبقدرتنا مع الشرفاء والمقاومين على إنجازه، وعلى تَمزيق الصورة إياها التي مَزقها جيشنا العربي السوري في حرب تشرين التحريرية، فجيش الاحتلال يُقهر ويُهزم، وأميركا ليست استثناء، سنَقهرها ونَهزم مشاريعها، فاستحقاقنا الانتخابي ناجز ويقين، نَرد به على القوى المعادية بصلابة، وفي جُعبتنا الكثير مما سيُكتب عنه ويُدوَّن في سجلات الكرامة والبطولة .. هذا يَقيننا.
(سيرياهوم نيوز-الثورة15-5-2021)