يتلمس الناس رؤوسهم قبل جيوبهم “الفارغة” مع اقتراب عيد الأضحى وموسم المونة والمدارس، في ظل متوسط دخل الموظف الشهري 50 ألف تقريباً، فكيف سيكون حالهم خلال فترة العيد وعند قدوم شهر آب اللهاب وسط اشتداد كابوس الغلاء من دون ظهور بادرة حكومية في الأفق تنقذ المواطن من وضعه المعيشي الصعب أو أقله تدخل بعض الفرح إلى قلبه وتشعره باهتمام صناع القرار الذين يتغنون بأن المواطن البوصلة والهدف.
في كل ديباجاتهم دلائل تردي الوضع المعيشي كثيرة، لكن قرار تقسيط السورية للتجارة الأكل بمبلغ 150 ألف ليرة يعد أكثر البراهين قسوة، فمن أوصل الناس إلى درجة أصبح تأمين غذائهم بالتقسيط؟ وهل عجزت الحكومة فعلاً عن إيجاد بدائل أخرى لا تلتهم القيمة المتبقية للرواتب؟ أليس الأجدى التفكير في زيادة رواتب مجزية وخاصة أن تحقيق هذا الهدف ليس مستحيلاً عند لحظ حجم الأموال المنهوبة من قبل بعض المسؤولين الفاسدين بالتعاون مع شركائهم من رجال الأعمال؟ فلمَ ينعم هؤلاء المفسدون بخيرات البلاد ويشفطون بركتها بينما يبخل على المواطن الصابر على الملمات براتب معقول يسد به احتياجات معيشته الأساسية، ما يتطلب وجود إدارة اقتصادية مرنة تسرع في اتخاذ قرار زيادة الرواتب بنسبة معقولة كونه أصبح مطلباً منقذاً لحال ذوي الدخل المحدود على أن يرافقه إجراء صارم مدعم بعقوبات شديدة لضبط الأسواق ومنع بعض التجار من تفريغ الزيادة من قيمتها كالعادة في ظل عجز التجارة الداخلية عن حماية المستهلك وانحيازها لصف أهل المال، على نحو يستوجب طرح تساؤلات مشروعة عن أهمية وجودها وهدر الأموال على وزارة عاجزة وخاصة أن بقاءها وعدمه سواء.
التأخير بتحسين الواقع المعيشي والاكتفاء بإجراءات ترقيعية وخاصة خلال هذه الفترة، التي ستضطر الأسرة إلى الخروج عن قواعدها التقشفية سينطوي على مخاطر لا يحمد عقباها بدأت تظهر من خلال اتساع نطاق الفقر والجريمة، بالتالي المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية تستوجب تفكيراً خارج الصندوق تنتج عنه حلول واقعية بدل الاستمرار في النهج ذاته في معالجة أزمات متلاحقة يدفع المواطن ضريبتها بينما ينعم بعض المسؤولين بعطايا الكرسي المكلفين به لخدمته وكأنهم يعيشون في كوكب مختلف، فهل سيعيّد السوريون على “الناشف” كما العيد السابق في إشاحة جديدة لوجوه المسؤولين عن المواطن أم ستكون هناك خطوة جريئة مفاجئة تمنع كسرة جيبه وتكافئه على صبره وتفك أحزمة البطون المشدودة ولو قليلاً.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)