الرئيسية » ثقافة وفن » وليد قارصلي في ذكراه.. تحدى الإعاقة بالرسم والموسيقا..

وليد قارصلي في ذكراه.. تحدى الإعاقة بالرسم والموسيقا..

 أديب مخزوم:
مرت الذكرى السنوية السادسة عشرة لرحيل الفنان التشكيلي والموسيقي وليد قارصلي، الذي بدأت قصته مع الفن، حين تفتحت عيناه على لوحات والدته الفنانة التشكيلية الرائدة إقبال قارصلي، التي رحلت في نهاية ستينيات القرن الماضي، وكانت سباقة قياساً لفنانات جيلها في صياغة لمسات اللون العفوي، الذي كانت تضعه على سطح اللوحة بعنف تعبيري واضح.
فمنذ البداية وجد وليد في لوحات والدته المناخات اللونية الغنائية التي كان ينشدها، ولهذا انصرف كلياً إلى الرسم، رغم أنه درس الهندسة الالكترونية، وأبرز ميلاً نحو الموسيقا والأدب والسينما والمسرح.
وعلى الرغم من أنه لم يكن يستطيع الحركة، إلا على كرسيه المتحرك، فقد كان يجسد الحركة الحية والنابضة، وذلك بحركة خطوطه وألوانه، فالحركة التي كان يجسد من خلالها تشكيلاته وتكويناته، كانت تمنحه حياة متجددة وانطلاقة لا حدود لها، فالرسم بالنسبة له كان صديق معاناته اليومية مع إعاقته المزمنة، وكان من خلاله، يتغلب على كافة الصعاب، وكانت لوحاته تنقل في أحيان كثيرة ملامح تاريخية مقتطفة، من أجواء ومعالم مدينة دمشق القديمة، وبلمسات تتجه في أحيان كثيرة لتأكيد المناخات التقنية الشاعرية.
هكذا تركت لوحات والدته أثراً مباشراً في اتجاهه نحو جماليات الفن الحديث، لاسيما وأننا نرى في بعض لوحاتها جرأة مدهشة، قائمة على صياغة لمسات اللون العفوي والصارخ والوحشي ( نسبة إلى المدرسة الوحشية في الفن الحديث، ومن أبرز أعلامها الفرنسي هنري ماتيس )، ولمسات اللون الوحشي تظهر بوضوح في لوحاتها، وخاصة المنشورة في دليل معرضها الاستعادي بصالة الشعب عام 1985، وفي تلك اللوحات تجاوزت إقبال جرأة العديد من الفنانين، الذين عرضوا في تلك المرحلة، وبذلك كانت سباقة في استعادة مجد اللمسة اللونية التعبيرية والوحشية، في وقت متزامن مع بدايات إعطاء الحداثة التشكيلية السورية المعاصرة نفحات ذاتية وانفعالية ومباشرة.
ويشار في هذا السياق أن النقد التشكيلي السوري، في خطواته الأولى، لم يلتفت إلى دور المرأة السورية، في مجال تكريس النزعة التلوينية المتحررة والعفوية، لدرجة أضحت مع تلك الكتابات، مجمل الأسماء النسائية الرائدة، طي النسيان، باستثناء إقبال قارصلي، التي طغت شهرتها على غيرها، من فنانات جيلها، ولم تتميز فرادة وخصوصية أسلوبها التشكيلي الأكثر مغامرة وجرأة من أساليب اللواتي عاصروها فحسب، بل تميزت في أنها استمرت في الإنتاج والعرض في وقت متزامن مع انسحاب النساء الرائدات من الساحة الفنية التشكيلية في تلك المرحلة.
هكذا نجد أن الضربات اللونية السريعة والعنيفة، التي كانت تضعها على سطح بعض لوحاتها، ساهمت إلى حد بعيد، في تحريض نجلها وليد قارصلي على مزاولة الرسم العفوي المرتبط بالأحاسيس والمشاعر الداخلية، في خطوات الوصول الى اللمسة الشاعرية، التي جعلت أشكاله المختلفة (الزهور وعناصر العمارة القديمة والطبيعة والإنسان وغيرها..) تبرز بصورة متحركة وحية ونابضة بالحيوية، التي حققت الأبعاد الجمالية الموجودة في ثقافة وفنون القرن العشرين، وأدت إلى تفعيل التعبير والأبعاد الشاعرية المباشرة في فراغ السطح التصويري.
هكذا تحدى وليد قارصلي إعاقته المزمنة، من خلال عشقه المتجدد للفن والثقافة، ولقد أقام أكثر من عشرين معرضاً فردياً، إلى جانب مشاركاته الدائمة في العديد من المعارض الجماعية الرسمية والخاصة. حيث كان الرسم والموسيقا ينعشان روحه، التواقة إلى كشف مكامن الجمال عبر خطوطه وألوانه وموسيقاه وألحانه، وكانت أكثر مواضيعه المستمدة من أجواء مدينة دمشق، إلى جانب موضوعاته الأخرى المتنوعة، التي جسدها بنسيجه التقني الخاص، والذي توصل إليه وحمل ثمرة وخلاصة بحثه على مدى سنوات عمره.
وهو ينتمي إلى أسرة دمشقية أستقرت في تدمر، حيث ولد عام 1944، ولقد برز اهتمامه الكبير بالموسيقا، وشكل أكثر من فرقة موسيقية، جالت بنشاطاتها في عدة مدن عربية وعالمية، وقام بتأليف مجموعة من الألحان والأغاني والموسيقا التصويرية. وكان رحيله في 18 نيسان من عام 2006 خلال إقامة معرضه الأخير في المركز الثقافي الروسي.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

دهب سبيعي في أحدث ظهور.. جمالها نسخة طبق الأصل عن والدتها سلافة معمار

لفتت دهب سبيعي، ابنة الفنانة سلافة معمار والمخرج سيف سبيعي، الأنظار بجمالها اللافت وشبهها الكبير بوالدتها. تظهر دهب بين الحين والآخر في صور وفيديوهات عبر ...