الرئيسية » كتاب وآراء » المتطرفون ولعبة الدمى المتحرّكة

المتطرفون ولعبة الدمى المتحرّكة

د. سليمان الصدي لوس انجلوس- كاليفورنيا

يروى أن رجلاً بدوياً صارت له علاقة صداقة مع طبيبٍ من الحضر، وفي يوم من الأيام، دعا الطبيب صديقه البدوي إلى تناول الغداء في بيته وما إن استقر البدوي الضيف في مجلس بيت الطبيب حتى رأى شيئاً أثار استغرابه،فقد رأى الطبيب يضع في حضنه طير (حجل) ويعطيه كل اهتمامه، لا يأكل حتى يأكل الطير، ولا يشرب حتى يشرب الطير مما دفع البدوي إلى أن يسأل الطبيب عن سبب اهتمامه بطير (الحجل ) فرد عليه الطبيب : بعد أن نتناول طعام الغداء ستعرف سبب اهتمامي بهذا الطير.. وبعد تناول طعام الغداء، اصطحب الطبيب صديقه البدوي إلى مكان خارج المدينة وأخرج طير (الحجل) من قفصه ووضعه على مكان مرتفع (تلة) وراح هذا الطير يطلق صيحات علا صداها فبدأت طيور الحجل تتجمع بالقرب منه، ولما تجمع عدد كبير منها أخرج الطبيب بندقيته وأطلق منها رصاصة باتجاه جمع الطيور بعد عزل طيره الخاص (الحجل) عنها فقتل عدداً كبيراً منها باستثناء طيره…. وهنا التفت الطبيب إلى صديقه البدوي قائلاً: هل عرفت الآن يا سبب اهتمامي بهذا الطير…؟؟!! فرد البدوي: نعم عرفت، لكن أريدك أن تبيعني إياه وأعطيك أي مبلغ تطلبه فامتنع الطبيب في البداية، ولكن صديقه البدوي أغراه بالمال فباعه إياه وما إن استلم البدوي الطير حتى قال لصديقه الطبيب: أريد ان أجربه كما انت تفعل فرد الطبيب: نعم هو الآن طيرك فافعل ما تشاء.. فوضع البدوي الطير على نفس (التلة) وقبل أن يبدأ الطير بإطلاق صيحاته لأصدقائه مدّ البدوي يده إلى البندقية وأطلق النار عليه وقتله.. وهنا صاح الطبيب: ماذا فعلت يا رجل كيف يقتل مثل هذا الطير…؟؟!! فقال له البدوي: هذا الطير يجب أن يموت، لأنه يفتح لك باب قتل أبناء جلدته فموته يحفظ الآخرين يا صديقي الطبيب المتحضر.. وهذا ما شهدناه من قطعان المتطرفين التي أتت إلى سورية من كل حدب وصوب، فقد علا صوت من حرّك في دواخلهم نزعة الجهاد، وجمعهم، وكانت الحاجة ملحّة إلى التخلص من هذا الطير الذي يجمعهم، فقد فعل البدوي خيراً بالطيور الباقية، لكن ما حدث في سورية يعكس خلاف هذا الأمر، ففعل الطبيب هو الأجدى، مع ضرورة التخلص من الطير الأصلي. فلا يعرف المتطرفون ديناً، وتطرفهم منبثق عن خطة هم جزء منها، فليسوا إلا أدوات يتم استخدامها، ثم رميها بعد انتهاء الحاجة إليها. وما يحدث الآن في أوكرانيا سبق أن شهدناه في سورية، والفارق بين الحالتين اختلاف الأدوات، فقد تهافتت آلة الإعلام العالمية على تصوير جثث القتلى بيد النظام الكافر -كما كانوا يدّعون-، وظهرت الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي تجيز قتل من يشاؤون وكيفما شاؤوا، وتمّ إقناعهم بأن في ذلك تقرباً إلى الله، وانخرط مشاهير العالم وإعلامه في تصوير انتهاكات حقوق الإنسان على يد (النظام الكافر)، ولسنا ممن يتمتعون بذاكرة قصيرة كذاكرة السمك، فقد نفّذت هذه المجاميع المتطرفة أول عملية قصف بالكيماوي في خان العسل ضد الجيش، وفور وصول المحققين إلى دمشق تم تنفيذ مسرحية قصف الغوطة بالسلاح االكيماوي، والسبب جعل لجنة التحقيق تنشغل بمجزرة الغوطة الكيماوية. ويطول الحديث لو تتبعنا أعمال زهران علوش الإجرامية، وانتهاكات المتطرفين البعيدين تماماً عن جوهر الدين الإسلامي، لكن ما حدث في سورية، وأوكل إلى هؤلاء المتطرفين نرى شبهاً لصيقاً به في أوكرانيا إذ قامت فرقة أزوف بالمهمة ذاتها بعد فضيحة المخابر البيولوجية، فقامت الميليشيات الأزوفية بمجزرة، تم فيها استخدام الآلة الإعلامية لتصوير الجثث والحروق والتشوهات التي قيل إنها تمت في مختبرات بريطانية ليتم بناء قصص تؤثر في الرأي العام العالمي. إن الغاية من هذه المجزرة إبعاد الحديث عن المخابر البيولوجية من التداول، ولفت الأنظار إلى وحشية الجيش الروسي، وجعله منشغلاً بإثبات تورط غيره بها، ويذكّرنا هذا الأمر بزهران علوش الذي قتل سكان الغوطة بالسلاح االكيماوي الذي أحضرته المخابرات التركية من مستودعات القذافي، وكان يصدّر أن ما يفعله ثمن للوصول إلى حكم الله الذي سيغفر للمؤمنين، فمفسدة صغيرة تدرأ مفسدة كبيرة، وهم يحاربون نظاماً كافراً وكانوا يأملون في أن تنفذ أمريكا ضربتها، وتسلمهم الحكم كما فعلت في العراق. فحيثما وجدت أمريكا وجد متطرفون، وما يتغير الأداة فقط، فأزوف هي داعش الأوكرانية. إن ما حدث في سورية يثير في الذهن أسئلة كثيرة، فهل المشاهد التي صوِّرت على أنها جرائم ضد الإنسانية قام بها النظام الكافر -بحسب قولهم- قد صوّرت في سورية حقاً؟ ألم تثبت التقارير العالمية أن معظم المشاهد الشهيرة قد تم تصويرها في استوديوهات هوسبكس في بورك مع عملاء سوريين؟ ماذا عن الطفل عمران الرابض على مقعد الإسعاف؟ وماذا عن الطفل الغريق إيلان، أليست عملية قتل عن عمد لالتقاط الصور وترويج الكارثة السورية؟ ألم نصل إلى مرحلة نعلم فيها علم اليقين أن كمّ المشاهد المصنوعة خارج سورية يثبت بما لا يدع مجالاً للشك حجم المؤامرة، ودقة تنفيذها؟ وبعد؛ ألم يستقر في الأذهان ضرورة التخلص من طير الحجل والطيور التي على شاكلته؟

(سيرياهوم نيوز6-(22-4-2022

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المعادلة الجديدة بعد أل بي جر.

  كتب د. المختار على صفحته — بنظرِ الإ.سر.ائيل.يين إنّ فرحتُهم لم تكتمل لأنَّ قادتَهم لم يحسنوا استغلالَ عمليةِ “البي.جر” — التي لاتخلو من استعرلض ...