آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الاستراتيجيّة الدفاعيّة بين الممكن والمستحيل..

الاستراتيجيّة الدفاعيّة بين الممكن والمستحيل..

| نبيه البرجي

 

لا أحد غيرنا يتسول رئيساً للجمهورية في هذا البلاط أو في ذاك البلاط. ساستنا، وقد احترفوا هز البطن وهز الأرداف، ما زالوا يتغنون بالسيادة وبـ «السياديون».

 

هيفاء وهبي تريد رئيسأً يليق بلبنان وباللبنانيين. هكذا قالت. يا هيفاء العزيزة، من تراه يليق بلبنان واللبنانيين؟ ماذا لو ردت… ممّ أشكو أنا؟؟

 

الفرنسيون طرحوا أسئلة ديكارتية، أي اسئلة تعجيزية. السعوديون سألوا «أما من فندق «ريتز» عندكم»؟ يريدون رئيساً يعلق ناهبي المال العام بأقدامهم. يا صاحب السمو، نحن الرعايا المعلقون بأقدامنا في الجحيم…

ماضون في هز البطن وفي هز الأرداف. منذ الاستقلال ولبنان يدار كمستعمرة (للجميع)، أو كمغارة لا كدولة. الآن، بالنفاق اياه، وبالشقاق (المفتعل) اياه، يضعون مواصفات رئاسية لا تنطبق الا على رجال مثل ديغول أو اديناور أو ايرهارد. أين رجالنا من هؤلاء الرجال؟

فات هؤلاء أننا لسنا في نظام رئاسي. حتى التشكيل التوتاليتاري للسلطة عندنا يكاد يكون غرائبياً. هنا البلد لا يدور حول رأس واحد. نظام الميدوزا، الكائن الخرافي الذي تنبعث منه رؤوس الأفاعي.

 

الكل يتحدثون عن الاستراتيجية الدفاعية، كمصطلح ضبابي وفضفاض، ما دمنا لم نلاحظ أن أحداً تقدم بتصور ما حول هذه الاستراتيجية. على طريقة «السيادة» فقاعة لغوية لا أكثر ولا أقل.

في دولة طبيعية ـ لا في دولة هجينة ـ من الطبيعي ألاً يكون هناك سلاح شرعي غير سلاح الدولة، وألاّ يستخدم أي سلاح بيد فئة ما، أو طائفة ما للضغط السياسي. ولقد كنا

 

ولا نزال ندعو الى أن تبقى المقاومة خارج اللعبة (وخارج المنظومة) السياسية بالفساد الذي ضج به العالم. «الفاينشال تايمز» تسأءلت ما اذا كان الفساد عندنا حالة ايديولوجية أم حالة بيولوجوجية…

لا تتصور أن لعبة المصالح ولعبة الأسواق، تريد سقوط الطبقة السياسية الراهنة، بالرغم من اهترائها. بقاؤها ضرورة استراتيجية لابقاء لبنان حلبة لصراع المصالح ولصراع الأسواق. تحديداً صراع المافيات !

كيف للقوى السياسية التي لا تتفق على انشاء مكبات للنفايات، أو لانشاء السدود على الأنهار، أو لانشاء معامل للكهرباء، أن تتفق على اطار محدد للاستراتيجية الدفاعية حين يكون هناك من يرى في «اسرائيل»، بسياساتها الهمجية وبجنونها الايديولوجي، بوابة الخلاص للبنان. العرب من يغتصبون أرضها وتاريخها.

 

حملة السلاح غير الشرعي (في دولة شرعية ؟) هم من قتل آباؤهم، وقتلت أمهاتهم، وأبناء قراهم ومدنهم، وأحرقت حقولهم، واعتقلوا وعذبوا بأقصى الوسائل البربرية بيد الاحتلال. ألم تكن الدولة من شرّعت أبوابها أمام ياسرعرفات (وما أدراك ما ياسر عرفات!)، ثم أمام آريل شارون؟

السلاح الذي نرفض أن يكون اداة ايرانية يحمله لبنانيون للدفاع عن لبنان. ألم تستعن دول عربية أخرى بقوات أجنبية لحمايتها؟ هؤلاء لبنانيون، من هذا التراب، وهم أهل التراب.

واذا اعتبر البعض أن هذا السلاح سبب في تردي العلاقات مع المحيط العربي، فالواضح أن المنطقة، وفي ضوء اتفاق بكين، لا بد أن يزيل أي هاجس أو أي اعتراض، دون أن يعني ذلك ابقاء العلاقة ملتبسة بين الدولة والمقاومة. ولتكن استراتيجية دفاعية تحدد الضوابط، وآليات التنسيق، لتطمئن سائر الأطراف الى أن السلاح بعيد كلياً عن الحلبة السياسية، وعن اللعبة السياسية.

مفهومان ورؤيتان للسلاح. الاستراتيجية الدفاعية تكون مستحيلة حين يدعو فريق، وفي سياق التعبئة السياسية والطائفية، الى ازالة السلاح، وتكون ممكنة اذا تم التفاهم على بلورة رؤية موحدة تحصر مهمة السلاح في الدفاع عن لبنان اذا تعرض لأي خطر من أي نوع كان، وأياً كان مصدره…

 

لا معنى لأي كلام حول تعهد المرشح لرئاسة الجمهورية بالصلاحيات الملتبسة والظروف الملتبسة، بصياغة استراتيجية دفاعية. كفانا سياسات بهلوانية، ولنقرأ بتؤدة المشهد الداخلي والمشهد الاقليمي والمشهد الدولي. تصنيع صاحب الفخامة ليس من صلاحياتنا، وقد تخلينا عنها، ولنكمل جولتنا بين هذا البلاط وذاك البلاط…

(سيرياهوم نيوز3-الديار)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الموقفُ الأمريكي من العمليةِ على رفح..!

  كتب د. مختار يسعى كيا.نُ الاحتلالِ والولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ إلى تجزئةِ الملفاتِ فيما يخصُّ العدوانَ المتواصلَ على غ.زّ.ةَ، فالكيا.نُ لايريدُ إنهاءَ الحر.بِ من دونِ ...