آخر الأخبار
الرئيسية » السياحة و التاريخ » أنطاكية… بين العراقة التاريخية والموقع الإستراتيجي … نفخر نحن السوريين بأننا قدمنا للرومان رجالاً ممتازين لينظموا شؤون الدولة

أنطاكية… بين العراقة التاريخية والموقع الإستراتيجي … نفخر نحن السوريين بأننا قدمنا للرومان رجالاً ممتازين لينظموا شؤون الدولة

| مصعب أيوب

«استشعرت أنطاكية البيزنطية والسلوقية والرومانية وما تعاقب عليها من حقب لاحقة واستوعبت علاقة العمارة بالسياسة وكيف أثر أسلوب الحكم والصراع على عمرانها وعمارتها» هذه الكلمات التي ستجدها على غلاف الكتاب الذي ألفه المؤرخ د. لطفي فؤاد لطفي بعنوان «أنطاكية تاريخ وحضارة» وهو ما كتبته سلوى ميخائيل الأستاذة في كلية الهندسة المعمارية بدمشق معبرةً عن إعجابها الشديد بمحتوى الكتاب ومبينةً أهمية معلوماته التي سلطت الضوء على حضارة هذه المدينة وأهم المراحل المفصلية في تاريخها.

 

القمح والغار

 

أفتتح المؤلف كتابه بصورة لتمثال من العصر الهيلليني يمثل أنطاكية الإلهة تجلس على جبل تحمل حزمة القمح والعاصي عند قدميها والسور والإكليل والغار، ثم يفتتح العرض بمعلومات عن الموقع والتمركز الجغرافي المدينة مبيناً أنها تتربع على الضفة اليسرى لنهر العاصي على مسافة 30 كيلومتراً من شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

 

كما بين الكاتب تاريخ تأسيسها وأهميتها السياسية والدينية مشيراً إلى أنها تأسست عام 310 ق. م، على يد سلوقس الأول وسماها باسم أبيه أنطيوخوس، ولعبت عبر تاريخها أدواراً سياسية ودينية مهمة، وقد أصبحت أنطاكيا عاصمة للإمبراطورية السلوقية منذ تأسيسها وحتى عام 64 ق. م، وبعدها سيطرت عليها الجمهورية الرومانية من سنة 64 ق. م إلى أن انهارت سنة 27 ق. م، وأصبحت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية من سنة 27 ق. م إلى 395 م ثالث أكبر مدينة في العالم بعد روما والإسكندرية، لتحتلها الإمبراطورية البيزنطية بعد ذلك حتى سنة 637م وتجعلها إحدى أهم مراكزها الثقافية.

 

الموقع والتجارة

 

تحافظ المدينة على مكانتها كعاصمة في زمن الإمبراطورية الرومانية. بسبب موقعها على العديد من طرق التجارة الرئيسية (في المقام الأول تجارة التوابل)، كانت المدينة وسكانها الدوليون بمثابة مركز إستراتيجي واقتصادي وفكري لكل من الإمبراطورية السلوقية وكذلك روما. كانت أهمية المدينة للإمبراطورية الرومانية تنافس في بعض الأحيان أهمية مدينة الإسكندرية الرئيسية في مصر ولعبت أدواراً دينية رائدة، ففيها ظهرت الهلنستية اليهودية، كما تأسست طائفة المؤمنين المسيحيين سنة 42 م، وترقت بها حتى لقبت «مهد المسيحية».

 

يتابع المؤلف تتابع الأحداث التاريخية في أنطاكية مركز الإشعاع الفكري مركزاً على أنها حافظت على عراقتها وحضارتها واستمرارية دورها الحضاري فنقلت الفكر والثقافة والطب والعلم واليونانية إلى العربية.

 

المعالم والأوابد

 

ألقى المؤرخ الضوء على تاريخ المدينة وأهم معالمها وأوابدها كما لم ينس التطرق إلى النقود التي أصدرتها بلدية أنطاكية خلال الأنظمة السياسية التي تعاقبت عليها، وكذلك بعض المخطوطات والكتابات المنقوشة على النصب الحجرية.

 

وأما عن الاقتصاد فيبين الكاتب أن العمود الفقري له هو الزراعة نظراً لوفرة المياه وخصوبة الأرض حيث يتم إنتاج كميات كبيرة من الزيتون والقمح والعنب والخضراوات والقطن كما أنها تعتمد على الصناعات التحويلية لزيت الزيتون وحبوب القطن والصابون، وكذلك السياحة أيضاً فطبيعتها الخلابة ومناخها المتميز كانا عامل جذب للسياح من كل مكان بالإضافة إلى مواقعها الأثرية.

 

أشار الكاتب إلى أن المدينة سحرت قلوب الملوك والأباطرة الفينيقيين والرومان بعمارتها وفسيفسائها التي كانت تزين أرضيات القصور والكنائس والبيوت وحتى الحمامات، كما يضم الكتاب شرحاً مفصلاً لهوية المدينة ومبانيها التاريخية والمباني السكنية أيضاً والفنون والقاعات المختلفة والتفاصيل المعمارية التي تقدم صوراً جميلة عن أساطير مختلفة بالإضافة إلى الألعاب الأولمبية والمسرح وكنائس أنطاكية وأديرتها متضمنة الغرف والأبواب والنوافذ والواجهات.

 

في العالم السياسي

 

كما ضم الكتاب بعد التقسيمات السياسية والاتفاقيات التي عاشتها المنطقة ومن جملتها اتفاقية لندن 1919 بين فرنسا وإنكلترا التي جاء فيها أن تقسم سورية بينهما وتصبح بذلك مدينتا إسكندرون وأنطاكية وحارم وبيلان مجتمعة تحت اسم سنجق إسكندرون، أما في معاهدة 1920 فقد اعترفت الدولة العثمانية بلواء الإسكندرونة وكيليكيا منطقتين عربيتين منفصلتين عن الدولة العثمانية، وفي معاهدة 1921 وهي ما يسمى بـ«أنقرة الأولى» فرضت إدارة خاصة لسنجق إسكندرون وبذلك ازداد عدد الأتراك فيها وتخلت فرنسا عن 18 ألف كم2 من الأراضي السورية لمصلحة تركيا.

 

كما احتوى الكتاب في طياته على بعض الصور التي تظهر تأثر المباني عمرانياً بالطابع الأوروبي زمن الانتداب الفرنسي، وكذلك مخطوطات ورسوم بيانية عن المدينة وكذلك بناء بيت العادلي ودار المسرح والسينما والزخرفة الحجرية الهندسية وبعض الزخارف الفسيفسائية، وفي الختام بطاقة تعريفية عن الكاتب جاء فيها «د. لطفي فؤاد لطفي، مخرج وباحث في تاريخ العمارة وحاصل على دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر وله دراسة في الإعلام والتلفزيون بالإضافة إلى أنه كان مدير الإنتاج التلفزيوني في التلفزيون السوري 1980 وله العديد من الكتب والدراسات البحثية في العمارة والحياة الثقافية والعديد من الأفلام الوثائقية والروائية، كما أنه حائز العديد من الجوائز والتكريمات».

 

 

سيرياهوم نيوز3 _ الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

طرابلس اللبنانية عاصمة الثقافة العربية.. 735 عاما على تحريرها من الإفرنج الصليبيين!.. 

  غسان ريفي     لتاريخ ٢٦ نيسان في طرابلس نكهة خاصة، ففي مثل هذا اليوم تحررت المدينة من الإفرنج الصليبيين في العام 1289، على ...