الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » الإعلام الجزائري بين السلبية والإيجابية في معالجة القضايا الوطنية والدولية

الإعلام الجزائري بين السلبية والإيجابية في معالجة القضايا الوطنية والدولية

وجيدة حافي

“بلماضي” رحل دون فسخ العقد، “بلماضي” رفض الإستقالة دون أخذ كل حقوقه المالية، “بلماضي” فشل في التأهل للأدوار المُتقدمة، وغيرها من العناوين الرياضية التي بتنا نسمعها ونقرأها في الإعلام الجزائري الذي وضع كل المواضيع جانبا في الأيام القليلة الماضية، وركز على فشل المُنتخب وعدم صعوده للأدوار المُتقدمة من بطولة كأس إفريقيا في ساحل العاج، وكأننا صفر مشاكل وبلدنا لا ينقصه إلا التتويج بالكأس الإفريقية، ففعلا ما بات يُعرض على بعض القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة والعامة مُقرف ويدعوا للخجل والمُراقبة الفورية، فالجزائر ليست رياضة وفقط، هي دولة بمساحة تُقدر ب  2,381,741 كيلومتر مربع، وكثافة سُكانية تبلغ  44 مليون نسمة، لها من التحديات والمواجهات ما يكفيها وخاصة على حُدودها المُشتعلة والمُلتهبة والقابلة للحرب في أي لحظة، إقتصادها ليس بالقوي وتعمل جاهدة لتطويره والخروج من الأزمات الناتجة عن الحروب هنا وهناك، هي ليست مُباراة إنتهت بمجرد إعلان الحكم صفارة النهاية، الجزائر يا سادة أكبر من هذا، وصورتها التي شُوهت بفضل بعض أشباه الإعلاميين والمناصرين الذين لا يُمثلون إلا أنفسهم تكفي لنضع نُقطة النهاية لموضوع لا يتطلب كل تلك التحليلات والآراء التي شاهدناها وسمعناها، فالجميع في لحظة أصبح محلل ورياضي، ويُطلق أحكام ويتفلسف على طريقته حول قضية لا تتطلب كل هذا، “فبلماضي” ولاعبيه لم يكونوا في المُستوى الذهني والتكتيكي، وطريقة لعبهم بالفعل كانت مُستفزة وحارقة للأعصاب وخاصة أن كل الظُروف كانت مُهيأة وجاهزة، لكن هذا لا يعني نهاية العالم والدخول في صراعات نحن بغنى عنها، فبلد المليون والنصف مليون شهيد مازال أمامه الكثير للبر إلى بر الأمان، لذا كفوا عن نشر الفتن وعوض هدر الوقت في قضايا لا تُسمن ولا تُغني من جوع، لما لا نلتفت لمواضيع رياضية أكثر جدية، كَضُعف البطولة والمبالغ المالية التي يتقاضاها اللاعبون الجزائريون، قضية الرشاوي والإختلاسات في البُطولة الوطنية، الكولسة في الهيئات الإفريقية، هذا ما يجب تسليط الضوء عليه ومُناقشته بجدية مع حلول واقعية لا كلام وثرثرة في البلاتوهات.

أما عن القنوات المُتخصصة في الشؤون السياسية والعامة فالرئيس ليس الحدث الرئيسي طول النشرة الإخبارية أو الحصة السياسية، هناك من يجب الإلتفات إليه ومُناقشة وضعيته الصعبة وفي كل المجالات، نعم يا سادة إنه المُواطن البسيط الشهار الذي أنهكته القفة والغلاء، الشباب المُثقف البطال الذي يدرس ولا يجد منصبا عملا لائق به في النهاية بسبب البيروقراطية وشُح المناصب، المرأة التي أصبحت في يد اللي يسوا واللي ما يسوا بسبب المواقع الإجتماعية ولقب المُؤثرة، الطفل وحُقوقه المسلوبة وخروجه للعمل من أجل عائلته، وغيرها من المواضيع المُهمة لنا كبلد أنهكته الصراعات والمشاكل، أما أن يُخصص للرئيس والجيش حيز كبير من البرامج لإظهار أن كل شيء على ما يُرام فهذا ما  لا نقبله كمواطنين ملوا من هذه المُمارسات والشيتة من عشرين سنة ماضية، فالإعلام يا جماعة رسالة نبيلة ومُقدسة، نستعمله وقت الحُروب والأزمات للدفاع عن قضية ما، كما يحدث الآن في فلسطين الجريحة، للدفاع عن أنفسنا وبلادنا أمام الآخر الذي يُريد إستفزازنا والحط من كرامتنا عن طريق إعلامه الكاذب، للخروج للشارع وإعطاء الصورة الحقيقية لوضع والبلاد، لإظهار قُدرات البلاد السياسية والإقتصادية والعسكرية، لكن دون مُبالغة وتهويل، لإنجازات رئيس البلاد وأهم قراراته، لكن رجاء ليس بالطريقة التي نراها ونسمعها كل يوم من خلال إعلامنا في مُختلف المجالات والتخصصات، هذا هو دور الإعلام الجزائري بمختلف أنواعه وتوجهاته، لكن على ما يبدو أن ريمة رجعت لعادتها القديمة وبات إعلامنا مُتخصصا فقط في الرئيس أو المدرب كما شاهدنا وسمعنا منذ فشلنا في الوصول للمربع الذهبي.

فالصحافة كلمة والكلمة تُحي وتُميت، ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة، والإعلام الذي لا يُفيد ويُهدد الأمن القومي والعلاقات بين الدول، ولا يخدم المُواطن وحاجيته فلا حاجة إليه في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العالم أجمع.

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

3 منح دراسية لطلبة «الإعلام» من الجامعة الأميركية في الإمارات … عميدة كلية الإعلام لـ«الوطن»: الطلبة السوريون يبرهنون على جدارتهم ومهاراتهم في معظم المشاركات الخارجية

  | فادي بك الشريف     أكدت عميدة كلية الإعلام في جامعة دمشق د. بارعة شقير أن الطلاب المشاركين في مبادرة «الأمل» في العاصمة ...