طالب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء بتحقيق دولي في المقابر الجماعية التي عثر عليها في مجمّع الشفاء ومجمّع ناصر بقطاع غزة، مشدّدا على ضرورة اتّخاذ إجراءات مستقلّة لمواجهة “مناخ الإفلات من العقاب”.
ووصف المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الدمار الذي لحق بمجمّع الشفاء وهو أكبر مستشفى في غزة وبمجمّع ناصر الطبي في خان يونس، ثاني المراكز الاستشفائية الكبيرة في القطاع، بأنه “مروع”، مشدّدا في بيان على الحاجة إلى “تحقيقات مستقلّة وفعّالة وشفّافة” في هذه الوفيات.
وقال “نظرا لسيادة مناخ الإفلات من العقاب، لا بدّ من إشراك محقّقين دوليين في هذا المسار”، مذكّرا بأن “القانون الدولي الإنساني ينصّ على حماية خاصة جدّا للمستشفيات”.
وصرّح فولكر تورك أن “قتل مدنيين ومعتقلين وأفراد آخرين هم +خارج ساحة المعركة+ هو جريمة حرب”.
في المقابل نفى الجيش الإسرائيلي الثلاثاء اتهامات فلسطينية لقواته بدفن مئات الجثث في إحدى باحات مستشفى في قطاع غزة وقال إن “لا أساس لها من الصحة”.
وكان الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة أعلن الثلاثاء إخراج طواقمه نحو 340 جثة يقول إن أصحابها استشهدوا ودفنوا على يد القوات الإسرائيلية في مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.
وقال الجيش إن “الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي دفن جثثا فلسطينية لا أساس له من الصحة”، مع إقراره بفحصه للجثامين التي كانت مدفونة في المنشأة الصحية.
وقال “خلال عملية لجيش الدفاع الإسرائيلي في منطقة مستشفى ناصر وفي إطار الجهود المبذولة لتحديد مكان الرهائن والمفقودين (الإسرائيليين)، تم فحص الجثث التي دفنها الفلسطينيون في منطقة مستشفى ناصر”.
وأضاف “تم إجراء الفحص بعناية وحصرا في الأماكن التي أشارت معلومات استخباراتية إلى احتمال وجود رهائن فيها”.
وأضاف بيان الجيش أن “الجثث التي تم فحصها والتي لا تعود للرهائن الإسرائيليين أعيدت إلى مكانها” بدون تقديم مزيد من التفاصيل.
وكان رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل ثوابتة اتهم الجيش الإسرائيلي بحفر مقابر جماعية في المستشفى.
وقال ثوابتة لوكالة فرانس برس “اكتشفنا مقابر جماعية داخل مجمع ناصر الطبي وتمكنا من انتشال شهداء من المدنيين والاطفال والنساء مدفونين، قتلهم جيش الاحتلال وأعدمهم بدم بارد ومن مسافة صفر، ونتوقع انتشال المزيد خلال اليومين القادمين”.
ولم يقدم الجيش أي توضيح إضافي بشأن المزاعم الفلسطينية بقيام قواته بحفر “مقابر جماعية”.
وشهد محيط مجمع ناصر منتصف شباط/فبراير قتالا عنيفا وحاصرته الدبابات الإسرائيلية في 26 آذار/مارس.
وقال الجيش الثلاثاء إن قواته “نفذت عملية دقيقة وموجهة ضد منظمة حماس الإرهابية في منطقة مستشفى ناصر” في نهاية شباط/فبراير.
وأضاف “تم خلال العملية اعتقال 200 إرهابي كانوا في المستشفى وتم العثور على الأدوية المخصصة للرهائن الإسرائيليين والتي لم تُسلم (لهم) ولم تستخدم وتمت مصادرة كمية كبيرة من الذخيرة”.
وطالت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة العديد من المستشفيات والمرافق الصحية.
ولطالما اتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام المرافق الطبية في قطاع غزة كمراكز قيادة، وأيضا لاحتجاز الرهائن الذين تم خطفهم خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وتنفي حركة حماس هذه المزاعم.
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم نفّذته حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن مقتل 1170 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وخُطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، قضى 34 منهم وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس، وتشنّ عمليات قصف وهجوم بري واسع على قطاع غزة، ما تسبّب باستشهاد 34183 شخصا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
أما مجمّع الشفاء، فقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية في مطلع نيسان/أبريل أن العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة فيه حوّلته إلى “حطام وأطلال” وبات “مخرّبا خاويا مدمرا عن آخره”.
وقد تضرّرت المستشفيات في غزة بشدّة من العملية العسكرية التي شنّتها إسرائيل على القطاع إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وتزعم إسرائيل بأن الحركة الإسلامية تستخدم المستشفيات لشنّ هجمات وحفر أنفاق وإخفاء أسلحة، الأمر الذي تنفيه حماس.
وأفاد مسؤولون في غزة عن انتشال 283 جثّة من بين أنقاض مستشفى ناصر وتسعى المفوضية السامية للأمم المتحدة إلى التحقّق من العدد.
وقالت الناطقة باسم المفوضية الأممية رافينا شامدساني خلال مؤتمر صحافي إن جثث “الضحايا طمرت عميقا في الأرض وغطّيت بالمخلّفات”، مشيرة إلى العثور على جثث لكبار في السنّ ونساء ومصابين وكان بعض الضحايا “مكبّلي الأيدي وبلا ملابس”.
وصرّحت “ليس في وسعنا حتّى الساعة تأكيد الأرقام الدقيقة” لمن قتلوا في المجمّعين، “لذا نشدّد على ضرورة إجراء تحقيقات دولية”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم