انسانياً، من البديهي أن كل من سمع قصة الطفلة “روح” تعاطف معها أشد العاطفة، وآلمه تخلي أهلها عنها، وبات لديه اهتمام إنساني وأخلاقي حول مصيرها في المستقبل.ولكن إن فكرنا جميعاً نحن المتعاطفون مع “روح” كيف حالها بعد سنوات؟ وكيف ستنشأ وأي هوية وانتماء ستحمل؟ تخيلوا أنها ستبقى مجهولة النسب لأنه ليس لدينا قانون يكفل حقوق من هم مثل الطفلة “روح”.أطلق عليها المتعاطفون اسم “روح”، ولكن الروح وأي روح، تحتاج لمجتمع متقدم وتشريعات متطورة لتحيا بها الروح لاسيما وأن هنالك حالات كثيرة شبيهة بهذه الحالة إما بسبب الحرب أو الفقر أو الظروف العائلية الأخرى.وهذا يعيد إلى الذهن قانوناً عظيماً كان قد تم إعداد مسودته وتحويلها إلى مجلس الشعب عام 2018 حول مجهولي النسب وكانت هذه المسودة تتضمن مواداً لضمان نشأة وحقوق هؤلاء الأطفال بشق قانوني وإنساني واجتماعي سليم، لكن أعضاء المجلس أو جزءاً كبيراً منهم رفضوا القانون حينها لحجج سياسية لا أساس لها من الصحة دون أن يراعوا الجانب الإنساني أو الاجتماعي وحتى الوطني في هذا الأمر.اللافت حينها أن جزءاً من الرأي العام وجزءاً كبيراً من أعضاء مجلس الشعب لم يكن متعاطفاً مع طفل مجهول النسب سيمنح الهوية السورية ويتمتع بحقوق طبيعية وفق التعامل القانوني المناسب، بل مالَ هذا الجزء إلى وصم أولئك الأطفال بما لا ذنب لهم فيه وألصق بهم تهمة أنهم أولاد إرهابيين حتى ولو لم يكونوا كذلك، وكانت النتيجة أن مجلس الشعب رفض مسودة القانون.قضية الطفلة “روح” اليوم تعيد إحياء القضية المحقة والإنسانية والصحيحة التي قام عليها مشروع القانون في العام 2018، الطفلة “روح” تضع اليوم المجتمع والمشرع أمام مسؤولياته الاجتماعية والإنسانية بإعادة هذا القانون من جديد وإقراره ضماناً للإنسانية في سورية وضماناً للنسيج الاجتماعي وضماناً لأمن سورية أيضاً وتكريساً لمبدأ العدالة الاجتماعية.شكراً لمن كان يقف خلف مسودة هذا القانون في العام 2018 ولا شك أنه اليوم سيعيد تحريك القضية للوصول إلى تشريع يليق بالسوريين في هذا الشأن.
(سيرياهوم نيوز- الوطن12-1-2022)